تتواصل التحركات الحقوقية الهادفة إلى إدانة "إسرائيل" على جرائمها المرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين في عدوانها المستمر على قطاع غزة.
وفي هذا الإطار، قدم فريق يضم 600 محامي عبر العالم، مذكرة تحتوي على أدلة دامغة لـ"محكمة الجنايات الدولية" في إطار الدعوى التي أقاموها ضد "إسرائيل" في تشرين الثاني/نوفمبر، بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي في قطاع غزة، وذلك في اجتماعين للفريق مع مكتب المدعي العام للمحكمة وقسم الضحايا التابع له، أمس الخميس.
ويقود الفريق القانوني المحامي الفرنسي جيل ديفير الذي قدم للجنائية الدولية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، دعوى للمطالبة بفتح تحقيق في الوقائع المنسوبة لجيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
قدم فريق يضم 600 محامي مذكرة تحتوي على أدلة دامغة لمحكمة الجنايات الدولية في إطار الدعوى التي أقاموها ضد "إسرائيل" بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي في قطاع غزة
وتستند الدعوى على الحقائق الموثقة، وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين التي تعبّر عن نية واضحة وعلنية لارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني.
وقال دوفير، وهو محام معتمد لدى محكمة الجنايات الدولية، في تصريح لمراسل وكالة "الأناضول" إن: "القانون يصنف الإبادة الجماعية على أنها إبادة جسدية للسكان، ولكن أيضًا تدمير المجتمعات من خلال جعل الحياة داخلها مستحيلة، بما في ذلك قطع المياه والكهرباء وتقليل الغذاء وتدمير المنازل والتهجير القسري، مع خطابات تصف السكان بالحيوانات وتجردهم من إنسانيتهم".
وأضاف: "على هذا الأساس، قدمنا شكوى بشأن الإبادة الجماعية لأن ما تقوم به إسرائيل يدخل في إطار كل الحالات التي تؤدي إلى هذه الجريمة، ولا نفتقر بتاتًا للأدلة، لأن إسرائيل لا تخفي ما تفعله، وتنشره بالصوت والصورة أمام العلن". وتابع قائلًا إن: "الشبهات المعقولة تكفي المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرة اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين.
وكشف المحامي الفرنسي أنه والفريق القانوني قدّموا إلى المحكمة ملفًا يتكون من 1800 صفحة، يتضمن يكفي من الأدلة لإجراء تحقيق شامل وإصدار مذكرة اعتقال، موضحًا أنهم: "تطرقوا في الملف لوضع المدنيين الذين أسرهم الجيش الإسرائيلي في غزة، وكذلك المجاعة الحاصلة في القطاع".
وتابع: "لم يحدث من قبل أن سقط هذا العدد الكبير من الضحايا في أي حرب. تدمير شبكات المياه والكهرباء والاعتداء على كرامة الناس يمكن أن يراها الجميع"، مؤكدًا: أن "العمليات العسكرية الإسرائيلية تستهدف المدنيين الفلسطينيين على وجه التحديد وتدمّر جميع جوانب الحياة في غزة"، وأضاف: "منذ البداية تم تنفيذ خطة لتدمير الحياة الاجتماعية في فلسطين وليس الأهداف العسكرية".
وشدد المحامي الفرنسي على أن "إسرائيل" تهدف إلى جعل غزة مكانًا غير صالح للعيش، وليس هدفًا عسكريًا مباشرًا، واستند في ذلك على الهجمات التي تعرض لها الأطفال وحديثو الولادة والمسنون والمرضى وحتى الموتى، معتبرًا أنها الحرب الوحيدة التي يحدث فيها هذا. وطلب ديفير من محكمة الجنايات الدولية اتخاذ الخطوات اللازمة في ضوء وجود كل هذه الأدلة.
وفي تصريحٍ سابقٍ، تحدث المحامي الفرنسي عن العقبات التي يواجها الفريق القانوني، قائلًا إن: "المشكلة الحقيقة تتمثل في إقناع المدعي العام بالتحرك وتحمل مسؤولياته، حتى لو كثرت الضغوط عليه"، معتبرًا أن ما يحدث اليوم هو "اختبار قوي للإدانة".
ولفت المحامي الفرنسي إلى أن التجارب السابقة أظهرت أنه: "من الصعب دفعه لفتح تحقيق، وفي الوقت ذاته ينص القانون بوضوح على أن المدعي العام هو الوحيد القادر على أخذ هذا القرار".
وفي هذه الحالة، وبحسب المادة 51 من نظام روما، يتوصل المدعي العام بالدلائل ويمنح نفسه: "أجلًا معقولًا لدراستها وتحديد مدى مقبوليتها من حيث الموضوع وليس من حيث الشكل".
وكشف المحامي الفرنسي إلى أن الفريق القانوني بإمكانه اللجوء إلى الطعن في حال رفض المدعي العام فتح التحقيق، قائلًا إن: "الفريق سيفعل كل ما يلزم ويتجه نحو الاستئناف إذا تطلب الأمر ذلك، حتى يطلب القضاء منه إعادة النظر في القرار".
وشدد دوفير على إصراره والفريق القانوني على: "إسماع وفرض صوت العدالة" من خلال إجبار المدعي العام على فتح التحقيق، لأن: "المحكمة ليست ملكًا للقضاة وإنما ملك للشعب الذي يطالب باحترام صارم للمساواة بين البشر"، وفق تعبير المحامي الفرنسي.
وتأتي الأدلة المقدمة لمحكمة الجنايات الدولية بالتزامن مع قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي بخصوص ملف الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل" بتهمة ارتكاب إبادة جماعية في غزة.