في تاريخ نهائيات كأس العالم الممتد من أول نسخة في الأوروغواي عام 1930، وإلى غاية مونديال قطر 2022 القادم، تُعد البرازيل الدولة الوحيدة التي لم تغِب شمسها عن العرس الكروي الكبير، والمرشحة الدائمة لنيل اللقب مهما كانت الظروف التي مرت بها، وفي أي مكان تحط فيه أقدام لاعبيها.
وخلال النسخ الـ 21 السابقة، شهدت البطولة تتويج البرازيل بخمسة كؤوس وهو الرقم القياسي الذي سيحاول "السيليساو" تعزيزه في مشاركته الـ 22، وإنهاء 20 عامًا من الغياب عن منصات التتويج المونديالية، حيث كان مونديال كوريا الجنوبية واليابان الشاهد الأخير على حصد المنتخب البرازيلي للذهب العالمي.
البرازيل قدمت الكثير من النجوم الذين لمعوا في سماء الساحرة المستديرة، أبرزهم إدسون أرانتيس دو ناسيمنتو "بيليه"، المتوج بكأس العالم 3 مرات، والهداف التاريخي "لراقصي السامبا" بـ 77 هدافًا، وهناك أيضًا عديد الأسماء اللامعة أمثال، ماريو زاغالو، زيكو، سقراط، روماريو، ورونالدو نازاريو، ريفالدو، كافو، روبيرتو كارلوس، كاكا ورونالدينيو.
قطع المنتخب البرازيلي تذكرته كأول المتأهلين من القارة اللاتينية إلى مونديال قطر 2022، ووضعته القرعة في المجموعة السابعة إلى جانب منتخبات سويسرا وصربيا والكاميرون.
تأهل مُبكر
لم تواجه المنتخب البرازيلي صعوبات كبيرة تذكر خلال مشواره في التصفيات، واستطاع حسم التأهل قبل خمس جولات من النهاية، تحديدًا عقب الفوز على كولومبيا بهدف لوكاس باكيتا في مباراة أقيمت على استاد "كورينثيانز أرينا" في ساو باولو لحساب الجولة 13. حيث تصدرت البرازيل ترتيب بـ 45 نقطة، حقق فيها 14 فوزًا و3 تعادلات، عدد غير مسبوق من النقاط رغم أنها تمتلك والأرجنتين مباراة زائدة تم إلغاؤها بعد انتهاء التصفيات بقرار من الاتحاد الدولي لكرة القدم بموافقة جميع الأطراف.
تاريخ مونديالي عظيم
تمتلك البرازيل تاريخ عظيم في بطولة كأس العالم كتبت أول أسطره في مونديال السويد 1958، حينما حققت أول ألقابها بالفوز على البلد المستضيف بخمسة أهداف لاثنين في النهائي الذي أقيم على ملعب "روسوندا" في مدينة سولنا.
تلك النسخة شهدت ميلاد الأسطورة بيليه الذي وضع نفسه كأحد أفضل اللاعبين وقتها بتسجيله ثلاثية في نصف النهائي ضد فرنسا، وثنائية في المباراة النهائية وهو بعمر الـ 17 عاما.
البرازيل انتصرت في نهائي مونديال تشيلي 1962 على تشيكوسلوفاكيا بثلاثة أهداف لواحد، لتحصد لقبها الثاني وتتعادل مع إيطاليا التي سبق لها أن رفعت الكأس العالمية في مونديالي 1934 و 1938.
في نهائي مونديال المكسيك 1970 واجهت البرازيل نظيرتها إيطاليا وتغلبت عليها بأربعة أهداف لواحد، لتتوج بلقبها العالمي الثالث، وتحتفظ بكأس "جول ريميه" بصفة نهائية حارمة بذلك الطليان من تحقيق هذا الإنجاز.
المرة الرابعة التي تمكن فيها "السيليساو" من الحصول على كانت في مونديال الولايات المتحدة الأمريكية 1994 على حساب إيطاليا أيضًا، وذلك بعد اللجوء إلى ركلات الترجيح في نهائي انتهى وقته الأصلي والإضافي بالتعادل بدون أهداف.
أما اللقب الخامس فقد أتى في مونديال كوريا الجنوبية واليابان عام 2022 عندما تغلب "راقصي السامبا" على منتخب ألمانيا بهدفي الظاهرة رونالدو.
المنتخب البرازيلي نال الوصافة على أرضه في نسخة 1950 خلف الأوروغواي، وفي 1998 حين خسر النهائي أمام فرنسا مستضيفة البطولة، وحقق المركز الثالث في مونديالي 1938 و 1978، وحل رابعًا أيضًا في مناسبتين عامي 1974 و2014.
ووصلت البرازيل إلى الدور ربع النهائي في 5 مرات (1954، 1986، 2006، 2010)، وودعت البطولة من الدور الثاني في مناسبتين (1982، 1990)، بينما خرجت من الدور الأول 3 مرات أعوام 1930 و 1938 و1966. خاض المنتخب البرازيلي 109 مباراة في البطولة فاز بـ 73 وتعادل في 18 وخسر 18، وطوال تاريخه سجل "السليساو" 229 هدفًا واهتزت شباكه بـ 105 هدفًا.
مرشح فوق العادة
يدخل منتخب البرازيل مونديال قطر 2022 وهو المرشح الأقوى للظفر باللقب، نظرًا للحافز الكبير لدى نجوم "السيليساو" لإنهاء 20 عامًا من الجفاف الكروي على مستوى بطولة كأس العالم.
وتضم تشكيلة منتخب البرازيل حاليًا أسماء كبيرة تلعب في مختلف المراكز في أقوى الدوريات الأوروبية، على رأسهم نيمار دا سيلفا مهاجم باريس سان جيرمان، و فينيسيوس جونيور ورودريغو الجناحين المتميزين في ريال مدريد، وفي خط الهجوم يوجد أيضًا رافينيا لاعب برشلونة، وأنتوني في مانشستر يونايتد.
وهناك في خط الوسط كل من، كاسيميرو نجم الريال السابق واليونايتد الحالي، وفابينيو من ليفربول، وفيليب كوتينيو من أستون فيلا، ولوكاس باكيتا من ليون، وبرونو غيماريش من نيوكاسل يونايتد، ودوغلاس لويز من أستون فيلا.
وعلى مستوى خط الدفاع تمتلك البرازيل عديد الخيارات المميزة مثل إيدر ميليتاو لاعب الريال، وماركينيوس قائد سان جيرمان، وثلاثي يوفنتوس جيلسون بريمير ودانيلو وأليكس ساندرو، والمخضرم تياغو سيلفا لاعب تشيلسي، إضافة إلى أليسون بيكر وإيدرسون، حارسي مرمى ليفربول ومانشستر سيتي على التوالي، واللذان يُعدان من الأفضل على الساحة العالمية.
إضافة للرصيد البشري يتميز المنتخب البرازيلي بالانسجام والاستقرار الفني تحت إشراف المدرب أدينور ليوناردو باتشي "تيتي" الذي تولى مهامه في 16 حزيران/يونيو من عام 2016 عقب إقالة كارلوس دونغا بسبب الإقصاء من الدور الأول لكوبا أمريكا 2016.
احتاج تيتي فترة قصيرة من الزمن قبل أن يُعيد للمنتخب البرازيل مستواه الذي تراجع في فترة خلفه دونغا، وكان "السيليساو" معه قوة ضاربة وضعها الكثيرون في مقدمة المنتخبات المرشحة لنيل لقب مونديال روسيا 2018، غير أن الصدمة حدثت وودعت البرازيل البطولة في الدور ربع النهائي بعد الهزيمة المفاجئة أمام بلجيكا بهدفين لهدف. فيما بعد، قاد تيتي البرازيل للفوز بكأس كوبا أمريكا 2019 قبل أن يخسر اللقب أمام الأرجنتين في 2021 بهدف وحيد أحرزه أنخل دي ماريا.
تحتل البرازيل المركز الأول في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم منذ آذار/مارس الماضي، الأمر الذي يُثير قلق عشاقها وجماهيرها بشكل كبير، حيث شارك منتخب "السامبا" وهو في صدارة ترتيب "فيفا" في ثلاث نسخ كأس عالم، أعوام 1998 بفرنسا و2006 بألمانيا و2010 بجنوب إفريقيا، ولكنه فشل في تحقيق اللقب في المناسبات الثلاث. وليست البرازيل فقط من لازمها سوء الحظ هذا، فهناك ألمانيا وفرنسا وإسبانيا أيضًا واجهوا العقدة نفسها خلال مشاركتهم في النهائيات وهم في أعلى تصنيف "فيفا".
البرازيل تُشارك في مونديال قطر بحصيلة إيجابية أمام خصومها في النهائيات العالمية، إذ واجه "السيليساو" منتخب صربيا في النسخة السابقة بدور المجموعات وفاز عليه بهدفين نظيفين، وأمام الكاميرون انتصر بثلاثية نظيفة في مونديال عام 1994، وبأربعة أهداف لواحد في مونديال 2014. وواجهت البرازيل نظيرتها سويسرا في مناسبتين انتهت كليهما بالتعادل، (1ـ1) في مونديال روسيا 2018، و(2ـ2) على أرضها في نسخة 1950.
ويلعب المنتخب البرازيلي مباراته الأولى في يوم 24 تشرين الثاني/نوفمبر ضد نظيره الصربي، وبعد ذلك يواجه "راقصي السامبا" سويسرا بالجولة الثانية يوم 28 من الشهر نفسه، ثم الكاميرون يوم 2 كانون الأول/ديسمبر التالي.