وسط حديث مستمر عن مفاوضات وقف إطلاق النار وشائعات متداولة حول تعثّرها وأخرى عن تحقيق تقدّم واقتراب التوصل إلى اتفاق، تواصل "إسرائيل" حربها الوحشية على قطاع غزة ولبنان، في ظل صمت دولي مستمر تجاه الجرائم التي ترتكبها في كلا المنطقتين.
ولليوم الـ392 من عدوانه، واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي قصف قطاع غزة جوًا وبرًا، وسط اشتداد المأساة الإنسانية في محافظة شمال قطاع غزة، إذ تُهدِّد المجاعة حياة الآلاف نتيجة منع قوات الاحتلال إدخال المواد الغذائية ومياه الشرب إلى المحافظة، حيث تنفذ قوات الاحتلال عملية برية عسكرية واسعة منذ نحو شهر.
واستُشهد 17 شخصًا، وأُصيب آخرون، جراء قصف طائرات الاحتلال منزلين شمالي مخيم النصيرات وسط قطاع غزة. فيما أفادت وسائل إعلام محلية باستهداف مدفعية الاحتلال منطقة أبو العجين في مخيم دير البلح.
جرّاح واحد فقط موجود في مستشفيات محافظة الشمال حاليًا، فيما يتم الاعتماد على عربات تجرها الحيوانات لنقل الجرحى والمرضى إلى المستشفيات
وقصفت مدفعية الاحتلال حي الصبرة جنوبي مدينة غزة، وحي الزيتون جنوب شرقي المدينة، بينما أطلقت آلياته النار على المناطق الجنوبية لحي تل الهوا جنوب غربي المدينة، إضافةً إلى حي الصفطاوي شمال غربي المدينة، فيما استهدفت أيضًا غارة جوية وسط المدينة.
أما في شمالي قطاع غزة، فقد شنّت مقاتلات الاحتلال الحربية عدة غارات على مخيم جباليا، وشمل القصف كذلك منطقتي الفاخورة والتوبة بالمخيم، فيما قصفت طائرات الاحتلال أرضًا زراعية فارغة في حي النجار ببلدة خزاعة شرق خانيونس جنوب قطاع غزة.
وأمس الخميس، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة عن ارتفاع ضحايا العدوان المتواصل على القطاع إلى 43.204 شهداء و101.641 مصابًا، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وقالت الوزارة، في تقريرها الإحصائي اليومي، إن قوات الاحتلال ارتكبت خلال الـ24 ساعة الماضية ست مجازر بحق المدنيين في قطاع غزة، وصل من ضحاياها إلى المستشفيات 41 شهيدًا و131 مصابًا، فيما لا يزال هناك العديد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
عشرات الشهداء والجرحى في مجازر ارتكبها الاحتلال وسط وشمال قطاع #غزة.. التفاصيل مع مراسل التلفزيون العربي@Bata99m pic.twitter.com/qVozVCS9Es
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) October 31, 2024
إبادة متواصلة بحق القطاع الصحي شمال غزة
ولليوم الـ28 على التوالي، تواصل قوات الاحتلال عمليتها العسكرية في محافظة شمال قطاع غزة، حيث يعاني الآلاف من أوضاع إنسانية غاية في الصعوبة، وتهدِّد المجاعة حياة معظمهم، عدا عن الاستهداف المستمر للقطاع الطبي في المنطقة.
وقال مدير مستشفى العودة، في حديث لـ"التلفزيون العربي"، إن هناك: "جرّاح واحد فقط موجود في مستشفيات محافظة الشمال حاليًا"، وأضاف: "المنظومة الصحية في الشمال منهارة ونداءاتنا لإرسال وفود طبية بلا جدوى".
وأشار إلى أن: "الجرحى ينقلون على الأكتاف بعد منع الاحتلال سيارات الإسعاف والإنقاذ في الشمال"، موضحًا: "نعتمد على عربات تجرها الحيوانات لنقل الجرحى والمرضى إلى المستشفيات"، وتابع: "قد نضطر قريبًا إلى إيقاف خدمات العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة".
وفي السياق، حمّل المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه والنظام الصحي العالمي، مسؤولية انهيار المنظومة الصحية بمحافظة شمال قطاع غزة وما يتعرض له القطاع الصحي، عمومًا، من أوضاع كارثية فاقت كل التوقعات.
وقال المكتب، في بيان، مساء أمس الخميس: "في إطار جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والمحرقة التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد القطاع الصحي، واستمرارًا لخطة الاحتلال الإسرائيلي بالقضاء على المنظومة الصحية من حيث تدمير وإحراق المستشفيات والمراكز الطبية وإخراجها جميعًا عن الخدمة، وكذلك إعدام أكثر من 1000 طبيب وممرض وكادر صحي منذ بدء حرب الإبادة الجماعية، ومنع إدخال المستلزمات الطبية والأدوية والعلاجات والوقود، وبالتزامن مع سقوط وانهيار المنظومة الصحية؛ فإننا نحمّل مسؤولية انهيار المنظومة الصحية بمحافظة شمال قطاع غزة أولاً للاحتلال الإسرائيلي ولحلفائه المشاركين في الإبادة الجماعية، الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا والدول الأخرى".
