انطلقت في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك، أعمال الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، بمشاركة قادة دول العالم.
واستهل الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش، أشغال الدورة بكلمة افتتاحية، تحدث فيها عن مدينة درنة الليبية التي ضربتها عاصفة "دانيال"، التي تسببت بوقوع فيضانات غير مسبوقة أدت إلى مصرع الآلاف الأسبوع الماضي.
وقال غوتيريش: إن "أهل درنة عاشوا وماتوا في بؤرة من اللامبالاة بهم، فيما هطلت أمطار غزيرة في 24 ساعة، زادت كميتها بمئات المرات عن المعدلات الشهرية لسقوط الأمطار، وتصدعت السدود بعد سنوات من الحرب والإهمال، ومُحي كل شيء يعرفونه من الخريطة".
استهل الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش، أشغال الدورة بكلمة افتتاحية، تحدث فيها عن مدينة درنة الليبية التي ضربتها عاصفة "دانيال"، التي تسببت بوقوع فيضانات غير مسبوقة أدت إلى مصرع الآلاف الأسبوع الماضي
وأضاف: أن "الآلاف في درنة فقدوا حياتهم في الفيضانات الهائلة غير المسبوقة. كانوا ضحايا مرات عديدة، ضحايا الصراع، وضحايا الفوضى المناخية، ضحايا قادة قريبين وبعيدين، خذلوهم في إيجاد سبيل للسلام".
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، درنة بأنها "تصور بشكل محزن حالة عالمنا، فيضان من انعدام المساواة والظلم وعدم القدرة على مواجهة التحديات".
وحذر غوتيريش، من أن العالم أصبح مليئًا بالتحديات، ويواجه "مجموعة من التهديدات الوجودية كأزمة المناخ، والتكنولوجيات التي لا تزال في مرحلة انتقال فوضوية".
وللوقوف في وجه هذه التهديدات، أكد غوتيريش، على ضرورة إصلاح الهيئة الأممية، لأنه لا يمكن معالجة المشاكل بفعالية، إذا كانت مؤسسات المنظمة لا تعكس وجه العالم.
وشدد الأمين العام للأمم المتحدة على ضرورة "إصلاح مجلس الأمن، وإعادة تصميم الهيكل المالي الدولي"، وأضاف: "نتجه بشكل سريع نحو عالم متعدد الأقطاب، وهو أمر إيجابي بشكل كبير، لأنه يجلب فرصًا جديدة للعدالة والتوازن في العلاقات الدولية، لكن تعددية الأقطاب وحدها ليست ضمانًا للسلام".
السعي لتوسيع مجلس الأمن
بدوره، أكد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن أن بلاده وحلفاؤها سيواصلون دعم أوكرانيا، مشددًا على أن "العالم يجب أن يقف في وجه العدوان السافر لروسيا، لردع المعتدين الآخرين المحتملين في المستقبل".
ولفت بايدن في كلمته، إلى أن "روسيا تعتقد بأن العالم سوف يمل وسيسمح لها بمعاملة أوكرانيا بوحشية دون عواقب". وتساءل بايدن: إذا "تخلينا عن المبادئ الأساسية للأمم المتحدة لاسترضاء المعتدي، فهل يمكن لأي دولة عضو في هذه الهيئة أن تشعر بالثقة في أنها محمية؟ وإذا سمحنا بتقسيم أوكرانيا، فهل يكون استقلال أي دولة آمنًا؟".
وشدد الرئيس الأمريكي، على أن بلاده بالتعاون مع حلفائها ستواصل الوقوف إلى جانب "الشعب الأوكراني الشجاع فيما يدافع عن سيادته ووحدة أراضيه وحريته"، معتبرًا ذلك "استثمارًا ليس فقط في مستقبل أوكرانيا، ولكن في مستقبل كل دولة".
وبخصوص الشرق الأوسط، اعتبر الرئيس الأمريكي، إن الإعلان الأخير الذي صدر خلال قمة مجموعة العشرين لربط الهند بأوروبا عبر الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن وإسرائيل، سيحفز فرص الاستثمار عبر قارتين وهو "جزء من جهودنا لبناء شرق أوسط متكامل وأكثر استدامة".
وعن مسألة التطبيع، قال بايدن: إن "هذا يظهر كيف أن زيادة تطبيع إسرائيل وعلاقاتها الاقتصادية مع جيرانها يحقق تأثيرات إيجابية وعملية، حتى بينما نواصل العمل بلا كلل لدعم السلام العادل والدائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين، للتوصل إلى حل دولتين لشعبين".
كما تعهد الرئيس الأمريكي بمواصلة الضغط من أجل إصلاحات وتوسيع مجلس الأمن الدولي، مؤكدًا أن "واشنطن أجرت مشاورات جادة مع العديد من الدول الأعضاء بشأن توسيع مجلس الأمن"، وأضاف: أن "واشنطن ستواصل القيام بدورها لدفع جهود الإصلاح إلى الأمام"، وتابع: "نحن بحاجة إلى أن نكون قادرين على كسر الجمود الذي كثيرًا ما يعيق التقدم، ويعرقل التوافق في المجلس، ونحتاج إلى مزيد من الأصوات، ومزيد من وجهات النظر على الطاولة".
مجلس الأمن لم يعد ضمانة
أما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فقال: إن "العالم يواجه تحديات خطيرة، وأزمات إنسانية متفاقمة". معتبرًا أن "الإرهاب يستخدم كأداة للحروب بالوكالة في سوريا وشمال أفريقيا ومنطقة الساحل، ويتسبب في ضرر لا يمكن إصلاحه".
وأكد أردوغان، أن "السلام الدائم في منطقة الشرق الأوسط لا يمكن تحقيقه إلا من خلال التوصل إلى حل نهائي في القضية الفلسطينية"، وجدد موقف بلاده الداعم لوحدة سوريا وسلامة أراضيها، ووضع نهاية للحرب فيها.
وبخصوص الملف الأوكراني، شدد أردوغان، على استمرار بلاده في الوساطة بأوكرانيا قائلًا: "سنكثف جهودنا الدبلوماسية لإنهاء الحرب في أوكرانيا".
وحول تغير المناخ، قال الرئيس التركي، إن "تغير المناخ والتحديات المرتبطة به أصبحت واقعًا نعيشه، فليبيا تعرضت لدمار واسع النطاق وخسارة في الأرواح بسبب الإعصار والفيضانات".
واعتبر الرئيس التركي، أن مجلس الأمن الدولي لم يعد ضمانة للأمن العالمي، قائلًا: "مجلس الأمن الدولي بات ساحة تصادم للاستراتيجيات السياسية للدول الخمس دائمة العضوية".
وأضاف: "ينبغي علينا بناء هيكل لإدارة عالمية قادرة على تمثيل جميع الأعراق والمعتقدات والثقافات في العالم"، وتابع: "علينا إعادة هيكلة المؤسسات المسؤولة عن ضمان الأمن والسلام والرفاهية في العالم بسرعة، تحت قيادة الأمم المتحدة".
اللاجئون والمنطقة
أما ملك الأردن عبد الله الثاني، فأكد خلال كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأن هناك 5 ملايين فلسطيني يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي بلا حقوق مدنية ولا حرية تنقل، داعيًا المجتمع الدولي إلى "إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي"، مشيرًا إلى أن "منطقتنا تستمر في المعاناة في ظل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي يمثل القضية المركزية".
وتطرق الملك الأردني للموضوع السوري، قائلًا: إن "المملكة ليست لديها القدرة ولا الموارد على استضافة مزيد من اللاجئين السوريين ورعايتهم"، وأضاف "مستقبل اللاجئين السوريين في بلدهم، وليس في البلدان المستضيفة"، وتابع: "إلى أن يتمكنوا من العودة إلى ديارهم، علينا جميعا أن نفعل الصواب تجاههم".
وهو نفس الموقف الذي تبناه رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، خلال لقائه مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي عبر عن قلق بلاده إزاء أعداد اللاجئين السوريين، وعدم قدرتها على تحمل المزيد في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية الحادة التي تعاني منها.
العمل على إنهاء حرب روسيا
وخلال كلمته أمام الجمعية العامة، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: إن "روسيا تستخدم الأساسيات التي يحتاج إليها العالم مثل الغذاء والطاقة كسلاح في محاولة منها للحصول على الاعتراف بالأراضي التي احتلتها ليس فقط ضد بلدنا، بل أيضًا ضد بلادكم جميعًا"، مشيرًا إلى موضع نقص الغذاء، قائلًا إن "آثاره تمتد من ساحل المحيط الأطلسي في أفريقيا إلى جنوب شرق آسيا، بسبب إغلاق روسيا للموانئ الأوكرانية في البحر الأسود وبحر آزوف، واستهداف الموانئ على نهر الدانوب بالطائرات المُسيّرة والصواريخ".
وأكد الرئيس الأوكراني، إن بلاده "تعمل على ضمان الاستقرار الغذائي"، داعيًا الدول الأخرى للانضمام إليها في هذا المجهود.
واتهم زيلينسكي روسيا بارتكاب إبادة جماعية من خلال خطف أطفال أوكرانيين قسرًا إلى مناطق خاضعة لسيطرتها، قائلًا: "يتم تعليم أولئك الأطفال في روسيا أن يكرهوا أوكرانيا، وكل الروابط مع عائلاتهم يتم كسرها. وهذا الأمر هو بكل وضوح إبادة جماعية".
وأكد الرئيس الأوكراني، أن بلاده "تفعل كل ما في وسعها لضمان أنه بعد العدوان الروسي، لن يجرؤ أحد في العالم على مهاجمة أي دولة"، مشددًا على أن "المحتل يجب أن يعود إلى أرضه". وكشف زيلينسكي، أن بلاده تعمل على الإعداد لقمة عالمية للسلام.
دعوة لإنهاء الاحتلال
أما الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، فأشار في كلمته، إلى أن "الوقت قد حان للتفكير في سبل إعلاء قيم ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتعزيز التزاماتنا الجماعية، وإرساء الأسس المتينة التي تفضي إلى مزيد من التعاون العالمي الفعال بشأن القضايا الرئيسية حتى نتمكن من إشعاع السلم والأمن الدوليين، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة في ظل عالم متعدد الأقطاب".
وأكد تبون، أن بلاده "ستتعاون بشكل وطيد مع كافة الدول، وستسخر خبرتها في مجال الوساطة وتغليب الحلول السياسية والتسوية السلمية للنزاعات".
حذر غوتيريش، من أن العالم أصبح مليئًا بالتحديات، ويواجه "مجموعة من التهديدات الوجودية كأزمة المناخ، والتكنولوجيات التي لا تزال في مرحلة انتقال فوضوية"
وأضاف: "ستنضم بلادي إلى مجلس الأمن حاملة تطلعات شعوب القارة الأفريقية والعالم العربي، وداعية إلى تجاوز منطق تسيير الأزمات، بل اعتماد مقاربة ترتكز على الحلول النهائية للأزمات من خلال معالجة أسبابها الجذرية"، في إشارة لاستعداد الجزائر لاستلام مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن.
وبخصوص القضية الفلسطينية، أكد الرئيس الجزائري، أن بلاده تعي "ثمن انتزاع الحرية، ولن تتخلى عن مساندة القضايا العادلة، بما في ذلك حق الشعب الفلسطيني في تقرير إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس، طبقًا لقرارات الشرعية الدولية".
وأعرب عن تمسك الجزائر بمبادرة السلام العربية كإطار لتسوية القضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي. مطالبًا بمنح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة.