كما كان متوقعًا، رفض الاتحاد الأوروبي اقتراح مسؤول السياسة الخارجية، جوزيب بوريل، بتعليق الحوار السياسي مع إسرائيل بسبب حربها الهمجية على قطاع غزة. وبحسب معلومات قادمة من بروكسل، فقد كانت ألمانيا على رأس الرافضين لمقترح بوريل، بالإضافة إلى وزراء خارجية النمسا والتشيك والمجر وهولندا.
وفي محاولة من برلين لإظهار انحيازها لحق الفلسطينيين في الوجود، أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية عن انفتاح بلادها على اتخاذ إجراءات ضد أعضاء في الحكومة الإسرائيلية. ومع ذلك، لم تمتلك ألمانيا حتى اليوم الجرأة على اتخاذ موقف من ذلك القبيل رغم التقارير الدولية التي تدين إسرائيل بارتكاب جرائم حرب، وبالشروع في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.
ولم يأت مقترح بوريل بتعليق الحوار السياسي مع تل أبيب إلا بعد أن توصل إلى قناعة بأن السلوك الإسرائيلي في غزة ينتهك القانون الدولي بشكلٍ فاضح.
70 بالمئة من ضحايا آلة القتل الإسرائيلية في غزة من النساء والأطفال
ولم يقتصر بوريل على اقتراح تعليق الحوار السياسي، بل اقترح مؤخرًا اتخاذ إجراءات عقابية "ضد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش وزميله وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير". كما سعى بوريل إلى "حظر استيراد المنتجات من المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي تعد غير قانونية وفقًا للقانون الدولي". لكن مساعيه تلك كانت تتحطم على صخرة المواقف الألمانية والهولندية والمجرية والتشيكية المنحازة إلى إسرائيل.
وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده بعد اجتماع وزراء الخارجية في الاتحاد الأوروبي، قال بوريل الذي سيغادر منصبه بعد أقل من شهر من الآن إن "معظم الدول الأعضاء رأت أن من الأفضل كثيرًا استمرار العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع إسرائيل"، مضيفًا "لكنني على الأقل أطرح على الطاولة جميع المعلومات التي تأتينا من منظمات الأمم المتحدة وكل منظمة دولية تعمل في غزة والضفة الغربية ولبنان من أجل الحكم على الطريقة التي تدار بها هذه الحرب"، حيث تفيد تلك التقارير بسوء إدارة إسرائيل للحرب وانتهاكاتها المستمرة ضد البشر والحجر معًا.
ونشر بوريل بيانًا قبل الاجتماع الأوروبي في بروكسل أوضح فيه أن خطوته بطلب تعليق الحوار السياسي مع إسرائيل تأتي بعد "عام من المناشدات التي لم تلق استجابةً من جانب السلطات الإسرائيلية بشأن احترام القانون الدولي في الحرب الدائرة في غزة".
وأكد بوريل في معرض التدليل على أن إسرائيل انتهكت القانون الدولي وأساءت إدارة الحرب على غزة، أن 70% من الضحايا في غزة هم نساء وأطفال، معتبرًا أن "الكلمات أصبحت عاجزة عن وصف الكارثة الإنسانية التي يعاني منها القطاع".
وبالتزامن مع مرور عام على العدوان على غزة، أعلن بوريل عن رغبته في ترؤس نقاش "بشأن سلوك إسرائيل في الصراعات في غزة ولبنان خلال اجتماع وزراء الخارجية في الاتحاد الأوروبي"، وهو ما تم في وقت متأخر من يوم أمس الإثنين.
الحوار السياسي الأوروبي مع إسرائيل
تنص اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل التي دخلت حيز التنفيذ عام 2000 على إقامة حوار سياسي بين الجانبين، بما يشمل التعاون الاقتصادي في مجالات الصناعة والطاقة والنقل والسياحة"، وينص الاتفاق على أن العلاقات بين الجانبين "تقوم على أساس احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية".
ونظرًا لإخلال إسرائيل بمقتضيات تلك الاتفاقية، طالب بوريل بتعليق الحوار السياسي معها كأخف طريقة للتنديد بانتهاكاتها للقانون الدولي، مع العلم بأن تعليق ذلك الحوار لا يعني تعليق التعاون الاقتصادي، ومن هنا اعتبر بعض المنتقدين لمقترح بوريل بأنه مجرد ذر للرماد في عيون الفلسطينيين.
تكثيف المساعدات لغزة
على الرغم من الخلاف داخل الاتحاد الأوروبي حول معاقبة إسرائيل ولو رمزيًا، إلا أن هناك إجماعًا أوروبيا على أن الوضع الانساني في غزة كارثي، ويقتضي وقفًا فوريًا لإطلاق النار من ناحية، وتكثيف إدخال المساعدات الإنسانية من ناحية ثانية.
وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو على هامش اجتماع بروكسل إن "الوضع في غزة والضفة الغربية ولبنان كارثي"، مؤكدًا أن ما وصفه بالحل المستدام لتحقيق السلام في المنطقة هو "إقامة دولتين تعيشان جنبًا إلى جنب بسلام وأمان".
من جهتها، قالت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، إنه "لا يوجد أي مبرر يمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة"، مشددةً على ضرورة توفير الإغاثة للمدنيين المتضررين من الحرب الإسرائيلية.