"أنقذوا جوليان أسانج". مطالَبةٌ أطلقتها مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، بعد أن دقت ناقوس الخطر بشأن ما يتعرض له مؤسس منظمة ويكيليكس، الصحفي جوليان أسانج، داخل معتقله في بريطانيا، من ضغط وتعذيب.
دقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ناقوس الخطر بشأن ما يتعرض له جوليان أسانج من ضغط وتعذيب في المعتقل
وفي نيسان/أبريل الماضي، اعتقلت السلطات البريطانية، جوليان أسانج، بعد أن ألغت الإكوادور حق اللجوء السياسي له في سفارتها بلندن، التي ظل مقيمًا فيها لسبع سنين.
اقرأ/ي أيضًا: ماذا قال 5 من أصدقاء أسانج عن اعتقاله؟
وكشفت الهيئة المزرية لأسانج، أثناء مثوله أمام المحكمة في 21 تشرين الأول/أكتوبر المنصرم، والصعوبة التي كان يتحدث بها؛ طبيعة وضعية اعتقاله، ليأتي تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان، مؤكدًا على أنه "يواجه الخطر".
المبعوث الأممي يحذر
وفي التقرير الصادر يوم الجمعة الماضي، الأول من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، حذرت الأمم المتحدة على لسان مبعوثها والمحقق في قضايا التعذيب، نيلز ميلزر، من التدهور الخطير الذي تعرفه صحة جوليان أسانج الموضوع رهن الاعتقال منذ نيسان/أبريل الماضي، والذي يضع حياته الآن على المحك.
نيلز ميلزر، وفريقه الطبي الذي عاين أسانج ووقف على حالته الصحية، أكد أن "كل الأعراض تشير إلى تعرضه المطول للضغط والتعذيب النفسي"، مشيرًا إلى "استهتار السلطات البريطانية الصريح بالحقوق الشخصية والسلامة الذاتية للمعتقل"، ليخلص إلى أن هذا "قد يؤدي إلى فقدانه الحياة"!
من جانبها رفضت بريطانيا ما جاء في التقرير الحقوقي الأممي، ضاربة عرض الحائط بتوصيات المبعوث الأممي، بل بالتمادي في تكريس نفس الظروف المزرية المُحتجز فيها أسانج، والتي وصفها التقرير: "حجز انفرادي وحرمات من الزيارة، وضغوط أمنية مسلطة على أسانج، لا تبررها حالة الاعتقال المتابع فيها"، بالإشارة إلى اعتقاله تعسفيًا في بريطانيا، دون توجيه تهم له بعد أن قضى فترة العقوبة عن تهمة "انتهاك شروط الكفالة البريطانية عام 2012"، فضلًا عن حرمانه من لقاء فريق الدفاع عنه.
وبما يتعرض له أسانج في المعتقل، تخرق السلطات البريطانية القانون الدولي، كما أشار تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان، والذي جاء فيه: "بالرغم من الخطر المحدق بأسانج، لم تتخذ السلطات البريطانية أي إجراء لرفع الضرر، والتحقيق فيما حصل معه، كما ينص القانون الدولي".
كما يبدو أيضًا أن "الانتقام" حاضر فيما يتعرض له أسانج، الأمر الذي أشار إليه المبعوث الأممي، نيلز متلزر، صراحةً بقوله: "يبدو لي أن هذه القضية لا تتعلق بإدانة أو براءة جوليان أسانج، وإنما هي انتقام منه لفضحه جرائم حكومية خطيرة، بما في ذلك المتعلقة بالحرب والفساد".
لافتًا في نفس التقرير إلى أنه في الوقت الذي تتهم فيه السلطات الأمريكية، بنشر معلومات خطيرة بما يهدد الأمن القومي، لم تتخذ أي إجراء بحق المتهمين في القضايا التي كشفها أسانج! "الاستمرار فيما يتعرض له أسانج من تعسف وسوء معاملة، قد يؤدي به إلى الموت"، يشدد المبعوث الأممي في ختام تقريره.
صورة عما تبقى من جوليان أسانج
ليس التقرير المذكور الوحيد في دق ناقوس الخطر حول السلامة الذاتية لجوليان أسانج، فلم يزل المهتمون بالقضية، يحذرون من الضرر الذي يتعرض له أسانج في معتقله، في وقت لا توجد فيه صور حديثة له، إلا من تسجيل مرئي نشرته إحدى وكالات الأنباء في تموز/يوليو الماضي.
وفي ظهوره للعلن أول مرة منذ اعتقاله، في جلسة محاكمة بلندن منع خلالها التصوير، بدا جوليان أسانج خائر القوى، فاقد الوزن، وفي حالة صحية مزرية، كما نقل كريغ موراي، الناشط الحقوقي البريطاني وصديق أسانج، الذي حضر المحاكمة ناقلًا أطوارها على مدونته الشخصية.
"لقد صدمت بمقدار الوزن الذي فقده صديقي، وشعر رأسه الذي اختفى بهذه السرعة، ووجهه الذي استجدت فيه التجاعيد وعلامات الشيخوخة المبكرة البادية على هيأته. داخلًا القاعة يعرج بجسد فقد 15 كغم في ستة أشهر"، يقول كريغ موراي.
وأضاف: "لكن مظهره الخارجي ليس بقدر صدمة تدهور قدراته العقلية، فعندما طلب منه نطق اسمه وسنه جاهد طويلًا لينطق تلك الكلمات المتقطعة، وأثناء الاستجواب كان تمسكه بخيط الأفكار جهادًا من نوع آخر".
من هذه الملاحظات، وعبر ربطها بما عاينه إثر حضوره محاكمات عديدة في سيراليون وأوزبكستان، يخلص الديبلوماسي البريطاني السابق كريغ موراي، إلى أن بروفايل صديقه أسانج يتطابق تمامًا وضحايا التعذيب، وتظهر أعراض ضغط نفسي وجسدي صارخة عليه، ما يؤكد ذات الفرضية.
يبدو أن الانتقام حاضر فيما يتعرض له أسانج، كما أشار المبعوث الأممي صراحة: "قضية أسانج انتقام منه لفضح جرائم حكومية خطيرة"
وفي المقابل، "يبقى المجرمون الفعليون الذين فضحتهم تسريبات أسانج، أحرارًا طلقاء، يستمرون في تنفيذ ذات الجرائم تحت حماية دولية"، على حد قول المبعوث الأممي نيلز ميلزر.
اقرأ/ي أيضًا:
جوليان آسانج معتقلًا في لندن.. مرحبًا في "مزرعة الأخ الأكبر"