ماذا يفعل الإنسان بعد أن ينهار جدار الله في نفسه؟
- هاني الراهب
في ذلك الزمان، زمن الطفولة، كان جدار الله منصوبًا في قلبي، شامخًا. أنت يا إلهي شيّدته حجرًا حجرًا. لكنه الآن جدار متصدع، أخاف انهياره في أية لحظة.
كلما حاولت طردك من قلبي وجدتني أتراجع متمسكًا بك. أعرف أن أولئك الذين خلقتهم طردوك من قلوبهم. إنهم قوم قساة، لطالما كانوا قساة معي، ومع بعضهم البعض. لا أعرف سبب قسوتهم. يقسون بلا سبب أحيانًا. وحدك بقيت ساكنًا في قلبي، لقد أفرغته من كل شيء، وبقيت هناك وحدك. أحيانًا أحس أنني الوحيد الذي يحمل الله في قلبه والبقية يعيشون بلا الله في قلوبهم.
أنا لا أزكي نفسي أبدًا، أنا أيضًا لي ذنوبي التي أعترف بها. أعرف أنني أحب متابعة مفاتن الفتيات، وأشتهيهن في الخيال. أنت تعرف كم هن فاتنات ومغريات، مؤخراتهن وصدورهن... كما أنني أستمني، أستمني في انتظار الفرج المناسب. لكنني أشعر بالعار والخزي بعد ذلك وأكره نفسي، وأتمنى لو أنني خلقت بلا عضو كي لا أعصيك.
كما أنني أكتب القصص، تصوّر! أكتبها بكل صدق وعفوية، لذلك لا تجد طريقها إلى النشر. هل الإبداع حرام؟ أمي تقول إن الفن حرام، وتنتحب في غرفتها وهي تسمع القرآن. لا أحب سماع القرآن متلوًا، إنه يذكرني بالموت، هل ستعذبني يا إلهي عندما أموت؟ أرجوك لا تفعل، لا أريد عذابًا بعد الموت، يكفيني عذاب الحياة الذي جعلني أفكر في الموت.. كيف هو الموت يا إلهي؟ هل هو شيطان أم ملاك؟ أنت جميل، لا تخلق سوى الجمال، لذلك سيكون الموت جميلًا ورحيمًا معنا.
سامحني على أخطائي، سامحني على صراحتي أنا أحبك، أنا أكتب إليك، عاريًا، من خلال هذا المقهى، لأتطهر من ذنوبي الماضيات. أرجوك يا إلهي لا تتركني، أنا أحبك، أكثر من أمي التي تنتحب عندما تسمع القرآن، ومن ذلك الكاتب الذي به عرفتك، ومن تلك التي لا أنسى صفاء عينيها وضحكتها، أحبك، ولا تزال في قلبي، وفي الأشياء التي خلقتها، والتي خلقها خلقك. أنت الله الحي الباقي، في الخلق والمخلوقات. ولا أزال أحبك كما أحببتك زمن الطفولة. كل خلقك تركوني، لا تتركني، أرجوك، لا تتركهم يبولون على قبري!
اقرأ/ي أيضًا: