بعد 14 يومًا على اخفائهما قسريًا، ظهر الزميلان الصحفييان المصريان مصطفى الأعصر وحسن البنا في نيابة أمن الدولة العليا بالقاهرة، للتحقيق معهما، وفقًا لمصادر من محامين متابعين للقضية.
بعد نحو أسبوعين على إخفائهما قسريًا، ظهر الصحفيان المصريان مصطفى الأعصر وحسن البنا في نيابة أمن الدولة العليا
وكان مصطفى الأعصر وحسن البنا، قد اختفيا قسريًا صباح الأحد قبل الماضي، الموافق الرابع من شباط/فبراير الجاري، بعد خروجهما من منزلهما الذي يتشاركانه في منطقة فيصل بمحافظة الجيزة، ذهابًا إلى عملهما، حيث يعمل البنا صحفيًا متدربًا بصحيفة الشروق المصرية، فيما يعمل مصطفى الأعصر كاتبًا وصحفيًا حرًا في عدة مواقع إلكترونية.
اقرأ/ي أيضًا: "#حسن_والأعصر_فين؟".. اليوم الخامس على اختفاء الزميلين الصحفيين قسريًا
وعقب اختفائهما، رفضت السلطات المصرية المعنية، أمنية وقضائية، الإفراج عن أي معلومة تخصهما، مع استمرار نفيها معرفتها بمكانهما، رغم ورود أنباء غير رسمية عن أنهما بعد اعتقالهما أودعا معسكر الأمن المركزي بالجيزة، قبل ترحيلهما إلى مقر الأمن الوطني (أمن الدولة سابقًا) بمنطقة الشيخ زايد، وهو مقر سيئ السمعة، فضلًا عن كونه مقر احتجاز غير قانوني وفقًا لما أكده المحامي الحقوقي حليم حنيش لـ"ألترا صوت".
وجاء إخفاء الأعصر والبنا قسريًا، في ظل أجواء مشحونة بالسعار الأمني في مصر، على خلفية الاستعداد للانتخابات الرئاسية المصرية المزمع عقدها في آذار/مارس القادم.
وقد شهدت الأسابيع الماضية حملات أمنية مُكثفة، طالت سياسيين كبار أمثال عبدالمنعم أبوالفتوح رئيس حزب مصر القوية، الذي اعتقله قوات الأمن عقب عودته من لندن، ثم وجهت إليه النيابة تهمًا تتعلق بـ"نشر أخبار كاذبة تضر بسمعة البلاد، والانضمام لجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون".
ومن قبله، اعتقلت السلطات المصرية نائب رئيس الحزب، محمد القصاص، الذي تعرض للإخفاء القسري مدة يوم بعد اقتحام منزله. وقبل نحو يومين اعتقلت قوات الأمن المصرية المستشار هشام جنينة، الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، بعد ظهوره في مقابلة صحفية مُصوّرة، قال فيها إن الفريق المعتقل سامي عنان يمتلك وثائق سرية تدين قيادات عسكرية.
كما اعتقل الصحفي الذي أجرى معه الحوار الصحفي، معتز محمد شمس الدين، المعروف بمعتر ودنان، وذلك مساء أمس الجمعة، وأودع قسم شرطة التجمع الأول، قبل أن يظهر اليوم في نيابة أمن الدولة، حيث من المفترض عرضه على التحقيقات غدًا الأحد، وفقًا لما نقله الصحفي عمرو بدر عن المحامي معتز غنيم.
ووفقًا لعبدالرحمن هريدي، عضو المكتب السياسي لحزب مصر القوية، والمحامي عن عبدالمنعم أبوالفتوح، فقد ظهر كل من الأعصر وحسن في نيابة أمن الدولة، بعد إخفائهما قسريًا لنحو أسبوعين، وإنكار السلطات الأمنية والقضائية المعنية، معرفتهما بمكانهما.
على مدار الأسابيع الأخيرة، تشهد مصر حالة من السعار الأمني على خلفية الانتخابات الرئاسية التي يخوضها السيسي بلا منافسة تقريبًا
وعلى مدار السنوات الأخيرة، تكررت حالات الإخفاء القسري في مصر، لتشمل مئات الحالات التي يُخفى بعضهم مددًا تصل لشهور، قبل ظهورهما رسميًا في إحدى مقار الاحتجاز، أو في تحقيقات تُجرى معهم دون وجود محامين.
