لطالما كانت مدينة باريس ذات جاذبية وسحر للكثير من الفنانين والأدباء والحالمين ممن يريدون عيش الحياة حتى الرمق الأخير، وممن يريدون اختبار تجارب جديدة. ولطالما كانت مدينة "النور والحب" لمن هم وافدون إليها من الخارج بغية البحث عن إلهام جديد في مجال الفن والأدب عمومًا، والسينما خصوصًا. لباريس تأثير قوي على الغرباء ويتضح ذلك في الأفلام الأمريكية والبريطانية وغيرها، بينما تظهر باريس في الأفلام الفرنسية بطريقة أكثر واقعية، وربما مرد ذلك إلى كون المخرجون الفرنسيون اعتادوا جدًا على المدينة ومواقعها المميزة بحيث لم تعد قادرة على إغرائهم.
لطالما كانت مدينة باريس ذات جاذبية وسحر للكثير من الفنانين والأدباء والحالمين ممن يريدون عيش الحياة حتى الرمق الأخير، وممن يريدون اختبار تجارب جديدة
وأما بالنسبة لصناع الأفلام الغرباء من جنسيات غير فرنسية، فإن باريس بنظرهم هي المكان الذي يسمح لهم بالعثور على الرومانسية والفن والأدب وأفضل المطاعم والفنادق والماركات العالمية. إنها أرض لا مثيل لها ومليئة بالسحر والفتنة والمتعة الدائمة التي تصل حدود الشبق. وقد جذبت هذه المدينة الكثير من صناع السينما من منتجين ومخرجين وممثلين ومغنيين وغيرهم ممن سعوا لإنتاج أعمالهم في شوارعها ومقاهيها وعلى ضفاف أنهرها وعلى مقربة من برج إيفل وعلى ضفاف نهر السين وغيرها من الأماكن.
فالأنظار كلها تتجه إلى باريس. لو حاولنا قلب الأدوار، لنفكر في الذين يريدون ترك باريس والذهاب إلى مدينة أخرى للحصول على الشغف واللذة والمتعة، فلن يكون ذلك واقعيًا. فالطريقة التي ترسم بها باريس من قبل الفنانين الغرباء من خارجها تتعلق بالنوستالجيا والعاطفة. وقد رسخت باريس نفسها كمدينة لها سينما متأصلة في ثقافتها. المدينة، الموطن لأول عرض فيلم في العالم في عام 1895، استمرت منذ ذلك الحين في الازدهار كوجه عالمي للسينما حيث تعرض الإنتاجات الفرنسية المستقلة والتجارية منها، وكما تعرض أيضًا أفضل الأعمال السينمائية من جميع أنحاء العالم.
يوجد في باريس حوالي 88 دار سينما، وشاشة فيلم واحدة لكل 6 آلاف نسمة. بينما لدى الولايات المتحدة الأمريكية شاشة واحدة لكل 7400 شخص، ولدى المملكة المتحدة وألمانيا شاشة واحدة لكل 17 ألف شخص. تظهر هذه الإحصائية تقدير باريس لفن السينما والترفيه حيث تعتبر بلا شك واحدة من عواصم السينما في العالم. فالمهرجانات السينمائية الفرنسية تلعب دورًا هامًا في رفد الوعي بالسينما سواء السينما المحلية أم السينما العالمية الأتية من ثقافات مختلفة. نستعرض في هذا المقال بعض الأفلام السينمائية التي كان لباريس تأثير فيها.
Midnight in Paris
الفيلم الصادر عام 2011 يحكي قصة كاتب سيناريو يقوم برحلة مع خطيبته إلى باريس، وهناك يجد نفسه أسير ظروف غامضة تقوده إلى العودة بالزمن إلى مدينة باريس في عشرينات القرن الماضي ليعيش أجواء السحر والمتعة والحياة الصاخبة والمليئة بالشغف، سيما وان تلك الحقبة توصف بكونها "العصر الذهبي" للمدينة. يلتقي السيناريست في تلك الحقبة بكتابه وموسيقييه وفنانيه المفضلين الذين عاشوا في باريس إبان تلك الحقبة. يقول بطل الفيلم غيل بيندر "هذا أمر لا يصدق. إنها مدينة ساحرة، أنا واقع في حبها، ولا يوجد مدينة مثلها في العالم بأسره". يشير الفيلم إلى أن "باريس في الصباح جميلة، وفي الظهيرة تكون جذابة، وفي المساء تكون فاتنة، ولكنها بعد منتصف الليل تصبح ساحرة". فيلم من كتابة وإخراج الأمريكي وودي آلن ومن بطولة أوين ويلسون وراشيل ماك أدامز وكاثي بايتس.
An American in Paris
ثلاثة أصدقاء يكافحون للعثور على عمل في باريس، ولكن الأمور تصبح أكثر تعقيدًا عندما يقع اثنان منهم في حب المرأة نفسها في ذات الوقت. إنه فيلم رومانسي يحكي قصة جيري موليغان أحد الجنود الأمريكيين الذين شاكوا في الحرب العالمية الثانية وقرر البقاء في فرنسا بعد الحرب في محاولة منه ليشتهر كرسام. وأما صديقه الثاني فهو عازف بيانو ويعمل مع أحد المغنيين الفرنسيين في الفرقة الموسقية، المغني هنري بوريل. تتشابك القصة حين تقع إحدى النساء الثريات بحالة اهتمام وحب بالرسام، لكنه لا يبادلها الحب بل يهتف قلبه للفنانة الاستعراضية في الكازينو المدعوة ليز بوفيير. يقع جيري موليغان وليز بوفير في حالة حب لكن كل طرف منهما لا زال في علاقة مع شخص أخر، ومن هنا يبدأ الصراع من أجل الاختيار وحسم امور علاقتهما إما بالبقاء في فرنسا أو السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية مع ما يترتب على قرار من نتائج لحبهما. الفيلم من كتابة آلان غاي ليرنر، ومن إخراج فينسينت مينيللي، ومن بطولة جاين كيلي وليزلي كارون وأوسكار ليفانت. صدر الفيلم عام 1951 ومدته 104 دقائق.
The Last Time I Saw Paris
احتفالات تعم أرجاء باريس وشوارعها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. في إبان ذلك، يقوم الصحفي تشارلز ويلز بمهمة صحفية لتغطية أجواء انتهاء الحرب في شوارع باريس. فجأة تمسك به امرأة جميلة تقبله وتختفي. تشارلز يتابع سيره عبر الحشد المزدحم في شوارع باريس وصولًا إلى إلى مقهى Dhingo ويلتقي بامرأة جميلة أخرى تدعى ماريون إليزويرث. منذ البداية كان الانجذاب متبادلًا بينهما. تدعوه ماريون للانضمام إلى احتفال يقيمه والدها لمناسبة انتهاء الحرب في أوروبا. يصل تشارلز وماريون وخطيبها الفرنسي الدائم كلود ماتين إلى منزل إليزويرث، هناك يجد تشارلز أن المرأة التي قبلته واختفت هي أخت ماريون الصغرى واسمها هيلين. مدة الفيلم 106 دقائق وعرض عام 1954. ومن كتابة الأخوين يوليوس وفيليب إيبستاين، ومن إخراج ريتشارد بروكس، ومن بطولة إليزابيث تايلور وفان جونسون.
Before Sunset
ماذا لو حصلنا على فرصة ثانية من أجل الاستمرار في علاقة غرامية كانت قد انتهت منذ سنوات. يحكي الفيلم قصة الكاتب الثلاثيني جيسي والاس في إحدى جولاته الترويجية لكتبه. والاس الذي لم يصرح للصحفيين عن فكرة كتابه والإلهام الذي حفزه للكتابة والشخصية الموجودة داخل الكتاب. لكن تشاء الصدف أن يلتقي بامرأة تدعى سيلين وهي الشخصية الموجودة داخل روايته. تعود القصة إلى ما قبل 9 سنوات حين التقيا وقضيا وقتًا ممتعًا لا يتعدى 24 ساعة. ومن ثم كان لقاؤهما الجديد في باريس هذه المرة وتنشأ علاقة غرامية بينهما. يقضيان الوقت في شوارع المدينة ويتبادلان أحاديث على مركب في نهر السين عن الحب والحياة والفن إلا أنهما يكافحان لمعرفة ما إذا كان من المفترض البقاء سويًا أم الانفصال مجددًا. الفيلم من إنتاج عام 2004 ومدته 80 دقيقة. من إخراج ريتشارد لينكلانتر ومن بطولة إيثان هاوك وجوليا ديلبي، وبكتابة مشتركة بين لينكلانتر وهاوك وديلبي.
Mrs Harris Goes to Paris
تحلم السيدة هاريس، عاملة المنزل البريطانية، بشراء فستان من ماركة كريستيان ديور. تلاحق حلمها بالذهاب إلى باريس حيث تبدأ مغامراتها وتتغير حياتها بأكملها. تدور أحداث الفيلم في العام 1950 في لندن حيث تعمل الأرملة السيدة هاريس في إحدى المنازل وسرعان ما تلح عليها الرغبة باقتناء فستان كريستيان ديور، ولأجل تحقيق حلمها تتخطى العديد من الصعاب بغية جمع المال اللازم لذلك والسفر إلى باريس. فيلم دراما كوميدية مدته 92 دقيقة ومن إنتاج هذا العام. من إخراج أنتوني فابيان وبطولة روز ويليامز وجيسون أيزاك وليزلي مانفيل.
Emily in Paris
مسلسل تلفزيوني كوميدي درامي من إنتاج منصة نتفليكس. تدور أحداث المسلسل في باريس حيث تم تصويره أيضًا وعرض عام 2020 ويتألف من عدة مواسم. يحكي المسلسل قصة الشابة إيميلي كوبر التي تحصل على وظيفة أحلامها في باريس. تبدأ الشابة، والتي تعمل كمديرة للتسويق، حياتها الجديدة المليئة بالمغامرات والتي تمزج بين العمل والأصدقاء والرومانسية. تلعب دور البطولة ليلي كولينز، وهي شابة أمريكية تنتقل إلى فرنسا لتقديم مقترحات لإحدى الشركات التجارية التي تعنى بالتسويق. وفي البلد الجديد، أي في فرنسا وعاصمتها باريس، تكافح إيميلي من أجل النجاح في عملها وما ينشأ أمامها من تجارب تتعلق بالصراع الثقافي بين نشاتها في الولايات المتحدة الأمريكية والحياة الصاخبة في باريس.