17-سبتمبر-2024
شرطة الحدود الأوروبية

(Getty) التشدد ضدّ المهاجرين واللاجئين سمة عابرة للحكومات الأوروبية الحالية

قالت قناة "دويتشه فيله" الألمانية إنّ رئيس الحكومة الفرنسية الجديد، ميشيل بارنييه، عازمٌ على تشديد سياسة الهجرة، لكن ذلك وحده لا يكفي، إذ لا بدّ من أغلبية مساندة في البرلمان الفرنسي والأوروبي على حدّ سواء.

وترى القناة الألمانية أنّه على الصعيد الداخلي، يحتاج رئيس الحكومة الفرنسي إلى أصوات اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان، لكنّ المساعدة في بروكسل قد تأتي هذه المرة من ألمانيا التي بدأت فرض رقابة قوية على حدودها للحد من الهجرة بتوسيع عمليات الرقابة على الحدود. وتعتقد دويتشه فيله أنّ ملف الهجرة واللجوء الشائك أوروبيًا قد يمنح برلين وباريس الفرصة لبناء توافقٍ سياسي.

ووضع ميشيل بارنييه ملف الهجرة على قائمة أولويات حكومته. ففي أول مقابلة تلفزيونية له بعد توليه منصبه الأسبوع الماضي، قال إن: "الحدود يسهل اختراقها مثل الغربال، وأن تدفقات الهجرة ليست تحت السيطرة"، مضيفًا أنه: "سيقوم بتغيير ذلك".

ولاتّباع سياسة أكثر صرامةً بشأن الهجرة، يخطط بارنييه لإنشاء وزارة منفصلة تخص "الهجرة والاندماج والهوية الوطنية". وستكون مثل هذه الحقيبة الوزارية، حسب تقرير "دويتشه فيله"، إشارةً سياسية إلى أن بارنييه المحافظ المنتمي إلى حزب "الجمهوريون" يقتفي خطى صديقه في الحزب نيكولا ساركوزي الذي امتدت فترته الرئاسية من 2007 إلى 2012 على الأقل في هذا الشأن.

ملف الهجرة واللجوء الشائك أوروبيًا قد يمنح برلين وباريس الفرصة لبناء توافقٍ سياسي

وكان ساركوزي الذي تصدّر عناوين الصحف في الخارج قبل عقدين من الزمن بإعلانه "تنظيف الضواحي بالممسحة"، قد أنشأ وزارةً كهذه للمرة الأولى كرئيس في عام 2007. وكان ذلك جزءًا من سياسته الأكثر صرامة في مجال الهجرة، والتي نجح ساركوزي من خلالها مؤقتًا في وقف صعود حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف الذي أعيدت تسميته ليصح "حزب التجمع الوطني"، والذي بات حاليًا يحظى بوزنٍ سياسي أكبر بعدما أصبح أقوى قوة فرنسية في بروكسل (البرلمان الأوروبي) بنسبة 31.4%. كما فاز الحزب بعدد من المقاعد الإضافية في الانتخابات البرلمانية الفرنسية المبكرة في الصيف مقابل انهيار تحالف ماكرون.

ويقول ياكوب روس، الخبير في الشأن الفرنسي في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية، إن: "ميشيل بارنييه بحاجة إلى أصوات حزب التجمع الوطني في البرلمان إذا أرادت حكومته الاستمرار في الحكم".

واعتبر أنّ: "حقيقة أن مارين لوبان، على عكس التحالف اليساري ليست في عجلة من أمرها لتقديم اقتراح بسحب الثقة من بارنييه في البرلمان، ربما يعود إلى خطط بارنييه المتعلقة بتشديد سياسة اللجوء والهجرة. وقد أكد بارنييه مرارًا وتكرارًا في الماضي أنه يرى في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي رد فعل على فقدان السيطرة على السياسة الوطنية. وهو يخشى من أنه إذا لم تحدث تغييرات جوهرية في سياسة الهجرة في أوروبا، فإن ذلك سيعرض المشروع الأوروبي بأكمله للخطر على المدى الطويل". ولمنع مثل هذا السيناريو يركز بارنييه على سياسةٍ للهجرة أكثر صرامة.

التقارب مع ألمانيا على الصعيد الأوروبي

ترى دويتشه فيله أنّ ميشيل بارنييه سيحتاج لمهارته التفاوضية التي طورها خلال عمله كبيرًا لمفاوضي الاتحاد الأوروبي في ملف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث بات بارنييه عارفًا بقواعد اللعبة في بروكسل. فعلى سبيل المثال، تضع ما يسمى باتفاقية دبلن وأيضًا قانون حدود شنغن عقبات كبيرة أمام مراقبة الحدود على المدى الطويل وومنع دخول المهاجرين.

ووفقًا لهذا، قد تكون الضوابط الحدودية على الحدود الداخلية في منطقة شنغن استثناءً مؤقتًا فقط. ومع ذلك، فقد تزايد في الآونة الأخيرة عدد دول الاتحاد الأوروبي التي تعتمد على القواعد الوطنية الأحادية في التعامل مع سياسة الهجرة متجاهلةً قواعد الاتحاد الأوروبي جزئيا على الأقل.

بناءً على ما سبق، ترى "دويتشه فيله" أنّ بارنييه الذي من غير المرجح أن يكون له أي مصلحة أساسية في تقويض قانون الاتحاد الأوروبي، قد يكون الآن مفضلًا في ألمانيا بسبب الديناميكيات السياسية في البلاد. فبعد فترة وجيزة من تولي بارنييه منصبه، أعلنت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر عن فرض ضوابط على الحدود و"صد المهاجرين بما يتماشى مع القانون الأوروبي" على جميع الحدود الألمانية حتى إشعار آخر. ومع هذا التغيير الناشئ في المسار، يمكن أن يصبح الشريك الأهم في الاتحاد الأوروبي لفرنسا حليفًا لسياسة هجرة أكثر صرامة في أوروبا.

ومع ذلك، ترى "دويتشه فيله"، أنّ النقاش في فرنسا أكثر تقدمًا بكثير مما هو عليه في ألمانيا. فإصلاح قانون الهجرة الذي تم إقراره العام الماضي على الرغم من الاحتجاجات الشعبية يتجاوز بكثير ما يبدو مقبولًا حاليا لدى الأغلبية في ألمانيا.