19-يوليو-2024
تركيا والنيجر

تركيا تعزز علاقاتها مع دول غرب إفريقيا (الأناضول)

تعاظمت الطموحات التركية في إفريقيا مؤخرًا، وتزامن هذا الاهتمام التركي بالقارة الإفريقية مع مغادرة فرنسا والولايات المتحدة لأكثر من بلد إفريقي، وبشكلٍ خاص دول الساحل التي شهدت انقلابات عسكرية ووصل فيها ضباط معادين لباريس وواشنطن إلى سدة الحكم، على غرار مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

وهذه الأخيرة استقبلت هذا الأسبوع وفدًا تركيًا رفيعًا ضمّ وزير الخارجية هاكان فيدان، ووزير الدفاع يشار غولر، ووزير الطاقة والموارد الطبيعية ألب أرسلان بيرقدار، ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن، بالإضافة إلى رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية التابعة للرئاسة خلوق غورغون، وأوزغور فولكان آغار مساعد وزير التجارة.

وتشير طبيعة الوفد إلى طبيعة الملفات التي تتباحثها أنقرة مع نيامي وتسعى لتعزيز دورها فيها، ويتعلق الأمر أساسًا بالصناعات العسكرية واليورانيوم، حيث من المتوقع أن يترجم التقارب التركي النيجري باتفاقيات تجعل أنقرة في صدارة المزودين لنيامي بالأسلحة، وتؤمّن لتركيا من ناحية ثانية الوصول إلى اليورانيوم النيجري بهدف دعم صناعة الطاقة النووية الناشئة في البلاد، حسب وكالة "بلومبرغ".

استفادت تركيا من عمل النيجر على تغيير شراكاتها الدولية، لتصبح أحد أهم شركاء الدولة الغنية باليورانيوم

وكانت "فرانس برس" قد نقلت عن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، قوله للصحفيين في نيامي إن مسؤولي البلدين ناقشوا: "ما يمكن فعله لتحسين صناعة الدفاع والاستخبارات في إطار مكافحة الإرهاب (...) المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار في منطقة الساحل"، مضيفًا القول: "السلام والأمن والاستقرار في إفريقيا من بين أولوياتنا" وفق تعبيره.

وشهدت اللقاءات بين المسؤولين الأتراك والنيجريين توقيع إعلان نوايا بشأن التعاون في مجالي النفط والغاز الطبيعي: "بما يفتح الباب أمام دعم وتشجيع الشركات التركية في تطوير حقول النفط والغاز الطبيعي في النيجر".

وكان رئيس الوزراء النيجري، علي الأمين زين، أعرب عن ارتياحه لما وصفها: "بدينامية التعاون مع تركيا، لا سيما في مجال الدفاع"، معتبرًا أنّ: "التحدي الأمني المفروض على النيجر يتطلب أن تكون لديها كل الوسائل اللازمة لضمان دفاعنا"، مضيفًا القول قاصدًا تركيا: "نعلم أنكم قادرون على ضمان ذلك لنا". كما  قدّم المسؤول النيجري تأكيدات بأن: "كل التسهيلات ستُمنح للمستثمرين الأتراك".

وتُعد تركيا، حسب "فرانس برس"، أحد الشركاء الذين تَحوَّل إليهم النظام العسكري في نيامي إلى جانب روسيا وإيران، مستفيدةً في ذلك من عمل النيجر على تغيير شراكاتها الدولية بعدما طردت من أراضيها الجنود الفرنسيين الذين كانوا منتشرين في إطار "القتال ضد الجهاديين"، على أن يغادر الجنود الأميركيون أيضًا بحلول أيلول/سبتمبر المقبل.

تركيا وإفريقيا

وكانت فرنسا وألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي، إضافةً إلى الولايات المتحدة، علّقت مجموعةً من برامج المساعدات للنيجر بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح برجل باريس وواشنطن، محمد بازوم، في 26 تموز/يوليو الماضي. ويذكر أن بازوم لا يزال محتجزًا رغم المطالبات الدولية بالإفراج عنه.

وفي الإطار نفسه، عمدت برلين إلى إنهاء تعاونها العسكري مع النيجر بحلول نهاية آب/أغسطس، متذرّعةً بـ: "غياب الموثوقية في علاقاتها مع نيامي".

اليورانيوم

نقلت وكالة "بلومبيرغ" عن مصادر وصفتها بالمطلعة، طلبت عدم الكشف عن هويتها، قولها: "إن زيارة الوفد التركي تهدف إلى استفادة أنقرة من إمدادات النيجر من المعدن الانشطاري".

وأشارت الوكالة إلى أنّ الحكومة العسكرية في النيجر: "سحبت حقوق التعدين من شركات كندية وفرنسية لتطوير رواسب اليورانيوم، وذلك بعد خضوع البلاد لسيطرة المجلس العسكري منذ الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد بازوم".

واعتبرت الوكالة أنّ: "الانقلاب في النيجر سلّط الضوء على أهمية مخزونات البلاد الضخمة من اليورانيوم، المعدن الثمين، الذي لطالما برز في إدارة علاقات النيجر الدولية، والتي تعتبر من أفقر دول العالم رغم مواردها الضخمة منه".

وتسعى تركيا، حسب "بلومبرغ"، إلى تأمين إمدادات اليورانيوم لمفاعل "أكويو" الواقع على البحر المتوسط، وهو أول محطة طاقة نووية في البلاد، والتي تبنيها شركة "روس آتوم" الروسية المملوكة للدولة، فضلًا عن منشأتين أخريين يتم التخطيط لإنشائهما.

ويشار إلى أنّ النيجر تملك حوالي 5 بالمئة من إنتاج اليورانيوم في العالم، وتحتل المرتبة العاشرة بين أكبر مصدري الوقود النووي، وفقًا للرابطة النووية العالمية.

قدّم الوفد التركي للنيجر عروضًا واسعةً للتسلح والتنسيق الاستراتيجي المشترك

وتؤكد الوكالة أيضًا أنّ: "زيارة الوفد التركي تأتي في الوقت نفسه الذي تحاول فيه روسيا الاستحواذ على بعض أصول اليورانيوم في النيجر".

صناعات الدفاع التركية

أعلن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أن الوفد التركي ناقش مع النيجر: "ما يمكن فعله لتحسين صناعة الدفاع والاستخبارات النيجرية لعدم الاستقرار في منطقة الساحل".

وبحسب مصادر غربية: "قدّم الوفد التركي للنيجر عروضًا واسعةً للتسلح والتنسيق الاستراتيجي المشترك، وقد طرح تفاصيلَ فنيةً كثيرةً للمسؤولين العسكريين في النيجر، وخصوصًا ما تعلق بتزويد نيامي بالطائرات المسيّرة للاستطلاع أو الهجوم".

ويشار في هذا الصدد إلى الطائرات المسيرة التركية من طراز "بيرقدار" باتت "عنصرًا أساسيًا في جيشي مالي وبوركينا فاسو، وهما حليفان لنيامي يحكمهما أيضًا مجلسان عسكريان ويواجهان عنف المتطرفين" حسب "بلومبرغ".

ولم تستبعد مصادر أخرى أن تقود الشراكة الاستراتيجية بين النيجر وتركيا إلى تمكين أنقرة من إقامة قاعدة عسكرية تركية في منطقة أغاديس شمال البلاد، وهي منطقة ذاتُ موقعٍ جغرافي استراتيجي، حيث تقع على تماس، مع تشاد وليبيا والجزائر، كما يعد إقليم أغاديس مركزًا لمناجم اليورانيوم.