عندما سُئلت الملكة الأردنية رانيا العبد الله في مقابلة مع قناة "سي إن إن" الأمريكية عن شعورها بصفتها "عربية فلسطينية، وإنسانة" حول ما يحدث في غزة، قدمت إدانة مُتَّقِدَة للقصف الإسرائيلي على غزة، والمعايير المزدوجة التي يتبعها الغرب، وتساءلت: "هل يقال لنا إنه من الخطأ قتل عائلة بأكملها بالرصاص، لكن من المقبول قصفهم حتى الموت؟".
تشير وكالة "بلومبيرغ" في تقرير إلى أن هذه المقابلة التي استُقبِلَت بغضب في "إسرائيل" تمثل جزءًا من التباعد المتزايد بين الطريقة التي تنظر بها دولة الاحتلال إلى الصراع، وكيف تنظر إليه بقية دول الشرق الأوسط، ودول الغرب والعديد من الدول الأخرى.
ففي داخل "إسرائيل" هناك شعورٌ قوي بالقلق، يظهر من خلال استطلاع جديد للرأي بيّن أن 64 % من الإسرائيليين يخشون الآن على سلامتهم البدنية، حيث تواصل "حركة حماس" إطلاق الصواريخ على المناطق الإسرائيلية كل يوم، بينما يحاول مقاتلوها التسلل عبر البر أو البحر رغم القصف الهمجي على القطاع. ويعتقد مسؤولو الأمن أنَّ بعض الذين دخلوا يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، ربما يكونون مختبئين استعدادًا لهجوم ثانٍ.
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء الماضي، إن "هجمات حماس لم تحدث من فراغ، فالشعب الفلسطيني يتعرض للاحتلال الخانق منذ 56 عامًا"
بينما يرى كثيرون خارج "إسرائيل" الأمور من منظور مختلف. فقد قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء الماضي، إن "هجمات حماس لم تحدث من فراغ، فالشعب الفلسطيني يتعرض للاحتلال الخانق منذ 56 عامًا".
وهذا ما أثار غضب سفير "إسرائيل" لدى الأمم المتحدة، جلعاد أردان، إلى درجة أنه دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى الاستقالة.
وحتى ألمانيا التي سارعت إلى إظهار دعمها لإسرائيل في عدوانها على غزة، أكدت رفض طلب "إسرائيل". وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن هيبستريت، في برلين: "الأمين العام للأمم المتحدة يحظى بالطبع بثقة الحكومة الألمانية".
لا ينكر الإسرائيليون أن هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، يتطلب سياقًا محددًا. لكن بالنسبة لهم، فإن هذا السياق لا يتعلق بإساءة معاملة الفلسطينيين. وهم ينظرون إلى هجوم "حماس" على أنه "امتداد للاعتداءات المعادية للسامية عبر القرون"، وفق اعتقادهم.
وفي هذا السياق، قدم الزعماء الغربيون تضامنهم ودعمهم لتل أبيب، وذلك بعد زيارة أجراها الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي قدم مساعدات عسكرية بالمليارات وأشار إلى "التاريخ اليهودي المؤلم"، كما يعتقد.
بعد تلك الزيارة، شعر الإسرائيليون بأنهم محميون، واعتقدوا أن خطتهم "للقضاء على حماس ستحظى بتعاطف عالمي"، ومع تحليق الطائرات المقاتلة الإسرائيلية في سماء غزة، وقصفها الجنوني للمدنيين، الذي أسفر عن استشهاد الآلاف من المواطنين العزل، جاء هذا التعاطف بتبعات لم يتوقعها الإسرائيليون.
فقد ألغى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة كانت مقررة لإسرائيل هذا العام، واعتبر أن "حماس ليست منظمة إرهابية، بل بالأحرى مجموعة من المحررين والمجاهدين الذين يدافعون عن أرضهم وشعبهم. ولن نسمح أبدًا بقتل الأطفال".
كما جمّدت تركيا خططًا للتعاون في مجال الطاقة مع "إسرائيل".
وفي مناطق أخرى من العالم الإسلامي، قال رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم: "لا يوجد زعيم مسلم يتوقع حل الأحداث في غزة بسهولة". وأضاف: "السبب في ذلك هو أن إسرائيل صارت متعجرفة للغاية بدعم من الولايات المتحدة وأوروبا"، وتابع: "من الجنون السماح بذبح الناس، وقتل الأطفال، وقصف المستشفيات، وتدمير المدارس. إنها ذروة الهمجية في هذا العالم".
بالمقابل، تحاول "إسرائيل" تصوير "حركة حماس" في الغرب بأنها "داعش الجديدة"، وتعهدت بتدمير الحركة الفلسطينية المسلحة، وقالت مديرة معهد الشرق الأوسط "SOAS" بلندن لينا الخطيب: "وصف حماس بأنها داعش الجديدة ليس غير دقيق من الناحية التحليلية فحسب، بل يحمل أيضًا خطرًا جعل جميع سكان غزة أهدافًا معرضة للخطر"، وأضافت: "العرب والمسلمون يرفضون على نطاق واسع هذا التوصيف التبسيطي والخطير".
ومع دعوات العديد من زعماء العالم إلى وقف إطلاق النار الذي من شأنه السماح بدخول مزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، قال المتحدث باسم الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، توماسو ديلا لونغا، في وقت سابق من هذا الأسبوع، إن: "المساعدات التي وصلت حتى الآن قطرة من محيط المساعدات اللازمة".
وفي "إسرائيل"، ومع تزايد المخاوف من أن "حزب الله" قد يدخل الحرب، يتحدث البعض عن المغادرة إلى الولايات المتحدة أو أوروبا، على الأقل لفترة من الزمن. لكن آخرين يقولون إن المظاهرات المناهضة "لإسرائيل" في المدن الغربية تجعلهم يشعرون بقدر أقل من الأمان في الخارج.