19-أغسطس-2024
يعمل حفارو القبور في المساحة القليلة المتبقية بالمقبرة (AFP)

(AFP) يعمل حفارو القبور في المساحة القليلة المتبقية بالمقبرة

بعد أكثر من عشرة شهور من بدء العدوان على قطاع غزة، وصل عدد الشهداء إلى 40 ألف شهيد، ومع استمرار العدوان تصعب مهمة إيجاد قبور لهذا العدد الكبير من الشهداء.

تشير وكالة "فرانس برس" إلى أن حفارو القبور بمقبرة "السويد" في دير البلح بوسط القطاع، يضطرون لبناء "قبور فوق قبور" بسبب ارتفاع عدد الشهداء. وتقوم مجموعة منهم على تهيئة حفر مستطيلة متراصة لتؤوي الشهداء المقبلين.

يتحدث، سعدي حسن بركة، البالغ من العمر 63 عامًا، للوكالة الفرنسية، قائلًا: "أنا أعمل في المقبرة من السادسة صباحًا إلى السادسة مساءً، لم أدفن ممكن إثنين أو ثلاثة من مقاتلي حماس، الباقي كلهم أطفال ونساء".

حفارو القبور بمقبرة "السويد" في دير البلح بوسط القطاع، يضطرون لبناء "قبور فوق قبور" بسبب ارتفاع عدد الشهداء

وهو مقتنع بأن الإسرائيليين يريدون القضاء على الشعب الفلسطيني كله.

يعمل الحفارون في هذه المقبرة الممتدة على مساحة تقدر بحوالي خمس هكتارات ونصف الهكتار، بعدما أصبحت مقبرة "أنصار"، الممتدة على مساحة ثلاث هكتارات ونصف الهكتار، مليئة بقبور الشهداء.

يقول بركة: "قبل الحرب كنا ندفن حالة أو حالتين أو حتى خمسة في الأسبوع، بينما ندفن اليوم ثلاثمئة أو مئتين.. شيء لا يتصوره العقل".

يعمل مع بركة فريق مكون من 12 عاملًا، بعضهم يعمل في الحفر، فيما ينقل آخرون الحجارة لتهيئة القبر. ويواصل فريقه تهيئة حُفر جديدة، في المساحات القليلة التي لا تزال شاغرة، تحيط بهم شواهد قبور بيضاء.

ينقل العمال الحجارة الخرسانية، التي تضاعف سعرها بحسب بركة "من شيكل واحد قبل الحرب إلى 12 شيكل اليوم"، جراء توقف المصانع عن العمل لانقطاع الكهرباء، وغياب المواد الأولية.

يتحدث بركة بأسى: "المقبرة مليئة.. أضع قبورًا فوق قبور، ثلاثة قبور فوق بعضها البعض. أصبحنا نبني طوابق للشهداء"، مشيرًا إلى أنه يحفر القبور منذ 28 عامًا، مرت عليه حروب 2008 و2012 و2014، لكنه لم يشهد مثل الجرائم المرتكبة في هذه الحرب.

لا تنتهي محنة بركة بانتهاء عمله اليومي، إذ تلازمه صور الشهداء ليلًا طاردة النوم من عينيه. يقول معلقًا: "لا أعرف النوم بسبب مشاهد الأطفال المقطعين والنساء"، ويضيف متسائلًا: "دفنت 47 امرأة من عائلة الطباطيبي، من ضمنهن 16 امرأة حاملًا، أي ذنب اقترفن؟".

ولفتت "فرانس برس" إلى أن أكوام الأتربة الطرية تشهد عن عمليات دفن تمت في الأيام القليلة الماضية، بينما الجنازات بات يقتصر حضورها على عمال حفر القبور.

يقول بركة: "قبل الحرب عندما يموت أي شخص كان يحضر الجنازة نحو ألف شخص"، أما اليوم إذا "كانت الجنازة لـ30 أو 300 شهيدًا لا يحضر معهم سوى 20 شخصًا.. شيء مؤسف".

وتختم الوكالة الفرنسية تقريرها بالقول "كانت الأجواء تضج فوقه بطنين المسيرات، كأنما تذكره أن الموت يتربص بغزة".