وسيم، في آخر الأربعينات من عمره، أنيق جدًّا، شعره الأبيض زاده وقارًا وهيبة، يتقن الحديث بلسان خطيب وفصيح، هو يحبّ النساء وتبادله النساء الحبّ ذاته. رغم فضائحه المالية والسياسية، وأخيرًا الجنسية التي تملأ الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، لا تزال معجباته مغرمات به.
لم يهمل مرزوق مظهره الخارجي كنجم من نجوم السياسة في تونس، بل استثمر في أناقته
لا نتحدّث عن نجم هوليودي بل عن سياسي تونسي، وصل إلى النجومية بعد أن تركزت استراتيجيته الإعلامية على النساء، خصومه يصفون هذا باستحضار تجربة هتلر النازية التي تركزت حملته الانتخابية على جمهور النساء اللواتي وعدهن بالرخاء والسلام، فيما ينسب هو هذا للتجربة البورقيبية.
اقرأ/ي أيضًا: المخيم ومضاعفة النكبة
إنّه محسن مرزوق، صاحب حركة مشروع تونس، الحزب الذي تم تأسيسه مؤخرًا بعد انشقاق مرزوق ومجموعته من حركة نداء تونس، الحزب الحاكم بعد انتخابات 2014.
منذ عودته إلى تونس بعد الثورة التونسية، لمع نجم محسن مرزوق في سماء السياسة التونسية بعد تغيبه مطولًا عنها، لينجح مجددًا في توجيه الأنظار إليه كما كان يفعل في الجامعة كقيادي في صفوف الاتحاد العام لطلبة تونس، الفرق الوحيد هنا أنّ صاحب الشعارات اليسارية والخطب الرنانة عن العدالة الاجتماعية، صار محلّ رهان من بعض رؤوس الأموال التي تدعمه، ليصل إلى منصب رئيس الجمهورية في الانتخابات القادمة.
لم يهمل مرزوق مظهره الخارجي كنجم من نجوم السياسة في تونس، بل استثمر في أناقته الكثير، إلى جانب وسامته طبعًا، فهو يعلم جيّدًا أيّ جمهور سيصل إليه، ويعرف أيضًا أن مفاتيح النجاح في قلوب النساء، لذلك ربما اختار شعار المفتاح لحزبه الجديد.
استطاع مرزوق أن يكون السياسي المحبوب لدى بعض نساء تونس، تلهث وراءه الكثيرات وتتمنى أخريات أن يصلن إليه، أو إلى قلبه، ومن ترغب في وصاله عليها بالمفتاح.
لا يهمّ كثيرًا أن تعرّف قيادات حركة مشروع تونس بأهمّ المبادئ السياسية والأهداف، المهمّ أن ينجح الحزب في استقطاب الأفراد، خاصة النساء، لتصل إحدى عضوات حزبه إلى أن تقول بثقة كبيرة في لقاء تلفزيوني، ولتثير السخرية في أوساط ضيوف البرنامج ومقدّمه: "إذا انتخب الباجي القايد السبسي من طرف مليوني امرأة فمحسن مرزوق ستنتخبه خمسة ملايين امرأة".
ربّما سيكون مشروع الحزب الجديد هو حزب النساء اللواتي أبهرهن محسن مرزوق، دون أن يعرفن هل توجه الحزب ليبرالي أو اشتراكي، فهنّ جئن من أجل صورة الرجل الذي سوق لنفسه كثيرًا عبر الفضائح الجنسية، لكن ما لم يتغير في مرزوق هي لعبة الدونجوان التي يهواها ليغوي قلوب كلّ الفتيات، كما كان يفعل أيّام الجامعة. حالة الدونجوان تطورت ليحاول إغواء كلّ الحركات السياسية والفاعلين في المشهد، وينقلب عليهم لاحقًا، مثلما فعل مع رئيسه الباجي قايد السبسي، ويحاول الآن مع حركة النهضة.
اقرأ/ي أيضًا: الصومال بين حزم ورعد وغياب
لم تكن الفضائح الجنسية والعاطفية حجر عثرة في طريق مرزوق للوصول إلى قلوب النساء، ولا شكلت تهديدًا لامتيازاته الاجتماعية والسياسية، على غرار ما يحدث مع بعض الشخصيات السياسية التي خسرت مستقبلها السياسي بسبب فضيحة جنسية، بل على العكس كانت فضائح مرزوق دعاية ذكورية ناجحة، ومكملة لدعايات بعض الأوساط الإعلامية القريبة منه.
نحجت الفضائح الجنسية والعاطفية في إيصال صورة الذكر المشتهى معشوق النساء، وإحياء صورة رشدي أباظة، بطل أفلام الأسود والأبيض، في واقع لم يعد يؤمن كثيرًا بالرومانسية والحبّ، وفي ظل نسب ارتفاع للعجز الجنسي في صفوف الرجال، نجح مرزوق مع النساء اللواتي ما زلن يبحثن عن البطل الغائب في الواقع، بالمواصفات التي تحبها الفتاة الشرقية، لينتقل هذا التشويق إلى المشهد السياسي.
يحاول محسن مرزوق أن يظهر دائمًا بصورة البطل الذي ترغب فيه جميع النساء
مارس مرزوق تكتيكًا باهرًا في استدرار العواطف والتعاطف معه، ليظهر دائمًا بصورة البطل الذي ترغب فيه جميع النساء، وتتشارك فيه النساء أيضًا، لتكون في كلّ مرّة إحدى عشيقاته الطعم الذي يصطاد به مرزوق قلوبًا أخرى من النساء، خاصة وأنّ هذه الفضائح تساعد في رفع رصيده في أوساطهن، فلم تعد العلاقة التي تجمع سياسي بأيّ امرأة قضية سرّية وحساسة، بل قضية رأي عام تطرح على الملأ ويتداولها الأفراد في جلساتهم، ليجني ثمارها مرزوق ويأفل نجم عشيقته المفضوحة نحو عشيقة أخرى، القاعدة مع محسن مرزوق تقول: "لا وجود لعشيقة دائمة، الوضع متحول وقلبه ليس ثابتًا على حبيبة واحدة".
تذكرنا صورة مرزوق بصورة الرئيس الأمريكي الراحل جون كيندي، الذي تظاهر مطولًا أمام إعلام بلده بصورة الرجل المثالي والزوج المحبّ والحنون، في حين بلغ عدد عشيقاته -كما يقال- إلى 1500 امرأة هناك من استعملهن في التنسيق مع المافيا الأمريكية، لتكون دائمًا المرأة الطعم للدعاية الذكورية، على حساب مشاعرها وسمعتها لصالح الرجل، ولو كان الأمر أيضًا في نطاق السياسة.
لا وجود لسياسيّات شبيهات بسلوك مرزوق وغيره في سياسة مجتمعات الجنوب، ولولا أنّ الوزيرة السابقة ذات الأصول المغربية في حكومة ساركوزي رشيدة داتي كانت ولدت في فرنسا، لتعرضت إلى أبشع أنواع العقاب هنا لسجلها الفضائحي، ولكن للرجل الوسيم حظوظ في السياسة والجنس، خاصة إذا دعمته النساء.
اقرأ/ي أيضًا: