يحتل الشاعر العراقي رعد عبد القادر (1953 - 2003) مكانة راسخة بين شعراء سبعينيات القرن الماضي في العراق، وذلك لخصوصية نصه وفرادة شخصيته. كتب سعد هادي عن عالمه الذي يشبه شعره يقول: "يشبه بيت رعد عبد القادر من الداخل كتابًا مفتوحًا، كانت تلك ملاحظته هو وقد ذكرها أمامنا أكثر من مرة، جلسنا في صالة صغيرة تطل على باحة داخلية مفتوحة تدخل منها أشعة الشمس، باحة زجاجية فيها شجيرات صغيرة وأصص زهور، أشارت زوجته إلى الغرفة التي رحل فيها، أشارت إلى الأريكة التي استلقى عليها آخر مرة، قالت إنه كان ينام عليها بعد أن يفرغ من كتابة قصائده، وقد كتب عليها قصيدته الأخيرة، قصيدة موته أيضًا، لم يكن يجلس أمام منضدة ليكتب، كان يتمدد على الأريكة مثل تلميذ يؤدي واجبًا مدرسيًا ثم يغفو عليها بعد أن ينتهي من الكتابة".
ولد رعد عبد القادر في سامراء. أكمل دراسته الجامعية في جامعة بغداد. واصل دراسته العليا فحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في مجال الدراسات الإسلامية والعربية. عمل سكرتيرًا لتحرير مجلة الأقلام البغدادية مدة طويلة، كما عمل موظفًا في وزارة الثقافة والإعلام ببغداد. من دواوينه الشعرية "مرايا الأسئلة" 1979، و"جوائز السنة الكبيسة" 1995، و"دع البلبل يتعجب" 1996، و"أوبرا الأميرة الضائعة" 2000. أصيب بمرضٍ في 1991 وتوفي في بغداد بمنزله.
جُمعت أعماله المنشورة وغير المنشورة في كتاب من جزئين صدر عن "دائرة الشؤون الثقافية"، وضم بينها مجموعة مرايا عوليس الفلسطيني التي اخترنا منها هذه القصائد.
نجار كنيسة المهد
الألواح بكاملها تحت تصرفه
والمنشار
وآلة القياس
والشفرة
وسبعة مسامير في فمه
ضوءٌ كافٍ ليصنع منه كرسيًا
مرت الأعياد دون أن يطرق بابه زائرٌ
سيصنع من الضوء كرسيًا
وينتظر الطارقين،
أنهى المساندَ
والأرجلً..
ستة أعياد مرت
ولم يبق إلا المسمار السابع..
انه ينظر في الخريطة
إلى الشجرةِ التي اقتطع الألواح منها
إلى الأبواب المخلعة
إلى النوافذ
إلى التوابيت
إلى الكرسي الذي لم يكتمل
والى المدينة التي اخرج منها.
تماثيل للخروج الفلسطيني
سننفصل عن الأعمدة التي أسندنا إليها يوما ظهورنا
ولن نضيع في الطريق
وهنالك سيأخذنا النوم إلى الأرض التي أخرجنا منها،
لن نحلم بالرؤوس المقطوعة ولا بالطير التي تأكل من أعيننا
سيكون لنا خبزنا الذي نكسره على صخرة الطريق
وتماثيل مائنا.
هياكل النور
ثم مالت الشمس ولم تستطع أن تؤجل غروبها
كانت الشمس قد اختبأت خلف تل من العظام
رفعنا أنقاضنا ولم تظهر الشمس
وكانت العظام قد تشربت بالنور
وتجولّت الهياكل في المدينة
تحمل المشاعل تبحث في النفايات عما يسد جوعها
ثم زحفت الكلاب إلى الشمس وكانت الشمس
قد اختبأت خلف تل من العظام
ولم تستطع أن تنتشل جثثها من أنياب الكلاب.