الضاحية الجنوبية لـ #بيروت تعود إلى دائرة الاستهدافات الإسرائيلية تزامنا مع التحركات الدبلوماسية في المنطقة للوصول إلى اتفاق وقف إطلاق نار في #لبنان.. تفاصيل أكثر مع مراسل التلفزيون العربي صابر أيوب @ayoub11_saber pic.twitter.com/eoh2OJjjBX
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) November 1, 2024
وأضاف: "ثانيًا، نحمّل النظام الصحي العالمي مسؤولية مهمة أيضًا حول هذه الكارثة التي يتعرض لها الواقع الصحي في قطاع غزة، حيث فشل هؤلاء فشلًا ذريعًا في تنفيذ توجيهات وإجراءات القانون الدولي بحماية المستشفيات والطواقم الطبية وبضمان تشغيلها واستمرار عملها، مما أوصلنا إلى هذا الحال المأساوي، حيث فشل العالم في وقف جريمة الإبادة الجماعية المستمرة على قطاع غزة".
وأكد المكتب أن: "ما يتعرض له القطاع الصحي من كارثية ومأساوية فاق كل التوقعات، حيث إن الطواقم الطبية في مستشفى كمال عدوان اضطرت مع هذا الواقع إلى ترك مرضى وجرحى يموتون بسبب توقف العمليات الجراحية، وذلك في ظل استمرار القصف المتواصل والاستهداف لمحيط المستشفى طيلة ساعات الليل، وكذلك إصابة 4 من الكوادر الصحية بحروق جراء قصف الاحتلال للطابق الثالث للمستشفى، مما تسبب باشتعال النيران بأقسام تضم جرحى ومستلزمات طبية".
وكانت قوات الاحتلال قد استهدفت، صباح أمس الخميس، الطابق الثالث من مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، الذي يحتوي على ما تبقى بها من أدوية ومستهلكات طبية، بحسب ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.
غارات عنيفة على الضاحية الجنوبية
أما في لبنان، فقد شنت مقاتلات الاحتلال الحربية، فجر اليوم الجمعة، سلسلة غارات عنيفة على الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، مما أسفر عن دمار هائل واندلاع حرائق في العديد من المباني.
وقالت الوكالة الوطنية للإعلام إن: "الطيران الحربي المعادي نفّذ سلسلة غارات عنيفة استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت في مناطق الغبيري والكفاءات وأوتوستراد السيد هادي ومحيط مجمع المجتبى وطريق المطار القديم وتحويطة الغدير والرويس وحارة حريك والمريجة".
وذكرت أن الغارات: "خلّفت دمارًا هائلًا في المناطق المستهدفة، حيث سويّت عشرات المباني أرضًا، إضافةً إلى اندلاع حرائق". كما أشارت إلى: "تحليق كثيف للطيران المسير المعادي على علو منخفض في أجواء العاصمة بيروت والضاحية الجنوبية لم يتوقف طوال الليل (الخميس)".
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية استشهاد 3 أشخاص، وإصابة 5 آخرين، جراء غارة استهدفت بلدة القماطية بقضاء عاليه، فيما أُصيب عدة أشخاص إثر استهداف شقة في عين الرمانة – عاليه فجر اليوم، وفق الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام.
واستهدفت طائرات الاحتلال كذلك عدة قرى وبلدات في جنوبي لبنان، فيما أعلن "حزب الله" حصيلة خسائر الاحتلال منذ بدء العملية البرية جنوبي لبنان، حيث قال إن عدد قتلى ضباط وجنود الاحتلال بلغ 92 قتيلًا إضافةً إلى 900 جريح.
وأشار إلى تدمير 42 دبابة ميركافا، و4 جرافات عسكرية، وآليتي "هامر"، وآلية مدرعة، وناقلة جند، إضافةً إلى إسقاط 3 مسيرات من طراز "هرمز 450"، ومسيرتين من طراز "هرمز 900".
"الشهر الأكثر دموية لإسرائيل في هذا العام".. يديعوت أحرونوت تؤكد مقتل 88 إسرائيليا في جبهتي #غزة و #لبنان خلال أكتوبر الماضي، التفاصيل ينقلها مراسل التلفزيون العربي أحمد دراوشة @AhDarawsha pic.twitter.com/jyZpTYBI61
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) November 1, 2024
في المقابل، أعلنت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية عن مقتل 88 جنديًا إسرائيليًا في جبهتي غزة ولبنان خلال تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بينهم 37 جنديًا في جبهة جنوب لبنان وحدها.
إنسانيًا، أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" أن الحرب الإسرائيلية على لبنان تؤدي إلى قلب حياة الأطفال رأسًا على عقب، حيث قالت المديرة التنفيذية للمنظمة، كاثرين راسل، إن: "الحرب تمزق البيئات الآمنة التي يحتاجها الأطفال".
وأضافت راسل في البيان بأنه: "عندما يُجبر الأطفال على تحمل فترات طويلة من التوتر النفسي المؤلم، فإنهم يواجهون مخاطر صحية ونفسية خطيرة، قد تستمر آثارها مدى الحياة"، وتابعت: "توجد اليونيسف على الأرض لتقديم الدعم النفسي لآلاف الأطفال. منذ 23 أيلول/سبتمبر 2024، تمكنت اليونيسف من الوصول إلى أكثر من 9.600 طفل وقدمت الدعم النفسي الاجتماعي لحوالي 10 آلاف طفل" في لبنان.