01-نوفمبر-2024
تستقبل دير الأحمر آلاف من النازحين (منصة إكس)

تستقبل دير الأحمر آلاف من النازحين (إكس)

يواجه النازحون في شرق لبنان البرد والجوع على حد سواء، إذ تصل المساعدات بشكل محدود، فيما يجد عمال الإغاثة صعوبة في الوصول إلى المناطق الجبلية الوعرة والضيقة، ومن المرجح أن تقطع الثلوج في فصل الشتاء الطريق الآمن الوحيد.

في ملجأ للنازحين في شمال شرق لبنان، كانت نرجس حسن قلقة للغاية من أن يصاب أطفالها بالمرض بسبب الاستحمام بالمياه الباردة، مما دفعها إلى العودة إلى بلدتها حتى يتمكن أطفالها من أخذ حمام ساخن وإحضار بعض المؤن الغذائية معها. وأثناء وجودها في منزلها ببلدة بوداي القريبة من مدينة بعلبك، قتلتها غارة إسرائيلية هي وزوجها وطفليها، وفقًا لزملائها وجيرانها.

تم تشريد أكثر من 1.2 مليون شخص بسبب الضربات الإسرائيلية على لبنان خلال العام الماضي، من بينهم ما يقارب 190 ألفًا يقيمون في الملاجئ

كانت نرجس، التي عملت في جمعية "الدراسات والتدريب اللبنانية" (LOST)، من بين الآلاف الذين نزحوا بسبب الضربات الإسرائيلية إلى بلدة دير الأحمر الجبلية المسيحية في شرق لبنان.

دير الأحمر استضافت بالفعل أكثر من 10 آلاف نازح قبل أن تصعّد إسرائيل من ضرباتها على بعلبك والمدن المجاورة. ويتواصل تدفق الآلاف إلى البلدة مع استمرار الغارات الإسرائيلية، وسط تزايد الاحتياجات في وقت يتناقص فيه وصول المساعدات إلى البلدة، ودرجات الحرارة المنخفضة.

في إحدى المدارس التي أصبحت ملجأ، قامت منظمات الإغاثة، التي كانت تقدم وجبتين يوميًا، بتقليص وجبة الإفطار لتوفير المزيد من الطعام لوجبة الغداء. كما قام أهالي البلدة بتنظيم حملات تبرع لملابس الشتاء والبطانيات، لكنهم يواجهون نقصًا، مما يضطر النازحين إلى تقاسم البطانيات ليلًا.

تقول سوزان قاسم، وهي أم لطفلين، لوكالة "رويترز" من أحد مراكز النزوح وقد دُمّر منزلها في بوداي: "إذا هربنا من القصف، هل يعني ذلك أن نموت من البرد؟". وأضافت: "أنا مريضة، أتناول الدواء منذ أسبوع وما زلت أسعل.. إذا مرض ابني، هل سأستطيع الحصول على الدواء له؟". إذ تنخفض درجات الحرارة في دير الأحمر إلى 6 درجات مئوية ليلًا حتى قبل حلول فصل الشتاء، والمدارس تفتقر إلى المازوت لتشغيل أنظمة التدفئة المركزية.

أما نيفين مظلوم، البالغة من العمر 69 عامًا، فتقول إنها ترتجف في الليل، تضع فراشها بجانب ابنتها وتطلب منها معانقتها حتى تبقيا دافئتين. لكنهن لا يشعرن بالدفء. معظم العائلات نزحت بملابسها فقط، وهرعت للخروج من منازلها بعد التحذيرات الإسرائيلية لإخلاء بعلبك والمدن المجاورة يومي الأربعاء والخميس.

تم تشريد أكثر من 1.2 مليون شخص بسبب الضربات الإسرائيلية على لبنان خلال العام الماضي، من بينهم ما يقارب 190 ألفًا يقيمون في الملاجئ، بينما يقيم آخرون مع أقاربهم أو استأجروا منازل أو ينامون في الشوارع.

تقول خلية إدارة الأزمات في لبنان إنه من بين 1130 ملجأ معتمدًا، وصل 948 منها إلى الحد الأقصى. ويتركز معظم النازحين في مناطق جبل لبنان وبيروت، مما يسهل وصول منظمات الإغاثة. لكن دير الأحمر تقع في مكان بعيد.

تمر الطرق الأسرع عبر المنطقة الواسعة التي قالت القوات الإسرائيلية إنه يجب إخلاؤها، مما يضطر وكالات الإغاثة إلى سلك طريق أطول شمالًا عبر القمم الجبلية قبل التوجه نزولًا إلى البلدة.

يخبر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في لبنان، عمران رضا، "رويترز"، بأن إيصال المساعدات إلى منطقة بعلبك تم تأجيله هذا الأسبوع بسبب الضربات الجوية الإسرائيلية. وقد تأخرت أيضًا شحنات المساعدات الطبية من دول أجنبية بسبب الضربات قرب المطار". ويشير إلى أن "الوصول إلى دير الأحمر يزداد صعوبة، مما يدفعنا إلى إيجاد طريقة مناسبة تمكننا من الوصول إليها بطريقة آمنة نسبيًا".

يخشى المتطوعون المحليون أن الشتاء القريب سيقطع الطريق الآمن الوحيد إلى دير الأحمر، مما يتركهم محاصرين. ويلفت المتطوع في جمعية "الدراسات والتدريب اللبنانية" (LOST)، خضر زعيتر، إلى أن هذا الطريق سيغلق مع أول تساقط للثلوج، وسيبدو الأمر وكأنه حصار. زعيتر هو نفسه نازح ويعمل الآن على تنظيم المساعدات في دير الأحمر.

وعلاوة على القلق بشأن وصول الغذاء والوقود، يعبر زعيتر عن مخاوفه إزاء توجيهات وزارة التعليم التي تنص على ضرورة إعادة فتح المدارس العامة، التي تستضيف النازحين الآن، أمام الطلاب خلال ثلاثة أسابيع.

وفي هذا الإطار، يدرس متطوعون إمكانية تجديد مدرسة مهجورة لاستضافة صفوف صباحية ومسائية. ويختم زعيتر حديثه بالقول: "نحن ممتنون جدًا لأهالي دير الأحمر. تضامنهم هو الذي ساعدنا على تجاوز هذه المرحلة. لكن إلى متى سيستمر ذلك؟ الله أعلم".