لا يستوعب تنظيم مثل داعش أن الزمن تغير وأن الآية انقلبت، فما كان يثير الحماسة في القلوب سابقًا بات مثيرًا للسخرية والضحك، على غرار اسطوانة الشعارات الرنانة والكلام الأجوف التي اكتشف الجميع أنها مجرد مخدر يتم إعداده للشعوب بقصد تعويمها في ذات الإطار المتهالك، لتثبيت أركان الأنظمة الاستبدادية ونشر خلاياها في شتى أرجاء الوطن.
يبدو أن الوازع الديني الذي يعتمر به "الجهاديون" قد وصل إلى مرحلة الفشل الذريع
ما يتضح الآن ونحن نشاهد ما بثته الفضائيات من كلام البغدادي وهو "يستنجد" ويشهر "ورقة" فلسطين إياها التي لطالما تفننت الأنظمة العربية في اللعب على وترها لكسب المزيد من النقاط، فلا فلسطين تحررت ولا الشعوب لبت نداء النفير العام تجاه نجدتها، فأين كنتم طوال هذه المدة أيها المجرمون؟
لا يمكن البتة الحديث عن هذا التطور دون استحضار ما جرى في معركة الرمادي، وما تكبده التنظيم من خسائر فادحة على الأرض، بالأخص في ظل الاتفاقات الكبرى لتسريع وتيرة القضاء عليه وسحقه بناء على ما يجري ويدور في كواليس القوى العظمى التي تتحرك وقت ما تشاء في شتى أرجاء الوطن العربي بصلاحيات واسعة.
يبقى الدافع الرئيس الذي دفع خليفتهم المزعوم إلى توجيه التهديدات للكيان الصهيوني هو البحث عن التعاطف، سعيًا لتعزيز فرص استمراريتهم وضمان تدفق الشباب نحوهم، وتكون النتيجة أننا نقف مجددًا أمام محاولة أخرى لاغتصاب فلسطين من جديد، تحت ذريعة الجهاد مجددًا، فهل وصل التنظيم إلى مرحلة الإفلاس؟
من المنطقي طرح هذا السؤال، بالأخص أن الوازع الديني الذي يعتمر به هؤلاء القتلة يعلن هنا أنه وصل إلى مرحلة الفشل الذريع، ليبقى البديل الأنجع هو طرح قضية أصلية لا تموت، مهما مرت عليها السنوات، ومهما بذل القريب والبعيد في سبيل تهميشها وتلطيخ صورتها تظل عصية واقفة شامخة، تتصدى لمكائد ونزوات المجرمين والإرهابيين على اختلاف أنواعهم. القضية الفلسطينية أشرف وأرقى من أن تتحول إلى مطية دنيئة للأوباش والأوغاد من داعش وأنظمة الاستبداد على حدّ سواء.
اقرأ/ي أيضًا: