على شاطئ شاري
البرك التي ما عادت تتنفس
على المجاري المطوية
نسيت
إطلالتها الأولى
على نهر شاري
وقت كانت الشمس
ترحّب بالوجوه المارة
المتباينة في تعاستها
لم ير أحدهم
تلك الظلال التي تعانق الأرض.
*
قبالة الحوض
تقف أشجار وحيدة الظل
تودع دائمًا
ساعتها الأولى من النهار
برفقة سيدة
لا تملّ النظر إلى الماء
وذاك الظلّ العائم.
*
لم تكن
الأغاني الماطرة تدوّي
إلا على شواطئ شاري
حينذاك
أذكرُ كم ارتابت العيون الكالحة
والبرك
من ذاك الصمت الثقيل.
الصّمت العابر كقناع فقيه بجلباب قسيس يبشّر
على مسمع الملأ
ثمّة عائد.
ألم
الوجهة الأولى
من الزمن الغابر
والتي تتغير بعد حين
عندما تتساقط أوراق العمر
تبدو كورقة مطوية
داست عليها الأقدام.
الساعات الحرجة
تأتي على عجل
كأنّ لها دينٌ على عاتق عجوز
يعجز عن مساومة ذاته
على أن يسدّد
ولو على مضض
بقاياه التي تسابق العمر.
*
على جرف هاوية
كم تبدو أنغام المحبّين
واضحة
تمامًا كذاك البؤس
الذي يستشري
في قلب المدينة.
*
قلوبُ المحبّين عامرة
بالخراب
جراء ندبة يغلّفها اليأس.
*
هذه الفتحات
لا تذكّر بشيء
من مسرّات الطرقات الطويلة
التي غطّاها الحنين
حنين الفراغ
إلى مرضه الفارغ.
*
من الوله
بشيء ما
ستتغير أوراق العمر
التي طواها الألم
وداست عليها الأقدام
ولو بعد حين.
شاعر يرشق الليل بكلمة
"ساكنةٌ"
مالك تُقوّمين الوجع
ذاك الغائر في الأعْماق
ينْتثرُ من لحنه الصّمْت
في رزاز اللّيل
أرشُقُ لحني بصوتك الحُرّ.
*
ألملم زحفي الحافي
تحت ذاك التراب
ينبتُ
من خصلات شعرك
ضجر "مكاكازي" النّائمة.
*
كلّميني
عن زوايا جسدك
في ذاك السّواد
ادْلهمّ
مُنذُ فجر التّاريخ
نور الكلمات السّاطعة
خرابٌ
امْتشق ظهر الأحْرُف
في تدوين اللّيْل
غاب، ذاك الجسدُ
وليدُ صُورته التي امْتهنتِ الأدْغال.
أطلّ الشّاعر
يرسمُ قيثارتهُ بشيء من الهواء
ضجرٌ مُعتّمٌ، اخترقه بكلمة حُب
رشق اللّيْل بخصْر الجُمل العصيّة
تلك الجُمل تزْحفُ بسُرعة الضوء.
كالصحراء توغلُ في قلْب الشّاعر
كالبرْد ينزل على أعصاب الشّاعر
تهادى في إتيانه
ذاك اللّيْل
حين رمقهُ
مُتبخترا، مُتأخّرًا
ينْخُرُ عظامُ المدينة
والنّاس نيام،
ظلّ الشّاعرُ يرْشُقُ اللّيْل بكلمة!