ممتلئٌ برائحة النّار، والصّوف
كالخيام، كجدّي، أبي...
يأخذنا الحَنين إلى البداوة
وإلى المسافات
التي تخلو من التّضاريس
تُضيئها عيون النّسورِ، عن بُعد.
إلى العَرق البارد، يختلط برائحة العَصر، وملح التّعب، والسّاعة الخامسة، كؤوس الشّاي، السّجائر الرّخيصة، والحرائق التي تصير لعبةً في يدِ الصبية.
الحنين وسمٌ يحملهُ الأبناء من آبائهم، إن كانوا يختمرون بالشِّعر،
ويكترثون بوجه الحقيقة الآخرِ، في التّشكّك!
الصحاري الغاضبة كالخيول الجامحة
يروّضها حنين الشّعراء، لأنها أنثى!
حيث لا قيود يفرضها غباء الحضارات على تنانين المُخيّلة الرّصاصيّة
وحيث يمتلك المجاز كلّ ما في الأرض من دونمات،
والسّماوات، وما بينهما من جنونٍ
ومن انتحار، في جرّ الزّمان
إلى الوراءِ، كما الخديعة،
بفلترٍ أصفر. ربما،
أو ربما أصدق دون خدع الحداثة السينمائية في متاجر الرجل الأبيض،
يعود معه الحنين إلى لعنة الأمس حاضرًا نحيا معه،
بكامل الصّدق، كمعتقدات المجوسِ، وشعوب النّهر الأكبر
والخيول التي تجرح سطوة الشّمس على دروب القلاع.
كجيوش النّساء الحُمر،
ترقّطن شعورهنّ بجداول النّار وزنابق الصّحراء،
كقبائل الأمهات، والوشوم الزُّرق، وبنات آوى،
والأفاعي الآلهة.
كعيون السّحر وضروب الرّملِ،
والخرافةِ التي تمتزج ببراءة النّذورِ،
إلى سيّدة الحريق الأعظم.
بالمزامير، الزغاريد والرّقص مع القمر وأفواج الذّئاب.
وكالبادية "حيث لا ناموس يعلو فوق ناموس البواريد"
يكون الصّيد ثقافةً تتقاسمها الجوارح
مع النّبال المرصودة بالنّار والفيروز.
لا أحدٌ يمتلك خطابة الرّمال
وغضبة صدقها.
ولهذا ربّما، نَبَعَتْ بِطاحٌ بالرّسل، والمُعجزات،
بفراسة الصّعاليك في ترجمة النّبوءة،
وتبليغها عن غيب.
قريبًا
سينخفض مستوى الصّوت
ستنتهي الكلمات،
وتتأكل الرّقوق التي خطّها الوحي
وستستمرّ البادية،
بعزفها المنفرد،
لنشيد التّراب.
اقرأ/ي أيضًا: