30-سبتمبر-2024
روسيا

من قصف روسي على سوق للخضار شمالي سوريا في حزيران/يونيو 2023

أصدرت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم الإثنين تقريرًا يوثّق أبرز انتهاكات القوات الروسية منذ بدء تدخلها العسكري في سوريا في 30/ أيلول/ 2015، مشيرةً فيه إلى مقتل 6969 مدنيًا 44% منهم أطفال ونساء، و1251 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية على يد القوات الروسية.

وتضمن التقرير الصادر بعد مرور 9 أعوام على التدخل العسكري الروسي في سوريا 33 صفحة، ووثق استخدام روسيا "شتى أنواع انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك القتل، والتدمير الواسع النطاق، والتشريد القسري، واستخدام الذخائر العنقودية، وقصف المراكز الحيويَّة المدنيَّة".

أسفر التدخل العسكري الروسي في سوريا عن تشريد 4.9 مليون مدني، ومقتل قرابة 7 آلاف مدني 44% منهم من النساء والأطفال

ونقلت الشبكة عن مديرها العام فضل عبد الغني بأن روسيا لم تفتح تحقيقًا وحدًا بانتهاك قواتها،  ومحاسبة أي قائد عن قصف المشافي والأسواق والمدارس "بل إنَّها تنكر كافة التقارير الموثَّقة، وتتهمها بالتزوير والتضليل، وتنحدر بذلك إلى مستوى يماثل النظام السوري"، وأضاف فضل عبد الغني: " يجب على روسيا تحمل مسؤولياتها القانونية، وفتح تحقيقات جدية، والبدء بتعويض الضحايا".

تحدَّث التقرير عن مساهمة التدخل العسكري الروسي باستعادة النظام السوري السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي السورية، بعد أن كانت قد خرجت عن سيطرته في الفترة بين 2011 – 2015، إضافة إلى أنَّ الدعم الروسي للنظام السوري لم يتوقف، بل امتدَّ هذا الدعم ليشملَ مختلف المجالات، بما في ذلك تبرير استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية، والتشكيك في تقارير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، واستغلال المساعدات الإنسانية العابرة للحدود، وتسخير وسائل الإعلام في البروبوغندا لصالح النظام السوري، وتحسين صورة انتهاكاتها.

 كما تجسد دعم روسيا السياسي وفقًا للتقرير في الوقوف ضد أي إدانة دولية للنظام السوري في مجلس الأمن، حيث عملت روسيا على شلل مجلس الأمن تجاه مساءلة النظام السوري عن الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها، وذلك مِن خلال استخدام الفيتو 18 مرة، منها 4 مرات استُخدمت قبل التدخل العسكري، و14 مرة استُخدمت بعد تدخلها العسكري المباشر في سوريا عام 2015.

الشبكة السورية لحقوق الإنسان
حصيلة الضحايا المدنيين على يد القوات الروسية بحسب المحافظات السورية

وأفاد التقرير بأن ذلك يشير إلى تورط روسيا في ارتكاب انتهاكات واسعة إلى جانب النظام السوري، ورغبتها في حماية نفسها من أية إحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية، إضافة إلى تصويتها في جميع دورات مجلس حقوق الإنسان أي 21 مرة، ضد كافة القرارات التي من شأنها أن تدين العنف والوحشية التي يتعامل بها النظام السوري مع مخالفيه، بل وحشدت الدول الحليفة لها مثل: الجزائر وفنزويلا وكوبا وغيرها للتصويت لصالح النظام السوري.

وحسب التقرير، فقد بنت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان قاعدة بيانات ضخمة تُشكِّل دليل إدانة قوي على انتهاكات ارتكبتها القوات الروسية خلال هجمات غير مشروعة في سوريا، والتي شكَّل الكثير منها جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، والذي رافقه إصدار الأخبار عن أبرز حوادث هجمات القوات الروسية التي يتم توثيقها، وإعداد التقارير والتحقيقات عن الهجمات التي تتسبب بمجازر أو دمار مرافق مدنية خدمية أساسية كالمشافي والمدارس، أو هجمات استخدمت فيها القوات الروسية أسلحة محرمة دوليًا كالذخائر العنقودية.

التقرير أشار إلى اعتماده في إسناد مسؤولية هجمات بعينها إلى القوات الروسية على تقاطع عدد كبير من المعلومات، وتصريحات لمسؤولين روس، إضافة إلى عدد كبير من الروايات. حيث تسببت القوات الروسية بمقتل 6969 مدنيًا بينهم 2055 طفلًا و983 سيدة، وما لا يقل عن 362 مجزرة، وأظهر تحليل البيانات أنَّ العام الأول للتدخل الروسي (2015-2016) شهد أعلى معدل للضحايا، حيث بلغ العدد الإجمالي 3564 مدنيًا، وهو ما يمثل حوالي 51% من إجمالي الضحايا خلال السنوات التسع. فيما سجلت محافظة حلب الحصيلة الأعلى من الضحايا قرابة 41% بين المحافظات السورية، تلتها إدلب قرابة 38%.

الشبكة السورية لحقوق الإنسان
حصيلة المجازر على يد القوات الروسية بحسب المحافظات السورية

كما وثَّق التقرير قتل القوات الروسية 70 من الكوادر الطبية، بينهم 12 سيدة، جلهم في محافظة إدلب "31 ضحية"، وكانت الحصيلة الأعلى لهؤلاء الضحايا في العام الأول، وسجل مقتل 24 من الكوادر الإعلامية جميعهم قتلوا في محافظتي حلب وإدلب.

وطبقًا للتقرير فقد ارتكبت القوات الروسية منذ تدخلها العسكري حتى 30 أيلول/سبتمبر 2024 ما لا يقل عن 1251 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنيَّة، بينها 224 مدرسة، و209 منشأة طبية، و61 سوقًا، كما شهد العام الأول للتدخل الروسي 452 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية. فيما شهدت محافظة إدلب الحصيلة الأعلى من حوادث الاعتداء بـ 633 حادثة، أي ما نسبته 51% من الحصيلة الإجمالية لحوادث الاعتداء.

كما سجلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها ما لا يقل عن 237 هجومًا بذخائر عنقودية، إضافةً إلى مالا يقل عن 125 هجومًا بأسلحة حارقة، شنَّتها القوات الروسية منذ تدخلها العسكري في سوريا في 30/ أيلول/ 2015.

وجاء في التقرير أنَّ حجم العنف المتصاعد الذي مارسته القوات الروسية كان له الأثر الأكبر في حركة النُّزوح والتَّشريد القسري، وساهمت هجماتها بالتوازي مع الهجمات التي شنَّها الحلف السوري الإيراني في تشريد قرابة 4.9 مليون نسمة، معظم هؤلاء المدنيين تعرضوا للنزوح أكثر من مرة.

وطالب التقرير مجلس الأمن الدولي بإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، وأوصى المجتمع الدولي بزيادة جرعات الدعم المقدَّمة على الصَّعيد الإغاثي. والسَّعي إلى ممارسة الولاية القضائية العالمية بشأن هذه الجرائم أمام المحاكم الوطنية، في محاكمات عادلة لجميع الأشخاص المتورطين. ودعم عملية الانتقال السياسي والضغط لإلزام الأطراف بتطبيق الانتقال السياسي ضمن مدة زمنية لا تتجاوز ستة أشهر.

وأوصت الشبكة السورية لحقوق الإنسان لجنة التحقيق الدولية (COI) بالقيام بتحقيقات موسَّعة في الحوادث الواردة في التَّقرير، وتحميل المسؤولية للقوات الروسية بشكل واضح في حال التوصل إلى أدلة كافية عن تورطها. كما طالب الاتحاد الأوروبي بتطبيق عقوبات اقتصادية على روسيا، نظيرًا لما ارتكبته من جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في سوريا.