"المغربيات لم يعدن يرغبن في إنجاب الأطفال"، هذا ما أعلنت عنه نتائج دراسة حديثة للمندوبية السامية للتخطيط، وهي مؤسسة مغربية رسمية تعنى بالأبحاث والدراسات. لكن لم تتخذ المغربيات هذا القرار؟
كشفت دراسة رسمية حديثة في المغرب عن انخفاض معدل الخصوبة فقد تراجع متوسط عدد الأطفال إلى حوالي طفلين لكل امرأة
كشفت دراسة حديثة للمندوبية السامية للتخطيط عن انخفاض الخصوبة عند المغربيات، فقد تراجع متوسط عدد الأطفال إلى حوالي طفلين لكل امرأة، مقارنة بسنة 1960، التي وصل معدل الخصوبة فيها إلى ذروته ليصل إلى أكثر من 7 أطفال لكل امرأة.
اقرأ/ي أيضًا: الجزائريون في رحلة بحث عن الإنجاب
ورصدت الدراسة ذاتها المتغيرات الرئيسية التي ساهمت في انخفاض الخصوبة عند المغربيات، ومن بين هذه المتغيرات استعمال وسائل منع الحمل الطوعية، التي عرفت انتشارًا واسعًا في صفوف النساء. فبعدما كانت حوالي 6 في المائة من النساء في سن الإنجاب يستعملن وسيلة لمنع الحمل سنة 1960، انتقل هذا المعدل إلى 19في المائة سنة 1979 ثم 63 في المائة سنة 2004 و67,4 في المائة سنة 2011. كما أن انتشار وسائل منع الحمل يقدر بـ 65,5 في المائة في الوسط القروي، و68,9 في المئة في الوسط الحضري.
وكشفت الدراسة عن شيوع استعمال وسائل منع الحمل الحديثة لدى المغربيات، حيث وصلت نسبتها إلى 55 في المئة، في حين تقدر نسبة المغربيات اللواتي يستعملن وسائل منع الحمل التقليدية بـ8 في المائة. وينتشر استعمال هذه الوسائل لدى النساء غير المتمدرسات وأيضًا لدى النساء اللاتي واصلن دراستهن الثانوية والجامعية.
وساعد برنامج تنظيم الأسرة بالمغرب على الحد من وفيات الأمهات والأطفال الرضع، حيث انتقل الرقم من 227 حالة وفاة لكل 100.000 ولادة حية سنة 2004 إلى 72,6 حالة وفاة سنة 2016.
اقرأ/ي أيضًا: قصص مغربيات اخترن الإجهاض!
لماذا تغيرت المغربيات؟
"أدت التحولات السوسيوـ اقتصادية التي عرفها المجتمع المغربي إلى اتخاذ المغربيات قرارهن بعدم الإنجاب أو تخفيضه"، بهذه العبارة بدأت لطيفة السعيدي، باحثة في علم الاجتماع حديثها لـ"الترا صوت"، عن ظاهرة انخفاض الخصوبة بالمغرب.
وتضيف الباحثة: "مغربيات اليوم يختلفن كثيراً عن مغربيات الأمس، فقد انتشر الوعي عند النساء بشكل عام، وذلك راجع إلى تمدرس عدد كبير منهن، ومشاركة المرأة في الحياة العملية، فضلًا عن تأخر سن الزواج، كلها عوامل أساسية ساهمت في انخفاض الخصوبة".
من المنتظر أن يؤدي انخفاض معدل النمو في المغرب إلى شيخوخة المجتمع تدريجيًا في ظل تواصل إقبال النساء على وسائل منع الحمل
كما أن ثمة عوامل أخرى دفعت المغربيات إلى تجنب الإنجاب، من بينها "غلاء المعيشة وانتشار التعليم الخاص بشكل مهول، والذي أضحى يهلك كاهل الأسر المغربية بسبب تكاليفه العالية دون أن ننسى مصاريف العلاج المرتفعة هي الأخرى"، توضح باحثة علم الاجتماع السعيدي.
من جهتها، ذكرت ذات الدراسة السابقة أن تحسين وضع المرأة عامل أساسي في انخفاض الخصوبة، فالقدرة على القراءة والكتابة والتمدرس المؤدي إلى الحصول على شهادة، فتحت للنساء آفاقًا جديدة للاستقلالية والاندماج المهني، مما أدى إلى تراجع سن الزواج عندهن والاستعمال المكثف لوسائل منع الحمل.
يذكر أن انخفاض معدل النمو الديمغرافي الحاد الذي يعرفه المغرب، من المنتظر أن يؤدي إلى ازدياد نسبة الشيخوخة في المجتمع المغربي، إذ ووفقًا لدراسة سابقة كشفت عنها وزارة الصحة المغربية، أكدت أن الساكنة ذات الفئة العمرية أقل من 14 سنة، ستتراجع بحلول عام 2030 إلى 20,9 في المئة فقط.
اقرأ/ي أيضًا: