11-سبتمبر-2024
مجازر غزة

تفتك برامج الذكاء الاصطناعي بالمدنيين في غزة (رويترز)

أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريرًا جديدًا حول استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي لتقنيات المراقبة والذكاء الاصطناعي وأدوات رقمية أخرى للفتك بالمدنيين في غزة. واعتبرت المنظمة الحقوقية أن لجوء جيش الاحتلال لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في حربه على غزة يلحق أضرارًا بالغة بالمدنيين، مضيفةً أنّ هذه الأدوات الرقمية تثير مخاوف أخلاقية وقانونية وإنسانية خطيرة.

ويأتي تقرير "رايتس ووتش" بالتزامن مع ارتكاب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجزرة مروعة في منطقة مواصي خانيونس راح ضحيتها عشرات المدنيين الذين قُتلوا ودُفنوا تحت خيامهم بعد قصفهم بقنابل "إم كي 84" أميركية الصنع.

يستخدم الجيش الإسرائيلي في أعماله العدائية في غزة أربع أدوات رقمية بغية تحقيق إصابات دقيقة، لكن "هيومن رايتس ووتش" وجدت أنّ الأدوات الرقمية المستخدمة من طرف جيش الاحتلال تعتمد على بيانات خاطئة وتقديرات تقريبية غير دقيقة لتزويد الأعمال العسكرية بالمعلومات بطرق قد تتعارض مع التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي الإنساني، خاصةً قواعد التمييز والحيطة.

ينتهك جيش الاحتلال قوانين الحرب بشكل خطير، وينفذ جريمة حرب باستناده إلى الأدوات الرقمية الموجهة بالذكاء الاصطناعي لغايات إجرامية

ويؤكد زاك كامبل، باحث أول في مجال المراقبة في "هيومن رايتس ووتش"، أن جيش الاحتلال: "يستخدم بيانات غير كاملة وحسابات معيبة وأدوات غير مناسبة للمساعدة في اتخاذ قرارات مصيرية تنطوي على حياة أو موت في غزة، مما يزيد من الضرر اللاحق بالمدنيين" مضيفًا أن: "المشاكل الكامنة في تصميم واستخدام هذه الأدوات تعني أنه، وبدلًا من تقليل الضرر اللاحق بالمدنيين، يؤدي استخدام هذه الأدوات إلى مقتل وإصابة المدنيين بشكل غير قانوني".

وتتضمن هذه الأدوات مراقبةً مستمرة ومنهجية للسكان الفلسطينيين في غزة، بما في ذلك بيانات جُمعت قبل الأعمال العدائية الحالية بطريقة تتعارض مع القانون الدولي لحقوق الإنسان. وتستخدِم هذه الأدوات البيانات الشخصية للمدنيين لتقديم معلومات تستند إليها توقعات التهديدات وتحديد الأهداف والتعلم الآلي.

ولتقييم الأدوات الأربع التي استخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأعمال العدائية في غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، اعتمدت المنظمة الحقوقية على تصريحات عامة من مسؤولين إسرائيليين، ومواد لم تتناولها التقارير سابقًا نشرها جيش الاحتلال، وتقارير إعلامية، ومقابلات مع خبراء وصحفيين.

وتوفر هذه المعلومات، رغم عدم اكتمالها، تفاصيل مهمة حول كيفية عمل هذه الأدوات، وكيفية تصميمها، والبيانات التي تستخدمها، وكيف يمكنها أن تدعم صنع القرارات العسكرية.

الأدوات الرقمية الأربعة التي يستخدمها جيش الاحتلال في غزة

تعتمد الأداة الأولى على تتبع الهواتف الخلوية لمراقبة إجلاء الفلسطينيين من أجزاء من شمال غزة أمر جيش الاحتلال الإسرائيلي سكانها بالكامل بالمغادرة في تشرين الأول/أكتوبر. أما الأداة الرقمية الثانية، فتُعرف بـ "غوسبل" (The Gospel)  وهي تُعدّ قوائم بالمباني أو الأهداف الهيكلية الأخرى التي سيتم مهاجمتها.

والأداة الرقمية الثالثة تُعرف بـ"لافندر" (Lavender)، وتمنح تصنيفات للأشخاص في غزة فيما يتعلق بانتمائهم المشتبه به إلى الجماعات المسلحة الفلسطينية من أجل تصنيفهم كأهداف عسكرية. فيما تعرف الأداة الرابعة بـ "أين أبي؟" (Where’s Daddy?)، تزعم تحديد متى يكون الهدف في مكان معين - غالبًا مكان إقامة عائلته المفترض، وفقا لتقارير إعلامية - لمهاجمته هناك.

وتعتقد "رايتس ووتش" أن الاعتماد على الخوارزميات المشغّلة لتلك الأدوات يهدد: "بانتهاك التزامات القانون الدولي الإنساني فيما يتصل بحماية المدنيين". وقالت إنه لم يكن ممكنًا توثيق متى وأين يستخدم الجيش الإسرائيلي هذه الأدوات الرقمية أو المدى الذي استخدمها فيه بالتزامن مع أساليب أخرى لجمع المعلومات والاستخبارات.

واعتبرت أن جيش الاحتلال ينتهك قوانين الحرب بشكل خطير وينفذ جريمة حرب باستناده إلى هذه الأدوات الرقمية بقصدٍ إجرامي، مضيفةً: "ينبغي لإسرائيل باعتبارها قوة احتلال في غزة، التأكد من أن استخدامها للأدوات الرقمية لا ينتهك حقوق الخصوصية للفلسطينيين"، مع إشارتها إلى أنها اكتشفت في أيار/مايو 2024، بيانات نشرها الجيش الإسرائيلي علنًا على الإنترنت، يفترض أن ذلك بالخطأ، تضمنت ما يُفترض أنه بيانات تشغيلية تتعلق بالأنظمة المستخدمة لمراقبة إجلاء الأشخاص وتنقلهم عبر غزة، كما تضمنت معلومات شخصية وأسماء العائلات الأكبر عددًا في كل منطقة.

وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن نشر الجيش الإسرائيلي لهذه البيانات عبر الإنترنت ينتهك حق الفلسطينيين في الخصوصية، ويُظهر عدم اتخاذ الجيش للاحتياطات الأمنية الكافية بشأن ما يجمعه من بيانات.

ولفتت إله أنه وعلى مدى الأشهر العشرة الماضية في غزة، قتلت إسرائيل أكثر من 40 ألف شخص وجُرح 94 ألفًا آخرين، كما دمرت قوات الاحتلال أكثر من 70% من البنية التحتية المدنية وأكثر من 60% من منازل المدنيين أو تضررت بشدة، فيما نزح جميع سكان غزة تقريبًا من منازلهم.