"يومًا ما سأكون صدئًا"
وكما نصحني أحد الأصدقاء تركت أصابعي تنساب على لوحة الكتابة بدون أن أقيدها بفكرةً ما فكتبت: أمر تحت جنح الحياة فتصدر آلامي صريرًا يزعج المارة ويخدش سكون الليل الممل.
توقفت لبرهة تأملت الجملة السابقة وأكملت:
يومًا ما سأكون صدئًا ولي رائحة الحديد حينها لن يقطعني سيف الوقت يكفيني أن أقف أمام السنين كشاهد لم ير شيئًا،
كشاهد يقف على أعتاب الخمسين شتاءً يمرر خيوط صقيعها بين فخذيه العاريتين ولا تنهش فحولته المترهلة
آثار السنين.
سيكون لي وجهًا مجعدًا كخطوط الأرض بعد شوط الحراثة الأخير وأردد في كل خيبة: ألا ليت الشباب يعود يومًا.
أتدرون؟ لقد أرهقتني الفكرة، أنا الآن على أعتاب الثلاثين وهذا يكفي.
قرص "البنادول" الذي أخذته قبل ساعتين بدأ يتراجع أمام ضربات الألم المقيمة منذ أسبوع أو أكثر في فكي السفلي.
تباً لهذه الأضراس المهترئة، أنا الآن على أعتاب الثلاثين وأحتوي من الخراب ما يكفي لإقامة مستشفى بكادره الكامل،
فكيف سأصل إلى الخمسين؟ هههههههه سأصلها على كرسي مدولب، أو في حفرة مترين بمتر.
ألا ليت الطفولة تعود يومًا لأخبرها ما فعل الشبابُ.
الخيبة التي وجدت مستقرًا لها في الجملة السابقة تعنيني، أجل تعنيني.
يومًا ما سأكون صدئًا ولي رائحة الحديد، سأطرق أبواب الحياة الأخرى إلى أن تُفتح.
-من أنت؟
-أنا الأعزل الهزيل
-ماذا تريد؟
- أنوي الإقامة هنا
-ادخل.
يوماً ما سأكون صدئًا ولي رائحة الحديد سأتمدد بحرارة الحنين.
أسكر بالنار على معدةً فارغة فأتقيؤها رمادًا يصلح لرسم أنثى سمراء
كثيرًا ما نبحث عن الخلود
في التاريخ في الطب في الأساطير
الخلود يسكن بين كتفي أنثى، بين نهدي زهرة، أو داخل قبر هش ترابه يسرّ الناظرين
يومًا ما سأكون شاحبًا كليل شتائي
أتعكز الجدران رفيقًا صلبًا
حينها
سأكون شاعرًا آخر أفلت من براثن القصيدة.
اقرأ/ي أيضًا: