28-أغسطس-2024
عملية رفح

ارتكبت إسرائيل جرائم حرب في مخيمات النازحين في رفح (رويترز)

أصدرت منظمة العفو الدولية "أمنستي" تحقيقًا جديدًا حول الهجوم الذي شنته إسرائيل على رفح جنوبي قطاع غزة، أيار/مايو الماضي، دعت فيه المنظمة الحقوقية الدولية إلى التحقيق مع الهجمات الإسرائيلية على مخيمات النازحين في رفح باعتبارها جرائم حرب، مؤكدةً أنّ دولة الاحتلال الإسرائيلي "فشلت في اتخاذ الاحتياطات الممكنة لتجنب أو تقليل الضرر الذي قد يلحق بالمدنيين"، جرّاء غارات جيشها واستخدامها أسلحةً ذات تأثيرٍ واسع النطاق في مناطق مكتظة بالمدنيين في مخيم السلام الكويتي، الأمر الذي يشكل انتهاكًا لالتزاماتها بحماية المدنيين.

وبحسب التحقيق الجديد الذي أجرته منظمة العفو الدولية: "امتنعت القوات الإسرائيلية عن اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتلافي أو تقليل الضرر اللاحق بالمدنيين المحتمين بمخيمات النازحين أثناء تنفيذ هجمتين بقنابل عشوائية في جنوب قطاع غزة المحتل في أيار/مايو الماضي"، وإنه: "يجب التحقيق في كلتا الهجمتين باعتبارهما جرائم حرب".

وفي تفاصيل الهجمتين ذكر تحقيق العفو الدولية أنّ غارتين جويتين شنتهما إسرائيل في 26 أيار/مايو 2024 على مخيم السلام الكويتي، وهو مخيم مؤقت للنازحين في تل السلطان غرب رفح، تسببتا في مقتل ما لا يقل عن 36 شخصًا – من بينهم ستة أطفال – وإصابة أكثر من 100 آخرين".

هُجّر أكثر من 85% من سكان غزة مرةً واحدة على الأقل، واضطر العديد منهم الآن إلى النزوح عدة مرات.

وتألفت الغارات الجوية، حسب آمنستي، من قنبلتين موجهتين من طراز GBU-39 أمريكيتَيْ الصنع. ومن المرجح أن استخدام هذه الذخائر، التي تطلق شظاياها القاتلة على مساحة واسعة، في مخيم لإيواء يؤوي مدنيين في ملاجئ مؤقتة مكتظة بالناس، يشكل هجومًا غير متناسب ولا يفرّق بين المدنيين والعسكريين، ويجب التحقيق فيه باعتباره جريمة حرب.

وفي الحادثة الثانية التي حققت فيها المنظمة ووقعت 28 أيار/مايو، أطلق الجيش الإسرائيلي ثلاث قذائف مدفعية، على الأقل، على موقع في منطقة المواصي في رفح، والتي يصفها الجيش الإسرائيلي بأنها "منطقة إنسانية". وأسفرت الغارات عن مقتل 23 مدنيًا – بينهم 12 طفلًا وسبع نساء وأربعة رجال – وأصابت العديد من الأشخاص الآخرين باستخدام ذخائر غير موجهة في منطقة مليئة بالمدنيين الذين يحتمون بالخيام، وبالتالي فقد كانت هجمةً عشوائية ويجب التحقيق فيها باعتبارها جريمة حرب، حسب تحقيق العفو الدولية.

وقالت إريكا غيفارا روساس، كبيرة مديري البحوث وكسب التأييد والسياسات والحملات في منظمة العفو الدولية: "لقد كان الجيش الإسرائيلي يدرك تمام الإدراك أن استخدام القنابل التي تطلق شظايا مميتة عبر مئات الأمتار، وقذائف مدفعية غير موجهة، من شأنه أن يقتل ويصيب عددًا كبيرًا من المدنيين الذين يحتمون في أماكن مكتظة تفتقر إلى الحماية. وكان بوسع الجيش، بل وكان ينبغي له، أن يتخذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب، أو على الأقل تقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين".

وأضافت أنه "يجب على جميع أطراف النزاع اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين. ويشمل ذلك أيضًا التزام حماس والجماعات المسلحة الأخرى بتجنب، إلى أقصى حد ممكن، إبقاء المقاتلين أو الأهداف العسكرية في المناطق المكتظة بالسكان أو بالقرب منها".

وأجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع 14 ناجيًا وشاهدًا، وعاينت مواقع الهجمات، وزارت مستشفى في خانيونس حيث كان الجرحى يتلقون العلاج، وصوّرت بقايا الذخائر المستخدمة في الهجمات للتعرف على نوعها، وفحصت صور الأقمار الصناعية للمواقع. كما استعرضت المنظمة تصريحات الجيش الإسرائيلي حول الهجمات".

وأفادت العفو الدولية أنها أرسلت، في 24 حزيران/يونيو 2024، أسئلةً بشأن الهجومَين إلى السلطات الإسرائيلية، لكنها لم تتلقَّ أي رد حتى وقت نشر نتائج التحقيق الذي قامت به. وإن كان جيش الاحتلال قد دأب ـ في تبرير استهدافه أماكن مكتظة بالنازحين ـ  بذريعة وجود مقاتلين من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أو الجهاد الإسلامي فيها، وحتى إن صح ذلك، فإنه لا يعفيه، حسب منظمة العفو الدولية، من مسؤوليته بالالتزام بحماية المدنيين.

وبشكلٍ عام اعتبرت المنظمة أن الحصار الإسرائيلي غير القانوني لقطاع غزة، وأمر إسرائيل سكان القطاع بالنزوح إلى مناطق صغيرة، فاقما من معاناة المدنيين في ظل استمرار الحرب.

ولفتت العفو الدولية، في خلفية تحقيقها، إلى أنه قبل بدء الاجتياح البري في 7 أيار/مايو 2024، كانت رفح تستضيف أكثر من 1.2 مليون شخص من المناطق الواقعة إلى الشمال، الذين هُجّروا قسرًا منذ 13 تشرين الأول/أكتوبر 2023 عندما أصدر الجيش الإسرائيلي أول أمر "إخلاء" جماعي لسكان ما أسماه الجيش بـ"شمال وادي غزة".

 لقد هُجّر أكثر من 85% من سكان غزة مرةً واحدة على الأقل، واضطر العديد منهم الآن إلى النزوح عدة مرات. وتشير التقديرات الآن إلى أن أكثر من مليون فلسطيني نزحوا من رفح في أعقاب توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في المنطقة.

ومنذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، أجرت منظمة العفو الدولية تحقيقاتٍ متعمقة في 16 غارة جوية إسرائيلية أسفرت عن مقتل ما مجموعه 370 مدنيًا، من بينهم 159 طفلًا، وخلفت مئات الجرحى. وقد وجدت منظمة العفو الدولية أدلةً على ارتكاب القوات الإسرائيلية جرائم حرب، بما في ذلك الهجمات المباشرة على المدنيين والأعيان المدنية أو الهجمات التي لا تفرّق بين المدنيين والعسكريين، فضلًا عن الهجمات غير القانونية الأخرى والعقاب الجماعي للسكان المدنيين. وتطالب منظمة العفو الدولية المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بالإسراع في تحقيقاتها في الوضع في فلسطين، وتدعو في حملة مستمرة من أجل وقف فوري لإطلاق النار.

وقد تسبب عدوان إسرائيل المستمر على غزة في حصد أكثر من 40 ألف شهيدٍ فلسطيني، وما يناهز 100 ألف جريح ومصاب جلهم من الأطفال والنساء.