الخاسرون
الذاهبون إلى المعركةِ خاسِرون
العائدونَ أيضًا خاسِرون
حقولُ الليمونِ على ساحلِ المتوسّط
تهرولُ هاربةً
وشجرُ الزيتونِ يحتمي بخضرتِهِ العَتيقة
آلهةُ كنعان وآرام
تَستفيق
ماذا حلَّ بأرض الفستق
والغارِ العَريق؟
لقد ذهبْنا إلى الحرب معصوبي البصيرة
فعُدنا بخفَّينِ مُهترئَينِ
ووطن مصلوب.
هل تُرانا ذهبْنا إلى الحبّ على أجنحةِ الغريزة
فتكسّرنا
وتقهقَرَ البطلُ الذي كان يَعتلي
صهوةَ كبريائهِ عندَ الأصيل
يطوي الأرضَ
ويطلقُ المواويل؟
اللواتي كنَّ خالِقات
دخلنَ سجنَ الحريم
بالمواربةِ نَجتْ شهرزاد
وسقطَت رؤوسُ الصادِقات
الذاهبونَ إلى المعركةِ
بكاملِ العناد
عائدونَ بكاملِ الخَيبات
إذ يبدو أنّ العينَ ليست بالعينِ فحسب
وإنّما بمجزَرة
وأشجارُ التفاحِ على القِمَم المقدّسة
لا تزالُ تطلقُ الصلوات
لقد طُرِدنا من جنّةِ آبائنا
وها نحنُ ندورُ العالمَ حُفاةً
لقد طُرِدنا حتى من الكلمات
التي جنَيناها على مرِّ الألم
وها نحن ندورُ العالمَ
خاوي الوِفاض
لا جذرَ لنا في الأرض
و حضارتُنا المتفرّعةُ في السماء
أخصاها عبدةُ الشيطان الواحد!
*
ألوذُ بعينَيك
ألوذُ بعينَيكَ من صخبِ الحياة
هناكَ يشفُّ الكونُ
و تتلألأُ الكائنات
أرمي بصنّارتي في الزرقةِ الأبدية
تكفيني اليومَ بضعُ كلماتٍ
لأقتات.
ألوذُ ببصيصِ الضوءِ المتدفّق
من سمرةِ كتفَيك
يكفيني بعض الهوى
لأسمو متربّعةً على عرشِ الرؤى.
أحتمي بالصمتِ المنقوشِ على أكفِّ الشجر
هنا مرّت الحياةُ بأوجِ أنوثتها
فاحترَقنا
و افترَقنا
و تفتّحَ زهرُ اللّوزِ أبيض البصيرة
في أرضِ الشآم بذَرَتنا يدُ الربّ
و لن نهجرَها مهما امتدّت
يدُ الحرب
وتفتّحَ زهرُ الليمون
عطر المَكنون.
أرمي بصنّارتي في الليل الكحليّ
بضعُ نجمات تُغني عن كلّ الحُلّي
أهزُّ سكينتي منذُ أن أُنزلت علينا الكتبُ السماوية
أمشي عكس عقارب الزمان
أقبضُ على المكان
ثمّ أفتحُ باب الكلمات وأغرق
أستحضرُ وجناتِكَ
و ألوذُ بالعبادة
قلْ لي هل نكتفي اليومَ ببضع قُبل!
أم نفتحُ بابَ الوصل
و نلجُ الدربَ الصاعدَ
درجةً.. درجة
صوبَ سطح القمر!