بدأ الفلسطينيون صيام شهر رمضان، اليوم الاثنين، بعد توقف محادثات وقف إطلاق النار، وتفاقم الجوع في جميع أنحاء قطاع غزة، وعدم وجود أية إشارات لنهاية قريبة لحرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي.
وأقيمت الصلاة في الخارج، وسط أنقاض المباني المهدمة، في وقت متأخر من يوم أمس الأحد.
وكان لافتًا تعليق بعض النازحين فوانيس رمضان في المخيمات المكتظة، كما أظهر مقطع فيديو من مدرسة تابعة للأمم المتحدة أطفالًا يرقصون ويرشون الرغوة بفرح، بينما يغني رجل عبر مكبر الصوت.
مع ذلك كله، لم يكن هناك ما يدعو للاحتفال بعد خمسة أشهر من الحرب التي أسفرت عن مقتل أكثر من 30 ألف فلسطيني، وتركت معظم أنحاء غزة في حالة خراب.
وقالت صباح الهندي، لوكالة "أسوشيتد برس"، حين كانت تتسوق في مدينة رفح: "لا ترى أحدًا والفرحة في عينيه"، "كل عائلة حزينة. وفي كل عائلة شهيد".
في حين قال عوني الكيال، لوكالة "فرانس برس": "بدأ رمضان حزينًا ومتشحًا بالسواد وطعم الموت والدم وأصوات الانفجارات والقصف. سمعت صوت المسحراتي وهو شاب متطوّع يجول بين الخيم واستيقظت في خيمتي البسيطة وصرت أبكي على حالنا".
وتقول جماعات الإغاثة إن القيود الإسرائيلية والأعمال العدائية المستمرة وانهيار القانون والنظام جعلت من المستحيل تقريبًا توصيل الغذاء الذي تشتد الحاجة إليه بأمان في معظم أنحاء القطاع
ويضيف: "فجأة سمعت دوي القصف. ضربوا بيتًا بحي الجنينة، ورأيت سيارات الإسعاف تنقل شهداء وجرحى".
وأضاف الكيال أنّ "الاحتلال لا يريد لنا أي فرحة برمضان. لا نملك أي طعام للفطور. زوجتي قدّمت للأولاد بعض الجبنة والفول من المساعدات التي تصلنا وهي قليلة، وخبزًا قديمًا. لم نجد حتى شايًا لنعدّه لهم".
أما أحمد خميس فقد قال: "رمضان حزين جدًا هذا العام. لا طعم له. حرب قذرة ودموية، حرب إبادة، ولا طعام ولا شراب".
وأدت الحرب إلى نزوح نحو 80 % من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة عن منازلهم، ودفعت مئات الآلاف إلى حافة المجاعة.
ويقول مسؤولو الصحة إن ما لا يقل عن 20 شخصًا، معظمهم من الأطفال، لقوا حتفهم بسبب سوء التغذية والجفاف في شمال غزة.
وأغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلية شمالي القطاع إلى حد كبير منذ تشرين الأول/ أكتوبر، وتقول جماعات الإغاثة إن القيود الإسرائيلية والأعمال العدائية المستمرة وانهيار القانون والنظام جعلت من المستحيل تقريبًا توصيل الغذاء الذي تشتد الحاجة إليه بأمان في معظم أنحاء القطاع.
في غضون ذلك، تعهدت إسرائيل بتوسيع هجومها إلى مدينة رفح الجنوبية، حيث لجأ نصف سكان غزة، دون أن تحدد المكان الذي سيذهب إليه المدنيون هربًا من الهجوم.
وقال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إن الهجوم على رفح سيكون "خطًا أحمر" بالنسبة له، لكن الولايات المتحدة ستواصل تقديم المساعدات العسكرية لإسرائيل.
وبدأت الولايات المتحدة ودول أخرى إنزال المساعدات جوًا في الأيام الأخيرة، لكن المنظمات الإنسانية تقول إن مثل هذه الجهود مكلفة وغير كافية.
وبدأ الجيش الأمريكي في نقل المعدات اللازمة لبناء جسر بحري لتوصيل المساعدات، لكن من المرجح أن يستغرق الأمر عدة أسابيع قبل أن يصبح جاهزًا للعمل.
ومن المتوقع أن تقوم سفينة تابعة لمنظمة الإغاثة الإسبانية "أوبن آرمز" تحمل 200 طن من المساعدات الغذائية برحلة تجريبية إلى غزة من قبرص المجاورة، لكن ليس من الواضح متى ستغادر.
ومن المتوقع أن تستغرق السفينة في قبرص يومين أو ثلاثة أيام للوصول إلى مكان غير معلوم في غزة. ويتم توفير الطعام من قبل "المطبخ المركزي العالمي" (World Central Kitchen)، وهي مؤسسة خيرية أمريكية أسسها الطاهي الشهير خوسيه أندريس.
نازحو شمال قطاع #غزة يستقبلون أول أيام رمضان في البرد والعراء.. كاميرا العربي ترصد المشهد
تقرير: إسلام بدر @islambader1988 pic.twitter.com/6CJReGRi18— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) March 11, 2024
ونقل مراسل التلفزيون العربي، إسلام بدر، مشاهد لحياة عائلة من داخل إحدى الخيام في مركز إيواء مخيم جباليا، شمالي القطاع، وتحدثت إحدى النازحات عن انقطاع المواد الأساسية، فيما تحدث زوجها عن انتشار الأمراض بين النازحين، وخصوصًا الأطفال.
وختم المراسل تقريره بالقول: "أم محمد وأبو محمد استضافونا على مائدة الإفطار. كرمهم طائيّ، لكن الأوضاع لا تُحتمل".