اقرأ/ي أيضًا: اعتقال أبوالفتوح.. سعار أمني في مصر ووحدة مأمولة للمعارضة
ووفقًا لمنظمة هيومن رايتس مونيتور الحقوقية، فإنه خلال شهر واحد، هو شهر آيار/مايو 2017، وثقت المنظمة 31 حالة إخفاء قسري، فيما وثقت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، 254 حالة إخفاء قسري خلال نحو ستة أشهر، هي الفترة من مطلع 2017 وحتى نهاية حزيران/يونيو 2017.
ورغم محاولات السلطات المصرية "شرعنة" القمع والانتهاكات الحقوقية، برد الاعتقالات مثلًا إلى قوانين مشبوهة، إلا أنّ الإخفاء القسري لا يزال مستمرًا، رغم أنه لا شك في خرقه لكافة القوانين والمواثيق الدولية، فضلًا عن خرقه الدستور المصري الذي تنص مادته 54 على تجريم القبض على الأشخاص دون استصدار إذن قضائي، كما تنص مادته رقم 99 على أنّ "كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون، جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم"، ومن الواضح أنّ الإخفاء القسري يدخل ضمن الجرائم المذكورة في المادة.
وكانت أسرة حسن البنا قد تقدمت ببلاغات وأرسلت تيليغرافات للجهات المعنية، في واقعة تعرض حسن للاختفاء القسري، كذلك فعل المحامي الحقوقي حليم حنيش بتقديم بلاغ للنائب العام، في الثامن من شباط/فبراير الجاري، للتحقيق في اختفاء الأعصر وحسن، وتتبع هاتفيهما لتحديد مكان إخفائهما، لكن دون استجابة مناسبة من النيابة العامة، وغيرها من الجهات المعنية.
وجاء ظهور الأعصر وحسن، اليوم السبت، في نيابة أمن الدولة العليا، تأكيدًا على ارتكاب السلطات الأمنية جريمة الاختطاف والإخفاء القسري بحقهما، وهو الأمر الذي شكك فيه البعض، مثل محمود بدر مؤسس حركة تمرد، وعضو مجلس الشعب المصري.
وجرى التحقيق اليوم مع مصطفى الأعصر، في حين رُحّل حسن البنا إلى طرة، حيث يفترض استكمال التحقيقات معه غدًا الأحد، وقد حُقق معه أوّل مرة في نيابة أمن الدولة الخميس الماضي.
وبحسب المحامين المتابعين لقضية البنا والأعصر، فقد خلصت التحقيقات التي أُجريت اليوم مع الأعصر واستمرت نحو أربع ساعات، إلى اتهامه بـ"نشر أخبار كاذبة، والانضمام لجماعة أُسست على خلاف القانون"، في قضية جديدة حملت الرقم 441 لسنة 2018، تلي القضية المتهم فيها عبدالمنعم أبوالفتوح رقم 440 لسنة 2018، والتي تحمل نفس الاتهامات: "نشر أخبار كاذبة، والانضمام لجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون".
ويستمر النظام المصري في استخدام تهمة "الانضمام لجماعة إرهابية" أو "جماعة أسست على خلاف أحكام القانون"، بشكل مُلفق ضد الصحفيين والسياسيين والنشطاء، دون الاستناد في اتهامها على أية أدلة واضحة، فضلًا عن نظرها إلى الواقع، ففي حالة أبوالفتوح، من المعروف أنه فُصل من جماعة الإخوان المسلمين منذ 2011، وأنه خاض السباق الانتخابي في مواجهة مرسي في 2012، ويترأس حزبًا أيّد تظاهرات 30 حزيران/يونيو 2013 ضد مرسي، فضلًا عن أنّه حزب "شرعي" وفقًا لقوانين النظام الحالي.
تكررت الاتهامات للمعتقلين مؤخرًا بالانضمام لجماعة "أسست على خلاف القانون"، حيث اتهم الأعصر بذلك ومن قبله أبوالفتوح والقصاص
يُذكر أنّه قبل سويعات، تعرض المقر الرئيسي لحزب مصر القوية بحي جاردن سيتي بالقاهرة، للمحاصرة من قبل قوات أمنية، ومنع العاملين به وأعضاءه من دخوله، وبسؤالهم القوة الأمنية حول مقر الحزب عن سبب المنع، أجابت: "مقر الحزب تحت الحراسة".
اقرأ/ي أيضًا: