إن ما يحدث للناس على أرض الواقع يوميًا، هو إسقاط مئات القنابل من قبل النظام السوري وحلفائه عليهم، إلا أن هذه القصص اختفت من العناوين الرئيسية، حيثُ يتم التركيز وحصرها بتنظيم "الدولة الإسلامية"، وأخبار اللاجئين لتظهر على أنها أهم الأحداث الجارية.
يقدم فيلم "الخوذ البيضاء" قصة مجموعة تابعة لمركز الدفاع المدني في حي "الأنصاري" في حلب
ما اقتبس سابقًا مزيج لتصريحات من الفريق المشتغل على الشريط الوثائقي "The White Helmets"، أو "الخوذ البيضاء"، من بينهم المخرج أورالندو فون إيسينديل، الذي أطلق عمله في منتصف أيلول/سبتمبر الحالي، من إنتاج شركة "نتفليكس" الأمريكية، ويروي قصة مجموعة من متطوعي الدفاع المدني في القسم المسيطر عليه من قبل قوات المعارضة السورية في حلب.
اقرأ/ي أيضًا: "فيلم كتير كبير".. إلى الأوسكار
يقدم إيسينديل في الشريط قصة مجموعة تابعة لمركز الدفاع المدني في حي "الأنصاري" منذ لحظة ذهابهم إلى المركز، وتنفيذ الطيران الحربي لغارة جوية، وإنقاذهم للمدنيين العالقين، أو انتشال الضحايا من بين الأنقاض، ومن ثم ينتقل معهم إلى تركيا أثناء تلقيهم للتدريب من إحدى منظمات الدفاع المدني على وسائل الإنقاذ الحديثة.
ويتخلل الشريط مشاهد للمتطوعين، وهم يتصلون عبر هواتفهم المحمولة للاطمئنان على أقاربهم، كلما سمعوا بأنباء جديدة عن عمليات القصف، في مشهد مماثل يقول أحدهم إن اثنين من متطوعي مركز "حيان"، بلدة في ريف حلب، قتلوا عقب استهدافهم بغارة جوية.
وعلى الرغم من واجبهم الإنساني الذي نذروا أنفسهم له، حيث إنهم كانوا يزاولون مهن مختلفة قبل انتسابهم للدفاع المدني، أحد المتطوعين في الفيلم يقول إنه عمل في الشق العسكري فترة ثلاثة أشهر، ثم اختار الانضمام لأصحاب "الخوذ البيضاء"، مضيفًا أنه فضل "أن يكون عمله إنسانيًا أحسن من أن يكون مسلح... أن أنقذ روح... أفضل من أن أقتل روح". ويتخذ متطوعو الدفاع المدني، البالغ عددهم نحو ثلاثة آلاف متطوعًا، من الآية 32 في سورة المائدة "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا" رسالةً لعملهم، ويؤكدون أن مهمتهم إنقاذ جميع السوريين، والتزامهم بمبادئ منظمة الدفاع المدني الدولية في "الإنسانية، التكافل، الحيادية"، وللتنويه عندما سُئل رئيس النظام السوري بشار الأسد عنهم، أجاب مستفسرًا "ما الذي حققوه لسوريا".
واستعان إيسينديل بأحد المتطوعين، خالد خطيب، لتصوير المشاهد داخل مدينة حلب، ويقول إنه اجتمع مع الخطيب في تركيا، ومن ثم زوده بمعدات متطورة من أجل أن تكون المشاهد دقيقة، آملًا أن يكسر الصورة النمطية عن الرجال في سوريا.
خلال مشاهد الفيلم يجتمع المتطوعون مع الطفل محمود، وهو طفل عملوا على إنقاذه، وانتشال جسده من بين الأنقاض عندما كان عمره أسبوعًا واحدًا، في الشريط يشاهد المتطوعون محمود بعد أن أصبح عمره عامًا ونصف تقريبًا، قبل أن ينشر مقطع انتشال "الطفل المعجزة" لم يكن إيسينديل يعرف شيئًا عن أصحاب "الخوذ البيضاء"، لكن المقطع المنشور عبر موقع "يوتيوب" عرفه بهم، وجعله يفكر في اشتغال شريط وثائقي يُعرف العالم على قصتهم، والذين وصفوا في الشريط الترويجي بـ"قصة أبطال حقيقيين وأمل مستحيل".
أحد متطوعي مركز الدفاع المدني في حي الأنصاري: "أن أنقذ روح... أفضل من أن أقتل روح"
اقرأ/ي أيضًا: رصاص بلا رصاص: التجربة البصرية المستقلة
ولعل أكثر ما يواجهه المتطوعون يكمن في الغارات الجوية الثنائية المتوالية، عندما تأتي الطائرة وتقصف الأحياء السكنية، ومن ثم تعود وتنفذ غارة ثانية أثناء عمليات الإنقاذ وانتشال الضحايا والمصابين، حيث فقد الدفاع المدني النسبة الأكبر من المتطوعين في هذه الغارات.
ويقول إيسينديل إن العمل على لقطات الفيلم استغرق نحو 70 ساعة، وأنه أظهر 2% مما يتعرض له أصحاب "الخوذ البيضاء"، لأن المتفرج لن يستطيع تحمل باقي اللقطات، فالعمل حاول أن يتجنب إظهار المشاهد القاسية، والتي تشبه ما يتم تناقله يوميًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
تأسست منظمة الدفاع المدني في سوريا عام 2013، وخسرت من عناصرها أكثر من 130 متطوعًا، وساهمت بإنقاذ نحو 60 ألف مدني، حصلت قبل أيام على جائزة "Right Livelihood" السويدية، وهي الجائزة الرديفة لـ"نوبل"، وقال إيسينديل إن الموقع سيتيح لما يقارب 83 مليون متفرج من 90 دولة مشاهدة الفيلم.
اقرأ/ي أيضًا: