كشفت صحيفة الغارديان البريطانية، استنادًا إلى تقرير قديم من عام 2008 تم الاطلاع عليه مؤخرًا، عن معلومات جديدة حول طرق التعذيب الوحشية التي اتبعتها وكالة المخابرات الأمريكية في أفغانستان. المعلومات المروعة تشير إلى أن وكالة المخابرات سيئة السمعة، استغلت أحد المعتقلين في معتقلاتها السرية، من أجل تدريب المحققين المبتدئين على أشكال مختلفة من التعذيب.
اصطف المحققون واحدًا تلو الآخر ليضربو رأس معتقل يدعى عمار البلوشي، في جدار خشبي مصمم خصيصًا، مما أدى إلى إصابته بتلف في الدماغ
وحسب التقرير الحكومي الأمريكي، فقد اصطف المحققون واحدًا تلو الآخر ليضربو رأس معتقل يدعى عمار البلوشي، في جدار خشبي مصمم خصيصًا، مما أدى إلى إصابته بتلف في الدماغ. وتم الكشف عن هذه المعلومات الخطيرة استنادًا إلى تقرير كانت الوكالة قد أعدته، ورُفعت عنه السرية مؤخرًا كجزء من قضية رفعها محاموا المعتقل.
وقال التقرير إن المحققين لم يلتزموا باللوائح الإرشادية لوكالة المخابرات المركزية في تعذيب البلوشي، حيث استخدموا تقنيات تعذيب دون موافقة. وهو مبرر طالما تم استخدامه للتستر على طبيعة العنف الممنهج الذي استخدمته وكالة المخابرات المثيرة للجدل خارج الحدود الأمريكية. لكن التقنية المشار إليها، والتي تتضمن ضرب رأس المعتقل بجدار خشبي، كانت ضمن تقنيات الاستجواب التي تمت الموافقة عليها.
وفي حين لم يكن هناك وقت محدد لجلسات التعذيب بتقنية "الجدار"، فإنها "عادةً لا تستمر لأكثر من ساعتين في المرة الواحدة"، حسب ما نقلت الصحيفة عن التقرير. وفي حالة البلوشي، فقد استمرت جلسات التعذيب لفترة طويلة بالنظر إلى أنه تم استخدام جسده العاري لتدريب المحققين الجدد على تقنيات التعذيب. حيث اصطف المتدربون واحدًا تلو الآخر، لتعذيب البلوشي، حتى يتسنى للضابط التأكد من إجادتهم لهذه التقنية.
وقال التقرير إنه فيما يتعلق بتقنية الجدار على وجه التحديد، واجه المفتش العام صعوبة في في تحديد ما إذا كانت الجلسة مصممة للحصول على معلومات من المعتقل الكويتي، أو أنها كانت جزءًا من اختبار للمتدربين قبل منحهم شهاداتهم. حيث توصل التحقيق إلى أن التدريب على جسد البلوشي كان مرحلة أساسية للحصول على الشهادة.
وكان مختص في علم النفس العصبي قد قام بإجراء جلسة تصوير بالرنين المغناطيسي لرأس البلوشي في أواخر عام 2018 وتوصل إلى وجود تلف متوسط إلى شديد في الدماغ، ما أثر على قدراته على استرجاع الذاكرة وتنظيم سلوكه. كما خلص تقرير المفتش العام إلى أن معاملة البلوشي لم تسفر عن أي معلومات استخبارية مفيدة، ووصف منطق وكالة المخابرات في تبرير الاعتقال بأنه "غير واضح ومبني على مغالطات منطقية". ووضح أن عمار اضطر لتلفيق المعلومات من أجل وقف التعذيب. وبشأن الافتراضات المغلوطة، أشار التقرير أن المحققين كانوا مقتنعين بأن البلوشي يعرف أكثر مما يقول لأنه كان ابن اخت خالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر.
وحسب الصحيفة، فإن البلوشي كويتي يبلغ من العمر 44 عامًا، وواحد من خمسة متهمين خضعوا لمحكمة عسكرية في خليج غوانتنامو، إذ تم اتهامهم بالمشاركة في هجوم 11 أيلول/سبتمبر. ورغم المؤشرات العديدة على سوء استخدام العنف، ولا دستورية التحقيق الذي ميز جهود المخابرات الأمريكية لعقود، فإن القضية ظلت معلقة لـ10 سنوات، بسبب الجدل حول صلاحية الشهادة التي تم الحصول عليها بعد التعذيب.
ووفقًا لتحقيق المفتش العام الأمريكي، فقد كانت وكالة المخابرات المركزية على دراية بأن نقل البلوشي من مكان حجزه في باكستان إلى شمال كابول قد تم "خارج نطاق القانون"، إذ إنه في ذلك الوقت كان تحت الولاية القضائية الباكستانية ولم يمثل تهديدًا إرهابيًا.
كانت وكالة المخابرات المركزية على دراية بأن نقل البلوشي من مكان حجزه في باكستان إلى شمال كابول قد تم "خارج نطاق القانون"
وأمضى البلوشي أكثر من ثلاث سنوات في حجز وكالة المخابرات الأمريكية، وانتقل بين ستة "مواقع احتجاز سوداء" قبل نقله في عام 2006 إلى خليج غوانتنامو، حيث لا يزال ينتظر المحاكمة.