يابسٌ، تبتلُّ لحيتُهُ
بفكرةٍ عاجلةٍ عن البكاء
فيروي حكايةً عن حبلٍ
يلتفُّ حول عنقه
حكايةً مفادُها
أنّ السَّقائين قد تركوا
في ذاكرة البئر
فأرًا
وأنّهُ سعى للحفاظ عليه
وصيانتهِ
مثل دلوٍ قديم
لو لم يكن ميّتًا.
*
توجعني الأجوبة
لذلك أُلقي بكثيرٍ من أسئلتي
في سلّةِ الغيب
وأمضي لمراودةِ ما يمكن أن يكونَ سؤالًا
أعرفُ إجابته
كأن تحرّكَ امرأةٌ حاجبيها
دلالةً على الرفض
أو يغيبَ صديقُ
ويعلّقَني في خاتمةٍ أغنيةٍ
في مديح الانتظار
أكرهُ أن أسألَ أحدًا عن صحّة أبيه
فتكون الإجابة دمعةً ساخنة
أكرهُ كذلكَ أن أسأل عن المقهى القديم
عندما أطالعُ صور الرفاق
حتّى أنّي أتوهّمُ أجوبةً كثيرةً
لأسئلةٍ ماتتْ في صناديق البريد
وبشرًا ماتوا بنيران أسئلتي
تلك التي لم أجرؤ بعد
أن أطرحَها على أحدٍ منهم.
*
أين يقعُ
ذلك الخليج الذي تغرق فيه المراكب؟
لا أتقن صنعةً في الماء
لكنّي أقرأُ
في عيون السمكِ الميتِ
سيلًا من المراثي
وأرى في سواد الأشرعة
صورًا ممزّقةً
لقراصنةٍ يبكون غنائمهم
وبيوت عزاءٍ
تدور فيها أمّهاتٌ نحيلاتٌ
يبكين قليلًا
ويضحكن كثيرًا
أمّهات يسخرن من بلاهة البحر
ويسألن السمكَ الميت:
عن بلدٍ هادرٍ
يشبه ذلك الخليج
الذي غرقتْ فيه المراكب.