لم يلق مسلسل "النار بالنار" الصدى المتوقع من صنّاعه الذين راهنوا عليه بوصفه أول عمل درامي يسلط الضوء على واقع اللاجئين السوريين في لبنان، وما يتعرضون له من مواقف عنصرية. هذا بالضبط ما تقوله الانتقادات المتجددة التي يتعرّض لها المسلسل من روّاد مواقع التواصل الاجتماعي لأسباب عديدة تدور مدار التنميط، وضعف الأحداث، والمشاهد الإشكالية، والاختلاف بين النص الذي قدّمه الكاتب السوري رامي كوسا إلى الشركة المنتجة وما يظهر على الشاشة.
يواجه المسلسل انتقادات لاذعة في مواقع التواصل الاجتماعي لأسباب مختلفة تتعلق بالتنميط والعنصرية وضعف الأحداث
اشتدت حدة هذه الانتقادات خلال اليومين الماضيين بسبب مشهد نزع "مريم" (كاريس بشار) لحجابها من أجل التقاط صورة لاستخراج جواز سفر مزوّر يسهّل حركتها في لبنان بطلب من المزوِّر الذي قال لها: "عفوًا ستنا، ممكن بلا غطاء الرأس؟ لأنه أي حدا رح يمسك الباسبور رح يعرف إنك مش لبنانية هيك".
أثار المشهد غضب واستياء المشاهدين الذين رأى بعضهم أنه يسيء إلى المرأة المحجبة في لبنان والعالم العربي، في حين استنكر البعض الآخر فكرة أن يكون الحجاب هو من يحدِّد هوية الشخص وطريقة تعامل الآخر معه، فيما شدد آخرون على أن ارتداء الحجاب بهذه الطريقة ليس حكرًا على النساء السوريات، وأن الكثير من اللبنانيات يعتمدن الطريقة ذاتها في ارتدائه، بل واعتبروا أن أخطاء المسلسل ومشاهده الإشكالية قد تدفع به نحو الهاوية.
استدعت حالة الاستياء في مواقع التواصل الاجتماعي تدخّل كاتب العمل، رامي كوسا، الذي أكد عبر منشور على صفحته في فيسبوك أن لا علاقة له بالحوار الذي دار في المشهد السابق، وأنه أُضيف من قبل شخص آخر وبموافقة مخرج العمل محمد عبد العزيز الذي حمّله كوسا، بشكل غير مباشر، مسؤولية الجدل الذي أثاره الحوار على اعتبار أنه كان بإمكانه حذفه أثناء التصوير أو حتى خلال المونتاج.
وبإعلان براءته من الحوار السابق، أعاد كوسا، مجددًا، أسباب الانتقادات التي تعرض لها المسلسل، منذ بداية عرضه، إلى التعديلات الجذرية التي أجراها عبد العزيز على نصه، خاصةً وأن للمخرج تجارب سابقة في تعديل نصوص الأعمال التي أخرجها، بل وإعادة صياغتها بشكل كامل في بعض الأحيان.
وسبق وأن نشر الكاتب السوري على صفحته في فيسبوك النصوص الأصلية لبعض الحوارات التي أعاد المخرج تعديلها، وأثارت جدلًا واسعًا في مواقع التواصل، مرفقة بتنويه: "نص رامي كوسا قبل تعديلات المخرج على الحوار والعمل كله".
تُضاف مسألة الحجاب إلى عدة مسائل أخرى شكّلت محط جدل واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، مثل المشادة الكلامية بين "مريم" و"عزيز" (جورج خبّاز) حول رفع الأخير لافتة تتضمن قرارًا بمنع تجوال السوريين في الحي، الذي تدور فيه أحداث المسلسل، بعد الساعة الثامنة مساءً. حيث اعتبر الكثير من رواد مواقع التواصل أنها تتضمن عبارات عنصرية قد تتسبب في مفاقمة الأخيرة تجاه السوريين، بينما رأى آخرون أن المشهد يُعبّر عما وصلت إليه أحوال العلاقة بين السوريين واللبنانيين.
ناهيك عن شخصية "جميل" (طارق تميم) اليساري الذي رأى بعض اليساريين أنها "تنمّط" صورة اليسار العربي، وتقدّم اليساري كشخص مُدمن على المشروبات الكحولية ولعب القمار.