لا تنسَ أيها المؤدلج، مهما كانت وجهتك؛ أنّك قبل الحراك الشّعبيّ السّلميّ بساعات، والذي انطلق في 22 شباط/فبراير الماضي، كنت خاضعًا لأيديولوجيا واحدة هي الهيمنة البوتفليقيّة.
لا تنس أيها المؤدلج الجزائري أنك كنت قبل الحراك الشعبي خاضعًا لأيديولوجيا واحدة، قبل أن يحررك هذا الحراك من الهيمنة البوتفليقية
فلماذا الآن بدأت تخون هذا الحراك، الذّي حرّرك تحريرًا، بإخراج قرنيك الأيديولوجيين، وحديثك عن شكل الدّولة الجديدة قبل تحقيقها، زارعًا بذلك الشّقاقَ في الصّفوف، التّي لم نصدّق أنّها اجتمعت، بعد كلّ جهود الجماعة الحاكمة في تفعيل سياسة "فرق تسد"، وإلا هل كنّا سنبقى تحت هيمنتها طيلة زمن هو عمر شباب الحراك؟
اقرأ/ي أيضًا: رسالة لمدراء القنوات الفضائية الجزائرية المستقلة
لماذا كنت منسجمًا مع الحراك في جمعاته الأربع؟ ثمّ فجأة ظهر لك أن تُعلن عن لونك الخاصّ منسحبًا من اللّون العام للحراك، الذّي هو لون الجزائر الثّريّة بالألوان؟ هل كان الحراك بلونك فقط، فكنت معه، ثمّ رأيته تعدّد فقرّرت أن تنتصر للونك؟
لقد بدأ الحراك من تاء تبسّة إلى تاء تلمسان، ومن تاء تمنراست إلى تاء تيزي وزّو (هذه ليست لي للأمانة)، بمطلب واحد هو تحرير البلاد والعباد من العصابة الحاكمة، وبحلمٍ واحدٍ هو بناء نظامٍ جديدٍ تكون فيه السّيادة للشّعب بكلّ وجوهه وجهاته واتّجاهاته، وبروحٍ واحدةٍ هي روح المحبّة الشّعبيّة الجامعة. فهل نسيت هذا؟
ثمّ إنّ هناك سؤالًا جوهريًّا عليك أن تُواجهه، وهو: هل تستعرض هوّيتك الأيديولوجية، في هذا الخضمّ العامّ والموحّد، في وجه السّلطة أم في وجه الشّعب؟
إذا كانت الرّسالة موجّهة إلى السّلطة، فقد انتفضنا لنُسقطها، ونجعلها ضمن أرشيفنا السّياسي، فلماذا تُخاطبها أصلًا؟ وإذا كانت الرّسالة موجّهة إلى الشّعب، فهو لم يرفضك، وما حراكه إلّا من أجل أن يكون لك صوت ضمن المسار الدّيمقراطيّ.
أم أنّك تسعى إلى أن تُهيمن على المسار كلِّه وتكون وحدك فيه؟! في الحالات كلّها عليك أن تنتبه إلى كونك في حالة تسلّل فكري وسلوكي وحضاري وسياسي لا يقترفه حتّى الصّبيان.
كن شجاعًا واعترف بأنّك امتداد للجماعة الحاكمة، لأنّ سلوكك يصبّ في مصلحتها لا في مصلحة الحراك والتّغيير. أم أنّك لا تملك الوعي الكافي، فوقعتَ في فخّ الذّباب الإلكترونيّ، الذّي حوّل الأموال، التّي جُمعت لحملة الرّئيس المترشّح، إلى تمويل الحرب النّفسيّة والإلكترونيّة، بعد إسقاط خيار العهدة الخامسة؟
أصارحك بأنّي مشفق عليك، لأنّك ستُفوّت فرصة تاريخيّة لأن تكون شريكًا في حراك شعبك المجيد، ولستُ خائفًا من تأثيرك، فلا تأثير لك، لأنّك مفصول عن شارعك، الذّي لم يعد يُلقي بالًا إلّا لصوته وحلمه وإصراره، والدّليل أنّ الإشاعات والتّشويشات، التي عرفها الأسبوع الماضي كانت كثيرةً ومؤهّلة للتّأثير، لكنّ الجمعة الرّابعة أسقطتها في الماء، وكذلك ستفعل الخامسة.
احترم أيديولوجيتَك وانصهرْ في الخيار الوطني الذّي تقبّل كلّ الأيديولوجيات. وبعد أن نحقق الهدف المشترك، تفرّغ لتقديمها والدّفاع عنها بكلّ راحة
احترم أيديولوجيتَك وانصهرْ في الخيار الوطنيّ، الذّي تقبّل كلّ الأيديولوجيات. وبعد أن نحقّق الهدف المشترك، تفرّغ لتقديمها والدّفاع عنها بكلّ راحة. أمّا إذا شوّشت اليوم، بالمسارعة إلى الانتصار لها، قبل الفصل مع العصابة، فستجد نفسك قد وضعت إيديولجيتك في خانة التّخوين من طرف الشّعب، الذّي سوف لن ينسى أفعال الذّباب، مثلما لم ينسَ أفعال الذّئاب.
اقرأ/ي أيضًا: