التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، لم يمنع الإمارات من الإمعان في التعذيب وكل ما يتعلق بانتهاك حقوق الإنسان، سواءً بحق مواطنيها أو حتى الرعايا الأجانب. ورغم استمرار الانتقاد الدولي للأوضاع الحقوقية في البلاد، إلا أن السلطات الإماراتية تبدو غير عابئة بذلك، وقد غضت الدول الكبرى، الطرف عن هذه الجرائم، مقابل الحفاظ على علاقات تجارية وثيقة مع الدولة التي تتصدر العالم في الاعتقالات السياسية. موقع "ميدل إيست آي" قام بتغطية مؤتمر لعدد من ضحايا التعذيب في الإمارات من غير الإماراتيين، في تقرير ننقله لكم مترجمًا بتصرف في السطور التالية.
انتقدت الأمم المتحدة، دولة الإمارات العربية المتحدة، بسبب سجلاتها الخاصة بحقوق الإنسان، قبل اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، قبل نحو أسبوع.
تعرضت الإمارات للانتقاد مرة أُخرى من قبل الأمم المتحدة بسبب سجلاتها الطويلة في انتهاكات حقوق الإنسان
وقال رعايا أجانب، زعموا أنهم تعرضوا للتعذيب في الإمارات، إنه كان بإمكان بلادهم أن تفعل المزيد لمساعدتهم. فيما اتهم محتجز سابق بريطانيا، بأنها تعطي الأولوية للصفقات التجارية على جرائم التعذيب.
اقرأ/ي أيضًا: الأمم المتحدة تدين انتهاكات أبوظبي بالداخل وتتجاهل جرائمها بالخارج
وقد تحدث كل من ناجي حمدان وهو مواطن أمريكي، وديفيد هاي وهو مواطن بريطاني، والمدير السابق لنادي ليدز يونايتد لكرة القدم، في حلقة نقاش عقدت في "نادي الصحافة بجنيف - Geneva Press Club"، في سويسرا، ومعهما الطبيب القطري محمود الجيدة، واللاجئ الفلسطيني خالد محمد أحمد، واللذان قالا أيضًا إنهما تعرضا للتعذيب في دولة الإمارات.
ووصف الرجال الأربعة، الذين اجتمعوا للمرة الأولى، التفاصيل الدقيقة لحالات الاغتصاب والصعق بالكهرباء والحرمان من النوم، قبل أيام من إجراء فحص دقيق لسجل حقوق الإنسان في دولة الإمارات من قِبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف.
وانتقدت الأمم المتحدة الإماراتَ في تقرير صدر قبل نحو أسبوعين، بسبب سجلاتها الخاصة بحقوق الإنسان، مُشيرةً إلى جرائم "مكافحة الإرهاب" الغامضة التي يُعاقب مرتكبوها بالإعدام، وتشديد الرقابة واحتجاز نشطاء حقوق الإنسان.
وقد ألقت عناصر أجهزة الاستخبارات السرية بالإمارات، القبض على ناجي حمدان من منزله في العاصمة أبوظبي عام 2008، واحتجزته في مكان مجهول في غرفة شديدة البرودة تحت الأرض، حيث تعرض للضرب المبرح على أيدي ضباط أجهزة الاستخبارات.
ووفقًا لما ذكره ناجي حمدان، استمرت الاستجوابات على مدى 89 يومًا، وكانت في بعض الأحيان تصل إلى 13 ساعة في كل مرة، وغالبًا ما كانت تحدث بينما هو مقيد في كرسي كهربائي لم يكن مريحًا حتى في حالة عدم تشغيله، لدرجة أنه كان يسبب الخدر لجسده في غضون دقائق. وفي حالة لم يتجاوب مع التحقيق بردود مُرضية للمحققين، فإنه كان يتلقى ضربات متكررة على رأسه تجعله يفقد الوعي.
وكان المحققون يهددون ناجي حمدان بالانتقام من زوجته في حال لم يعترف بارتكابه جرائم الإرهاب المزعومة الموجه إليه، ما أجبره على التوقيع على وثائق تتضمن معلومات من شأنها أن تُثبت التهمة عليه، مُوضحًا أنّه وصل لدرجة من التعذيب والتهديد لدرجة أنهم إذا ما كانوا قد أحضروا له جثة وطلبوا منه التوقيع على اعتراف بأنه من قتلها، لكان قد فعل!
رغم أن الإمارات من بين الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، إلا أن انتهاكاتها لحقوق الإنسان مستمرة بلا توقف
ناجي حمدان الذي يحمل الجنسية الأمريكية، أكّد على أنه لم يتلق دعمًا من الحكومة الأمريكية، باستثناء زيارات المحامي الأمريكي: "موقف الحكومة الأمريكية كان عديم القيمة"، على حد تعبيره. هذا ويقول محامون تابعون لمنظمة "الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية"، إنّ ناجي حمدان تعرض للتعذيب في الإمارات بالإنابة، بإيعاز من السلطات الأمريكية!
اقرأ/ي أيضًا: الوجه الحقيقي لبلاد وزارة السعادة.. تمييز عنصري رسمي وممنهج تفرضه أبوظبي
من جانبه، قال ديفيد هاي المواطن البريطاني، والمدير الإداري السابق لنادي ليدز يونايتد لكرة القدم، إنه سافر من بريطانيا إلى دبي في عام 2014، لتسوية خلافات في العمل مع مالكي النادي المُقيمين في دبي، وخلال تلك الفترة اقترب منه ضابط شرطة ووضعه رهن الاحتجاز. "لم يكن لدي أي فكرة بأن ما كان يُفترض أن يكون صفقة عمل مُباشرة ستدمر حياتي"، يقول ديفيد هاي، مُضيفًا: "ظننت أنني ذاهب إلى دبي للقاء أصحاب النادي الإماراتيين، وتسوية الخلاف معهم، لكنني سُجنت كجزء من فخ مُدبر".
وصرح ديفيد هاي بأن خاطفيه أبلغوه تهديدًا: "نحن نقتل البريطانيين هنا". مشيرًا إلى تعرضه للصعق بالكهرباء والاغتصاب، ولانتهاكات خطيرة للغاية، لدرجة أنه أدخل إلى المستشفى لسبعة أشهر بعد إطلاق سراحه حتى يتماثل للشفاء من آثار الاعتداءات عليه.
وقد اتَّخَذَ ديفيد هاي منذ ذلك الحين إجراءات قانونية ضد دولة الإمارات، بما في ذلك تقديم شكاوى ضدها أمام شرطة العاصمة في لندن. وقال إن قضيته وقضايا الآخرين بمن فيهم البريطاني أحمد زيدان، الذي لا يزال محتجزًا من قِبل الإمارات، لم تؤخذ على محمل الجد "بسبب الأولويات التجارية".
قال ديفيد هاي: "بصفتي مواطنًا بريطانيًا، أتوقع المزيد من بلدي، وبصفتي إنسانًا، أتوقع المزيد من المجتمع الدولي، وقد أطلعت المحاكم الإنجليزية والإماراتية والأمم المتحدة ووزارة الخارجية البريطانية على ما حدث لي".
وأضاف ديفيد هاي: "أين هي إذن الإدانة العلنية من من بريطانيا والولايات المتحدة، ومن الجهات المعنية الأخرى؟ ولماذا تعتقد المؤسسات والشركات القانونية أنه من المقبول إساءة استخدام الأهوال الناجمة عن النظام القانوني والسجون في دولة الإمارات على أنه ليس أكثر من سجن اعتباري؟!"، مُؤكدًا على أن ذلك "أشبه ما يكون بإعطاء الأولوية للأعمال التجارية على مواجهة جرائم التعذيب".
هذا وقد أشارت الأمم المتحدة بالفعل إلى إساءة معاملة الإمارات للمعتقلين، رغم أن الإمارات هي إحدى الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.
حذّر محامي حقوقي دولي، من تجاهل دول غربية كبريطانيا، لانتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات، لصالح الأعمال التجارية
وقد حذّر توبي كادمان، المحامي الحقوقي الدولي، الموكل عن ديفيد هاي، من تجاهل الدول لانتهاكات حقوق الإنسان لصالح الأعمال التجارية، مشيرًا إلى أنّ الحكومة البريطانية عقدت عددًا من الاتفاقيات التجارية مع دولة الإمارات، وبعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فيُخشى أن يكون تطوير العلاقات التجارية مع دولة كالإمارات أكثر أهمية من الدعوة للإصلاح واحترام حقوق الإنسان".
اقرأ/ي أيضًا:
الإمارات تتصدر العالم في الاعتقالات السياسية.. والحجة "مكافحة الإرهاب"!