للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، فشلت الفرق الإنجليزية الأربعة المشاركة في ثمن نهائي دوري الأبطال في تحقيق أي انتصار خلال مباراة الذهاب، حيث مُنيت ثلاثة منها بالخسارة، واكتفى الرابع بالتعادل.
النتيجة السلبية الأكبر حققها ليفربول، صاحب السجّل الأفضل تاريخيًا بين الفرق الإنجليزية في دوري الأبطال، فهو الوحيد بين الفرق الأربعة الذي لعب على أرضه، والوحيد الذي تعرّض لخسارة بفارق يصعب تعويضه، بعدما فشل بالحفاظ على تقدّمه بهدفين نظيفين في ربع الساعة الأول من الشوط الأول، وانقاد إلى هزيمة تاريخية أمام ريال مدريد حامل اللقب بخمسة أهداف مقابل هدفين، وهو اليوم بحاجة لشبه معجزة، إذ عليه الفوز على ريال مدريد في معقله سانتياغو برنابيو بفارق أكثر من ثلاث أهداف، بحال أراد العودة بالنتيجة وخطف التأهل، مع العلم أن ليفربول خسر نهائيين أمام الملكي في السنوات الخمس الأخيرة، كما خرج على يده في ربع نهائي النسخة قبل الماضية.
بدوره فشل توتنهام في العودة بنتيجة إيجابية من مدينة ميلانو الإيطالية، وخسر بهدف نظيف، لتتعقّد أموره في مباراة الإياب. الخسارة أمام كتيبة بيولي عكست سوء نتائج مدرب الفريق أنطونيو كونتي في المسابقات الأوروبية، إذ تأهلّ مرة واحدة فقط إلى ربع الدور النهائي لدوري الأبطال خلال خمس مشاركات، كما خرج من دور المجموعات ثلاث مرات، في وقت فشل توتنهام هو الأخر في تخطّي دور الـ 16 منذ موسم 2018/2019، عندما بلغ الفريق المباراة النهائية وانهزم أمام ليفربول بهدف محمد صلاح.
تشيلسي هو الآخر فشل في تحقيق نتيجة إيجابية أوروبية، بالرغم من سوق الانتقالات الضارب الذي قام به، مكلّفًا خزائنه أكثر من 400 مليون يورو، فسقط أمام مضيفه بوروسيا دورتموند الألماني بهدف نظيف، قبل أن يُتبعها بتعادل أمام ساوثهمبتون في الدوري، لتمتد سلسلة عدم الانتصارات إلى المباراة الخامسة تواليًا في جميع المسابقات، اكتفى الفريق خلالها بتسجيل هدف واحد فقط.
بالرغم من دوامة النتائج السلبية التي تتخبّط فيها كتيبة جراهام بوتر، وبدء التلميحات في الصحافة الإنجليزية عن احتمال إقالته، فإن الأمانة تقتضي القول بأن الفريق قدّم مباراة جيدة في دورتموند، ولم يستحق الخسارة، حيث سدّد الفريق في المباراة 15 تسديدة من بينها ثمان على المرمى، وأصاب العارضة مرّة، وأهدر مهاجموه ثلاث فرص محققة. يدرك بوتر أن الطريقة الوحيدة لإنقاذ رأسه من مقصلة الإقالة، تكمن في تحقيق نتيجة جيدة إيابًا وخطف بطاقة التأهل، والمضي قدمًا في دوري الأبطال.
من بين الفرق الإنجليزية الأربعة المتواجدة في دوري الأبطال، فقط مانشستر سيتي نجح في تجنّب تجرّع كأس الهزيمة، لكنه فشل في تحقيق فوز كان سيسهّل من مأموريته إيابًا، في الوقت الذي يُقاتل فيه الفريق للمحافظة على لقب الدوري الإنجليزي، حيث يبتعد اليوم بفارق نقطتين عن أرسنال الذي يمتلك مباراة إضافية.
كتيبة بيب غوارديولا فشلت بالمحافظة على التقدّم الذي أتى بأقدام رياض محرز، في الشوط الأول الذي سيطروا عليه بدون أن يخلقوا فرصًا حقيقية كثيرة، فيما تراجع مستوى الفريق بشكل غير مبرر في الشوط الثاني، ما سمح للألمان بتحقيق تعادل مستحق، بالرغم من أن السيتي استحق ربما ركلة جزاء في الثواني الأخيرة تغاضى الحكم ومساعدوه عنها، فيما كان مستغربًا إكمال بيب المباراة دون إجراء أي تغيير، وهو أمر يحصل للمرة الأولى في مسيرة الرجل في الأبطال، ما اعتبره بعض المراقبين " فلسفة زائدة " لا طائل منها، خاصة وأن التعب بدا على لاعبيه في الشوط الثاني وبالأخص برناردو سيلفا وغاندوغان، مع غياب هالاند التام عن المباراة واستسلامه لمراقبة جفارديول، وبالتالي فقد حامت علامات استفهام حول عدم إعطائه الفرصة لجوليان ألفاريز وفيل فودين.
بالمحصلّة، فإن الفرق الإنجليزية الأربع مطالبة بمصالحة جماهيرها في مباريات الإياب، مهمة السيتي تبدو أسهل نظريًا، فهو قادم من تعادل خارج أرضه، بينما يتعين على توتنهام وتشيلسي تحقيق الفوز بفارق أكثر من هدف بحال أرادوا بلوغ الدور القادم، أما ليفربول فهو في وضع حرج وفرصه بالتأهل شبه معدومة.يتساءل المراقبون عن سبب تراجع نتائج الفرق الإنجليزية في هذه المرحلة، بالرغم من أن ثلاثة منها تصدرت مجموعتها في الدور الأول، خاصةً وأنها قادمة من الدوري الأقوى، الأجمل، والأكثر جماهيرية اليوم، فهل يكون للمنافسة القوية في البريميرليغ وارتفاع نسق المباريات وحدّة المنافسة، دور في استنزاف هذه الفرق في القسم الثاني من الموسم، أم أن تراجع مستوى هذه الفرق الأربعة أصلًا هذا الموسم، بالمقارنة بالعام الماضي، خاصةً تشيلسي وليفربول، هو ما سمح للفرق المنافسة في منع الإنجليز من الانتصار؟