خلص تقدير موقف أعدّته الدائرة السياسية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" بشأن الحراك الحالي حول ملف اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، إلى أن الإدارة الأميركية وحكومة دولة الاحتلال الإسرائيلي غير جادتين في مسعى التوصل إلى اتفاق، وأنّ الدافع للحراك الأميركي هو تقديم إنجاز للإدارة الديمقراطية قبيل الانتخابات في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر القادم.
كما توصلت تقديرات القاهرة إلى نتيجة مشابهة، نظرًا للرفض القاطع من إسرائيل لمقترح الهدنة المصري الذي أعلن عنه عبد الفتاح السيسي. ومع ذلك، أعلنت "حماس" استجابتها لمطلب الوسطاء لبحث مقترحات جديدة حول وقف إطلاق النار، انطلاقًا مما تسميه الحركة "التعامل بإيجابية كاملة "مع جهود الوسطاء، ولكن وفق الضوابط المحددة التي تكرر إعلانها وتأكيدها في جولات التفاوض السابقة.
وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قد استأنف جهود الوسطاء في ملف وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بزيارة إلى المنطقة، وذلك بعد استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار في الميدان، خلال اشتباك مسلح في حي تل السلطان برفح.
حماس: الحراك الحالي في ملف وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى يأتي خدمةً لموقف الديمقراطيين في واشنطن قبل الانتخابات المرتقبة
استبعاد التوصل إلى اتفاق
كشف قيادي في حركة حماس أنّ تقديرات القاهرة والحركة ترجح أن الحراك الحالي في ملف وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى يأتي "خدمةً لموقف الديمقراطيين في واشنطن، بغية عدم إظهار إدارتهم بمظهر العاجز أمام الجمهوريين في الانتخابات الأميركية المرتقبة، إلى جانب التخفيف من تأثير مشاهد الإبادة والتجويع والتهجير في شمال غزة".
وأضاف تقرير الدائرة السياسية لحركة حماس، الذي عُرض على مؤسسات اتخاذ القرار في الحركة، أنّ "التحركات الأميركية الأخيرة، والتي واكبها تفاعل ظاهري فقط من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عبر المسارعة بإرسال وفد التفاوض إلى الدوحة، تهدف إلى اختبار موقف الحركة من الطروحات الجديدة بعد استشهاد زعيم الحركة يحيى السنوار، وما إذا كانت هناك تحولات في موقف حماس عقب التطورات الميدانية الأخيرة".
وترى الحركة أيضًا أن من ضمن أهداف الإدارة الأميركية وحكومة الاحتلال "اختبار قيادة الحركة في الوقت الراهن ومدى سيطرتها على الساحتين السياسية والعسكرية، ومن ثم تحديد مصدر القرار وآلياته في الحركة، والاطمئنان إلى أن الحالة الفلسطينية تخضع حتى اللحظة لضوابط مركزية تمنع الفوضى التي تعرض حياة الأسرى (الإسرائيليين) المحتجزين للخطر".
مصريًّا، ذكرت مصادر في القاهرة أنّ الجهات المصرية المعنية بملف المفاوضات تتفق مع حماس في ربط حراك الخارجية الأميركية ونتائج المفاوضات بالانتخابات الأميركية المرتقبة.
كما تعتبر القاهرة أن حظوظ التوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات الأميركية ضعيفة جدًّا؛ فوفقًا للتقييمات المصرية، فإن نتنياهو لن يمنح الإدارة الأميركية في وضعها الحالي قبيل الانتخابات امتيازات دون مقابل، وعليه ترى القاهرة أن "نتنياهو سينتظر، ساكن البيت الأبيض الجديد، لصياغة تفاهمات واتفاقات جديدة للمرحلة التي تلي الانتخابات الأميركية".
يشار إلى أن تقديرات القاهرة وحماس تأتي في ظل جهود دولية تهدف إلى تطويق التصعيد في المنطقة بعد العدوان على لبنان وتبادل الضربات بين إسرائيل وإيران.
وفي مسعى منها للمساهمة في هذه الجهود، اقترحت القاهرة مطلع الأسبوع الجاري تصورًا لتهدئة مؤقتة في غزة، تفضي في النهاية إلى هدنة طويلة بتنسيق دولي وإقليمي. وقرأ المتابعون في المقترح المصري محاولة من القاهرة لاستعادة دورها الذي افتقدته منذ فترة، خاصة وأن إسرائيل تسيطر على معبر رفح على الحدود بين غزة ومصر، وتحتل محور صلاح الدين الممتد على طول الحدود. لكنّ مسعى السيسي قوبل برفض قاطع من نتنياهو، الذي أرسل مع ذلك رئيس جهاز الشاباك رونين بار إلى القاهرة.
وفي محاولة لتفسير هذا الموقف المزدوج، زعمت القناة 12 الإسرائيلية أن أجهزة الأمن الإسرائيلية أيدت المقترح المصري الذي طُرح خلال اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر، على الرغم من رفض نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش له. وذكرت القناة الإسرائيلية أن بار أُرسل إلى مصر بهدف السعي لإجراء تعديل على المقترح الذي أعلنه السيسي، وهو المقترح المطروح بالتوازي مع مفاوضات تجري في الدوحة، والتي تسعى هي الأخرى لطرح مقترح للتفاوض عليه من طرف حماس وإسرائيل.