يثير التفشي المتسارع لمرض جدري القرود مخاوف حقيقية من احتمال انتشار الفيروس المسبب له بين مجموعات أوسع من سكّان العالم، مع تخوّف خاص من احتمال وصول عدوى المرض إلى الأطفال، لاسيما بعد تسجيل عدد من الحالات بينهم في عدّة دول حول العالم.
أوضح خبراء في منظمة الصحة العالمية مؤخرًا إنهم يراقبون عن كثب احتمالية انتشار المرض بين الأطفال
فقد أوضح خبراء في منظمة الصحة العالمية مؤخرًا إنهم يراقبون عن كثب احتمالية انتشار المرض بين الأطفال، وقالت الوكالة الأممية في إفادة إعلامية إن أكثر من 80 طفلاً أصيبوا بالفعل بجدري القرود حول العالم، وذلك عبر الاتصال الجسدي الوثيق مع أشخاص مصابين بالعدوى داخل المنازل في أغلب الحالات.
ورغم أن هذا العدد من الحالات بين الأطفال لا يمثل سوى نسبة ضئيلة من مجموع الحالات التي تم رصدها في مختلف أنحاء العالم بمرض جدري القرود، أو جدري النسناس، والتي تتركز بين رجال بالغين مثليي الجنس أو يمارسون الجنس مع رجال آخرين، إلا أن احتمالية انتقال الفيروس إلى مرحلة التفشي المجتمعي السريع تثير ذعرًا حقيقيًا بين المسؤولين، ولاسيما في الدول التي تسجل النسبة الأعلى من الحالات، أي في أوروبا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية بشكل رئيسي حاليًا. وهذا القلق هو ما دفع المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إلى اعتبار المرض حالةَ طوارئ صحية عامة تثير قلقًا دوليًا.
وبحسب ما نقلت بلومبيرغ الأمريكية عن جاي فارما، أستاذ علوم الصحة العامة في جامعة كورنيل في نيويورك، فإنه من غير المستبعد حصول تفش مجتمعي بمرض جردي القرود بين فئات أوسع من السكان، بما ذلك الأطفال. فحتى الرجال المثليون أو الذين يمارسون الجنس في مع رجال آخرين ليسوا معزولين مجتمعيًا ولديهم اتصالات بأسرهم وأصدقائهم، وذلك يعني أن الخطر قائم، خاصة وأن مرض جدري القردة ليس مرضًا منقولًا جنسيًا، بل ينتقل عبر الاتصال الجسدي القريب، حتى لو لم يشتمل على الاتصال الجنسي.
وبحسب فارما، فإن أي شخص يمكن أن يصاب بعدوى الفيروس، والتي تؤدي إلى أعراض شبيهة بأعراض الإنفلونزا مع آلام في العضلات والمفاصل، وظهور تهيج جلدي وتقرحات. وعلى الرغم من أن طريقة انتقاله الأساسية كانت داخل شبكات تواصل جنسي مثلي، إلا أن المرض قادر على الانتشار من خلال أشكال الاتصال الجسدي الوثيقة وغير الحميمية/الجنسية الأخرى، عبر مشاركة مشاركة الملابس أو المناشف مثلًا، أو عن طريق لمس القروح أو ملامسة الجلد عبر العناق أو المصافحة.
ويحذر الخبراء من أن الأطفال قد يكونون عرضة لخطر هذا الفيروس على نحو خاص، وفي حال حصل ذلك فإن القدرة على احتواء المرض ستزداد صعوبة. ويضع جاي فارما، من جامعة كورنيل الأمريكية، سيناريو افتراضيًا حول بدء سلسلة عدوى سريعة في المدارس، في حال عودة الأطفال إلى فصولهم الدراسية، وبدء التواصل الوثيق فيما بينهم بعد الاتصال مع مصدر العدوى، وهو ما ينذر بتفشّ مريض للمرض.
في الولايات المتحدة، قال مسؤولو الصحة في إدارة مراكز مكافحة الأمراض والوقاية (CDC) إنه قد تم رصد حالتي عدوى بين الأطفال بجدري القردة. كما تم رصد حالة واحدة بالعدوى أصيبت بها امرأة حامل، وضعت جنينًا معافى من المرض. من جهة أخرى، أكدت الهيئة أنه لم يتم تسجيل أية حالة وفاة بمرض جدري القردة حتى الآن في الولايات المتحدة، على الرغم من ارتفاع عدد حالات الإصابة، وإعلان مدينتين أمريكيتين على الأقل حالة الطوارئ الصحية فيها للمساعدة في احتواء المرض ورصد الموارد اللازمة للتعامل مع الحالات وعزلها.
تم تسجيل حالتي وفاة على الأقل بجدري القردة، كلتاهما في إسبانيا، لتكون تلك هي حالتا الوفاة الوحيدتين بالمرض خارج أفريقيا
أما في أوروبا، فقد تم تسجيل حالتي وفاة على الأقل بجدري القردة، كلتاهما في إسبانيا، لتكون تلك هي حالتا الوفاة الوحيدتين بالمرض خارج أفريقيا، والتي سجلت خمس حالات وفاة بالمرض مؤخرًا.