أدت الغارات الإسرائيلية العشوائية على المدن والبلدات اللبنانية إلى سقوط مئات الشهداء والجرحى، غالبيتهم العظمى من المدنيين كانوا بمنازلهم آمنين، من بينهم عائلات كاملة لم يبقى منها سوى فرد أو فردين فقط.
من بين هؤلاء، قاسم القاضي، الذي فقد 17 فردًا من عائلته، من بينهم زوجته وأبناءه وأحفاده، الذين استشهدوا بعد أن استهدفت غارة إسرائيلية منزلهم ببلدة زبود في شرق لبنان.
يقول القاضي لوكالة "فرانس برس": "كانت الساعة 11 صباحًا، كنا جميعًا جالسين أمام المنزل، ثم ذهبت لأشتري لهم الخبر"، وبينما كان يشترى القاضي الخبر سمع دوي انفجار قوي، ويضيف بحرقة: "بدأت أتصل بهم، ثم جئت إلى البيت، لم أجد أحدًا، لم أجد سوى الأشلاء".
من بين هؤلاء، قاسم القاضي، الذي فقد 17 فردًا من عائلته، من بينهم زوجته وأبناءه وأحفاده، الذين استشهدوا بعد أن استهدفت غارة إسرائيلية منزلهم ببلدة زبود
يتحدث القاضي بألم، ويقول: "كانوا 17 شخصًا، بينهم خطيبة ابني وأمها وزوجتي، أولادي الشباب الثلاثة وابنتي، وسبعة أطفال.. 17 شهيدًا في بيتي".
يسهب القاضي في الحديث عن أولاده الشهداء، ابنه الأكبر محمد، البالغ من العمر 38 عامًا كان يعمل كهربائيًا، أما علي ومهدي فكانا يعملان معه في زراعة الأرض ورعاية المواشي.
وعندما يصل إلى الأحفاد، يتلعثم القاضي وهو يعدد أسمائهم، ويقول: "إنهم كانوا سبعة، أكبرهم تسع سنوات وأصغرهم عامان ونصف العام". كما يتحدث عن ابنتيه المدللتين الطالبتين الجامعيتين، زينب، البالغة من العمر 22 عامًا، وفاطمة، البالغة من العمر 18 عامًا، كما لو أنهنّ ما زالا على قيد الحياة، كما تقول "فرانس برس".
أحد المصورين يرصد حجم الدمار الذي طال أحياء مختلفة من #الضاحية_الجنوبية لـ #بيروت، نتيجة الغارات الإسرائيلية المتكررة. pic.twitter.com/B6zLKU3LXJ
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) October 1, 2024
لم يبقى مع القاضي سوى ابنه حسين، المجند في الجيش اللبناني، الذي نجا من الغارة، بعدما توجه إلى خدمته العسكرية قبل وقوعها بساعات. تصف الوكالة وضع الأب الملكوم وابنه، بأنهما أصبحا مشردين بعد الخسارة التي لا تعوض. يقول القاضي: "لا مكان ننام فيه سوى الحقول والبساتين.. لم يبق لنا بيت، أنا مشرد على الطريق، إلى أين نذهب؟".
أما حسين، فلا يعرف عمن يتحدث. أصبح عاجزًا عن استيعاب الصدمة. بالإضافة لخسارة عائلته، فقد خسر أيضًا خطيبته. كانا يستعدان للزواج بعد سنوات طويلة من الانتظار. يروي الشاب، البالغ من العمر 25 عامًا، بتأثر لـ"فرانس برس"، عما كان يخطط له، ويقول: "كنا سنتزوج في 12 تشرين الأول/أكتوبر، لكنها رحلت قبلي.. رحلت في مجزرة، لا أعرف ماذا أقول".
صبيحة الأحد، توجه حسين إلى خدمته العسكرية، لكنه سرعان ما عاد أدراجه. فبعد وصوله تلقى الخبر فعاد. كانت صدمة لا تصدق، كان معهم قبل ساعتين، وفجأة لم يعد هناك أحد.
يوضح حسين، بانهم كانوا يعيشون في منطقة تبعد عن الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة مسافة تزيد عن 125 كلم، وهذا ما أعطاهم شعورًا بالأمان. لذا لم تكن الغارة الإسرائيلية على القرية الصغيرة متوقعة.
تتكرر القصة في قرية الداوودية الواقعة في جنوب لبنان، خسرت نجاح دياب، 10 من أفراد عائلتها، بعدما أغارت طائرات حربية إسرائيلية على منزل العائلة ودمرته.
تتحدث نجاح، وهي لا تزال تحت الصدمة، "أهلي مدنيون، لا ناقة لهم ولا جمل. والدتي مسنة كانت تبلغ من العمر 75 عامًا، ولم تخرج من المنزل، أما أخي الكبير البالغ من العمر 54 عامًا، فهو عاطل عن العمل ومريض". فقدت نجاح جراء الغارة والدتها وشقيقتها مع ابنتها وأشقاءها الأربعة مع عائلة أحدهم وابن عمها. وتقول: "لم يبق لي إلا ابن شقيقي الأكبر وهو طالب جامعي".
تسبّبت الغارة الإسرائيلية في دمار مبنى من أربعة طوابق. تصف نجاح، ما حدث: "كانوا ينظرون من النافذة وسقط الصاروخ عليهم، غارة كبيرة، تكسر كل شيء حولهم، انهار المبنى تمامًا وتقطعت أجسادهم، جمعناهم أشلاءً". وتضيف، وهي عاجزة عن التعبير من هول الصدمة: "الأمر لا يصدق، كلهم مدنيون".