يعيد الديمقراطيون إحياء جهودهم لإغلاق معتقل خليج غوانتنامو سيئ السمعة، لكن تلك الجهود تصطدم بمعركة شاقة في الكونغرس حيث يتعامل معها الجمهوريون على أنها محاولات محكوم عليها بالفشل.
يعيد الديمقراطيون إحياء جهودهم لإغلاق معتقل خليج غوانتنامو سيئ السمعة، لكن تلك الجهود تصطدم بمعركة شاقة في الكونغرس
ووفقًا لصحيفة "The Hill" الأمريكية، تقدم الديمقراطيون في الكونغرس الشهر الماضي بتشريع يسعى إلى إغلاق معتقل غوانتنامو في كوبا كجزء من "مشروع قانون سنوي أكبر للإنفاق الدفاعي"، ومن المتوقع أن يطرح للتصويت في المجلس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون في الأسابيع المقبلة. ولتمرير مشروع قانون للإنفاق الدفاعي يحتاج الأمر لدعم الجمهوريين، وهذه الخطوة تلقى معارضة شديدة من طرفهم.
ونقلت الصحيفة عن نواب جمهوريين قولهم إنهم "لن يدعموا إغلاق المنشأة"، وأنهم "متأكدون من أن هذا لن يحدث". على سبيل المثال، يقول السيناتور الجمهوري جيمس إينهوف العضو في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ: "أنا متأكد من أن ذلك لن يحدث"، مضيفًا "لن يدعم ذلك أي شخص عقلاني، إنها منشأة حيوية للغاية".
كما يلقى النائب الجمهوري مايك روجرز والعضو البارز في لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب بظلال من الشك أيضًا على إغلاق معتقل غوانتنامو، مشيرًا إلى أن هوامش الديموقراطيين ضئيلة في كلا المجلسين، قائلًا "لديهم أغلبية ضئيلة في الوقت الحالي، إنه من الصعب عليهم أن يفعلوا أي شيء، لذا فإن القيام بشيء مثير للجدل لن يحدث كمسألة عملية".
ومع ذلك يقول الديمقراطيون الذين يقفون وراء هذه الحملة، إنهم يرون أنها تستحق القتال، على الرغم من المعارضة القوية من الجمهوريين وكذلك من بعض الديمقراطيين. وتتحدث النائبة الديمقراطية من ولاية مينيسوتا ورئيسة اللجنة الفرعية لتخصيصات مجلس النواب للدفاع بيتي ماكولوم بشأن هذا الموضوع قائلة: "سأعمل بجد في لجنة المجلس، إنه ليس استخدامًا جيدًا لأموال دافعي الضرائب، وإذا كنا بحاجة إلى المزيد من الأموال للدفاع فيجب أن تذهب إلى الأشياء التي ستحدث فرقًا في أمننا القومي".
ويصر رافضوا الإبقاء على المعتقل أنه كلف دافعي الضرائب مئات ملايين الدولارات منذ افتتاحه، كما أنه كان مصدرًا لاتهامات بالتعذيب والانتهاكات، وهو ما وثقته بشكل قاطع بالفعل تقارير وشهادات الضحايا طوال السنوات التي تلت تأسيسه. في المقابل أشار عدد من الجمهوريين إلى مخاوف طويلة الأمد تحيط بالمعتقل وماذا سيحدث إذا تم إغلاقه. ويتخوف الجمهوريون من إدخال معتقلي غوانتنامو في النظام القضائي الأمريكي الذي يعني منحهم الكثير من الحقوق التي يرى بعض المشرعين أنها "تمثل خطرًا على الأمن القومي الأمريكي". وبالتالي فإنهم يفضلون استمرار تصنيفهم كحالة استثناء، وعدم إخضاعهم للمعايير القانونية الأمريكية.
وتذهب النائبة الجمهورية كاي جرانجر عن تكساس وهي عضو مهم في لجنة المخصصات بمجلس النواب إلى القول "هؤلاء المعتقلون هم أسوأ الأسوأ، ونحن بحاجة إلى ضمانات بأنه لن يتم نقلهم أبدًا إلى الولايات المتحدة". ويعلق على الموضوع عضو مجلس النواب الديمقراطي مايك روجرز قائلًا إن "الكثير من الناس يخافون من الحقوق التي قد يستفيد منها هؤلاء الأشخاص عندما يدخلون إلى البلاد، وفي نظامنا القضائي، وهذا هو السبب الرئيسي باعتقادي بأنهم سيبقون عليهم هناك".
لكن المدافعين عن إغلاق المعتقل رفضوا مثل هذه التعليقات. تقول كبيرة المحامين في مركز الحقوق الدستورية شايانا كاديال التي مثلت معتقلي غوانتنامو للصحيفة: "الشيء الذي يجب أن نضعه في الاعتبار بشأن كل هذا الخطاب في الوقت الحالي هو أنه لا علاقة له مطلقًا بتفاصيل الرجال المحتجزين هناك حاليًا"، وأضافت كاديال "كان لدينا سنوات وسنوات للتفكير في من يستحق التهمة، ولم تتغير هذه المجموعة على الإطلاق منذ حوالي عام 2012"، مضيفة أنه في هذا الشهر "سيتجاوز متوسط عمر المحتجزين في غوانتنامو الخمسين".
وتظهر الأرقام التي جمعها الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية أن ما يقرب من 800 شخص قد اعتقلوا في المعتقل منذ أن افتتحه الرئيس السابق جورج بوش في عام 2002، بعد أشهر من هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001. ومنذ ذلك الحين تم إطلاق سراح أكثر من 700 معتقل بما في ذلك أكثر من 500 في ظل إدارة بوش وحوالي 200 في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
وتعمل إدارة الرئيس الحالي جو بايدن على خفض عدد المحتجزين في المعتقل، لكن الديمقراطيين أعربوا عن قلقهم إزاء وتيرة العملية. ونقلت الإدارة الحالية أول معتقل لديها ويدعى عبد اللطيف ناصر من غوانتانامو في تموز/يوليو 2021 إلى المغرب، كما نقلت المعتقل محمد أحمد القحطاني إلى المملكة العربية السعودية في 7 آذار/مارس الماضي، والمعتقل سفيان البرهومي إلى الجزائر في 2 نيسان/أبريل الماضي. كما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية مؤخرًا في 24 حزيران/يونيو أنها نقلت أسد الله هارون الأفغاني المعروف أيضًا باسم "غول" من غوانتانامو إلى بلده الأصلي أفغانستان، حيث كانت واشنطن تعتقد بأنه على علاقة بتنظيم القاعدة ويعمل كقائد في الحزب الإسلامي الذي يتزعمه القائد الأفغاني الشهير قلب الدين حكمتيار.
ويحظر مشروع قانون تمويل الدفاع البالغ 761 مليار دولار والذي قدمته مؤخرًا لجنة المخصصات بمجلس النواب، استخدام الأموال لتشغيل المعتقل بعد 30 آيلول/سبتمبر 2023. ولكن في جلسة تكميلية على مشروع القانون الشهر الماضي، انضم اثنان من الديمقراطيين إلى الجمهوريين في التصويت لصالح التعديل الذي قدمه النائب الجمهوري ماريو دياز بالارت لإلغاء هذا البند.
يحظر مشروع قانون تمويل الدفاع البالغ 761 مليار دولار والذي قدمته مؤخرًا لجنة المخصصات بمجلس النواب، استخدام الأموال لتشغيل المعتقل بعد 30 آيلول/سبتمبر 2023
كما أرسل التشريع الذي قدمته لجنتا القوات المسلحة في مجلسي النواب والشيوخ في منتصف حزيران/يونيو إشارات متضاربة بشأن مصير معتقل غوانتانامو. ويحد إصدار لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب قانون تفويض الدفاع الوطني الذي أقر في 23 حزيران/يونيو من قدرة البنتاغون على نقل المعتقلين إلى ليبيا والصومال وسوريا واليمن وأفغانستان، لكنه لا يمنع صراحة الإدارة من إغلاق المعتقل. وفي الوقت نفسه، فإن إصدار لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ للتشريع والذي تم إقراره قبل أسبوع يمدد القيود طويلة الأمد المتعلقة بمعتقل غوانتانامو حتى 31 كانون أول/ديسمبر 2023، ويشمل ذلك حظر نقل المعتقلين إلى الولايات المتحدة وبناء منشآت في الولايات المتحدة لإيواء المحتجزين.