24-أغسطس-2024
العنف المائي

(GETTY) فلسطينيون ينتظرون الحصول على مياه نظيفة في دير البلح بغزة

كشفت دراسة بحثية جديدة أن الهجمات الإسرائيلية على إمدادات المياه الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة شكلت ربع إجمالي أعمال العنف المرتبطة بالمياه في عام 2023، مع تصاعد الصراعات المسلحة على الموارد المائية المتناقصة على مستوى العالم، وفقًا لصحيفة "الغارديان" البريطانية.

وأوضحت الدراسة التي صدرت عن معهد المحيط الهادئ، وهو مركز أبحاث غير حزبي مقره كاليفورنيا يتتبع العنف المائي، أنها وثقت ما يقرب من 350 صراعًا على المياه في جميع أنحاء العالم في عام 2023، بزيادة بلغت 50 بالمائة مقارنة بعام 2022، والذي كان عامًا قياسيًا أيضًا.

أكثر من سبعة أعمال متعلقة بالعنف المائي شهريًا

ووفقًا لما جاء في الدراسة نقلًا عن "الغارديان، فإن النزاعات على المياه في الشرق الأوسط شكلت 38 بالمئة من إجمالي النزاعات في العام الماضي، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الهجمات على إمدادات المياه والبنية الأساسية الفلسطينية في الأراضي المحتلة، بحسب الدراسة التي رصدت التقارير الإخبارية وروايات شهود العيان وتقارير الأمم المتحدة وقواعد بيانات الصراع الأخرى.

هجمات جيش الاحتلال والمستوطنين على إمدادات المياه الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة شكلت ربع إجمالي أعمال العنف المرتبطة بالمياه في عام 2023

ونقلت "الغارديان" عن المؤسس المشارك لمعهد المحيط الهادئ، بيتر جليك، قوله: "إن كل هذه الحالات تسلط الضوء على جوانب مختلفة من أزمة المياه المتنامية: الفشل في إنفاذ القانون الدولي واحترامه؛ الفشل في توفير المياه الآمنة والصرف الصحي للجميع؛ والتهديد المتزايد لتغير المناخ والجفاف الشديد ".

وأضاف جليك: "لقد شهد عام 2023 ارتفاعًا هائلًا في أعمال العنف بسبب المياه على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، لكن بشكل خاص في الشرق الأوسط".

ووثقت الدراسة قيام المستوطنين الإسرائيليين وجيش الاحتلال بتلويث وتدمير آبار المياه والمضخات وأنظمة الري في 90 حادثة خلال عام 2023، وهو ما يعادل أكثر من سبعة أعمال عنف متعلقة بالمياه كل شهر.

وفي غزة، كان الوضع المائي مترديًا بالفعل قبل أن يشن الاحتلال الإسرائيلي الحرب على غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والتي أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية التحتية للمياه والصرف الصحي في غزة، أو إتلافها أو تركها غير صالحة للاستخدام.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، دمرت الغارات الجوية الإسرائيلية جزئيًا الألواح الشمسية والبنية الأساسية الأخرى التي توفر الطاقة لمحطة معالجة مياه الصرف الصحي المركزية في غزة، والتي يدعمها الاتحاد الأوروبي، وتخدم مليون شخص.

وفي الضفة الغربية، بدا أن الكثير من أعمال العنف المرتبطة بالمياه مرتبطة بضم الأراضي وبناء المستوطنات من قبل الإسرائيليين، والتي قضت محكمة العدل الدولية في رأي استشاري تاريخي لها بعدم قانونيتها.

وفي إحدى الحالات الموثقة التي وقعت في أيلول/سبتمبر الماضي، ورد أن مستوطنين إسرائيليين من مستوطنة "شعاري تيكفا" قاموا بضخ مياه الصرف الصحي إلى الأراضي الزراعية الفلسطينية شرق قلقيلية، مما تسبب في إتلاف أشجار الزيتون والمحاصيل.

وفي حالة أخرى وقعت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ورد أن مستوطنين إسرائيليين قاموا بهدم منازل وخزانات مياه مدرسة وخط أنابيب مياه، واقتلاع عشرات أشجار الزيتون الصغيرة في مدينة الخليل المحتلة.

صراعات قديمة جديدة

وأشارت الدراسة إلى أن أعمال العنف شملت هجمات على السدود وخطوط الأنابيب والآبار ومحطات المعالجة والعمال، فضلًا عن الاضطرابات العامة والنزاعات حول الوصول إلى المياه، واستخدام المياه كسلاح حرب.

بشكل عام، تصاعدت أعمال العنف المرتبطة بالمياه بشكل مستمر منذ عام 2000، لكنها شهدت ارتفاعًا كبيرًا في السنوات الأخيرة مع تفاقم الأزمة المناخية وازدياد ندرة الموارد، مما يزيد من حدة الصراعات القديمة المتعلقة بالأرض والأيديولوجيا والدين والاقتصاد والسيادة، ويؤدي إلى اندلاع صراعات جديدة، وذلك وفقًا لتسلسل الصراعات المائية في عام 2000، بحسب ما جاء في الدراسة.

وتشمل المناطق التي شهدت قفزات كبيرة في العنف المائي أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، وهي منطقة ضربها الجفاف وعدم المساواة في الوصول إلى الموارد المائية، حيث ارتفع عدد الحوادث على أساس سنوي بأكثر من ثلاثة أضعاف إلى 48 في عام 2023.

وفي الهند، أدى الجفاف الشديد والنزاعات المجتمعية حول الحصول على مياه الري للأراضي الزراعية إلى زيادة بنسبة 150 بالمئة في النزاعات المائية العام الماضي، مع 25 حادثة بما في ذلك اشتباكات بين المجتمعات في ولايتي تاميل نادو وكارناتاكا الجنوبيتين المجاورتين على نهر كوفيري.

وفي الوقت نفسه، انخفض عدد الهجمات المتعلقة بالمياه في الحرب بين روسيا وأوكرانيا بنسبة 26 بالمئة مقارنة بعام 2022، لكنه ظل مرتفعًا، حيث تم الإبلاغ عن 32 حادثة.

تشير الزيادة الكبيرة في هذه الأحداث إلى أنه يتم عمل القليل جدًا لضمان الوصول العادل إلى المياه الآمنة والكافية

وشمل ذلك قيام القوات الروسية بتفجير سد على نهر موكري يالي في منتصف تموز/يونيو 2023، مما تسبب في فيضانات على كلا الضفتين، وأدى إلى إبطاء هجوم أوكراني مضاد.

وقال كبير الباحثين في معهد المحيط الهادئ، مورجان شيمابوكو: "تشير الزيادة الكبيرة في هذه الأحداث إلى أنه يتم عمل القليل جدًا لضمان الوصول العادل إلى المياه الآمنة والكافية، ويسلط الضوء على الدمار الذي تسببه الحرب والعنف على السكان المدنيين والبنية التحتية الأساسية للمياه".

وأضاف "يكشف التحليل الجديد الخطر المتزايد الذي يضيفه تغيّر المناخ إلى الأوضاع السياسية الهشة بالفعل من خلال جعل الوصول إلى المياه النظيفة أقل موثوقية في مناطق الصراع حول العالم".