14-مايو-2019

ساد النمط الاستهلاكي على الأجواء الرمضانية في لبنان (مواقع التواصل الاجتماعي)

استقبل اللبنانيون شهر رمضان لهذه السنة في ظل أزمة اقتصادية خانقة، ومخاوف جدية تتهددهم على عدة مستويات، مع حديث مطرد عن مخاوف أمنية قادمة.

تحول رمضان في لبنان إلى مناسبة استهلاكية من الدرجة الأولى، ينفق المواطن خلاله ما ينفقه في شهور

ومع ذلك فإن الأجواء الرمضانية المعتادة لم تغب عن الشارع اللبناني، ففي المقاهي والأسواق التجارية، حضرت الزينة الرمضانية، ولافتات الاحتفاء بالشهر، وعرضت الأطعمة والأشربة التقليدية لرمضان في الأسواق والمتاجر.

اقرأ/ي أيضًا: موائد رمضان في لبنان.. العز للتراث والدعوة مفتوحة

لكن التعاطي مع الأجواء الرمضانية المعتادة، لم يكن معتادًا تمامًا، بعد أن تحوّل رمضان لمناسبة استهلاكية من الدرجة الأولى، ينفق خلاله المواطن ما ينفقه في شهور، وتستغله المراكز التجارية الكبرى والشركات الغذائية والمطاعم وحتى المقاهي، لإطلاق حملات دعائية مكثفة لجذب الزبائن، بأعداد كبيرة. 

رمضان في لبنان

ما بقي من العادات الرمضانية

بمرور الوقت، اندثرت العديد من العادات الرمضانية، فيما بقي بعضها الآخر حتى اليوم. ودخلت عادات جديدة بطبيعة الحال.

  • سيبانة رمضان

يعرف اليوم الذي يسبق أول أيام رمضان في لبنان باسم "سيبانة رمضان" وأصل الكلمة هو "استبانة"، حيث كان أهالي بيروت يتجهون في هذا اليوم نحو البحر لاستبيان هلال شهر رمضان، وأصبح مع الوقت اسمها "سيبانة " بسبب سهولة لفظها.

ويودّع اللبنانيون الإفطار في هذا اليوم، فيذهبون للتنزه وتناول الغداء خارج المنزل، والترويح عن أنفسهم استعدادًا لاستقبال شهر الصيام.

  • مدفع رمضان

وهناك عادة ضرب المدفع لإعلان حلول موعد الإفطار، وهي العادة التي يختلف المؤرخون حول أصلها ومصدرها، فقد كان المدفع يستخدم في عدد من المدن اللبنانية، وتميز بشكل خاص مدفع مدينة بيروت، إلا أن هذه العادة توقفت بعد اندلاع الحرب الأهلية في العام 1975، حيث أصبح صوت القنابل والرصاص والقذائف مصاحبًا لحياة اللبنانيين.

رمضان في لبنان

لكن مدينة طرابلس حافظت على عادة ضرب المدفع حتى السنة الماضية، قبل أن تقوم بلدية المدينة هذه السنة بمنع استخدامه، على اعتبار أنه يقلق راحة أهل المدينة. وقد عبر الكثير من الطرابلسيين عن رفضهم لهذا القرار، كون مدفع رمضان جزءًا من وعيهم الجمعي وثقافتهم.

  • المسحراتي

واشتهرت مهنة المسحراتي في لبنان في فترة ما قبل الحرب الأهلية. وتميز المسحراتي بطربوشه وبالطبل الذي يحمله بيده، وبصوته القوي الذي كان يصدح في الشوارع والأحياء: "يا نايم وحد الدايم" و"قوموا على سحوركم إجا رمضان يزوركم"، وفي بعض الحالات كان يردد الأغاني الشعبية الأهازيج الرمضانية، أو يتلو بعض الآيات القرآنية.

وكان المسحراتي يحصل على أجره في يوم العيد من الأهالي، حيث يجول على المنازل ويعايد أهلها الذين يعطونه المال والحلوى والهدايا. ومع مرور الزمن اختفت تدريجيًا مهنة المسحراتي بعد أن انتفت الحاجة إليها عمليًا، وإن بقي القليل من المسحراتية يعملون في بعض الأماكن.

المبادرات الإنسانية

تتواجد اليوم في لبنان عشرات الجمعيات والمنظمات الأهلية، إضافة إلى المبادرات الفردية والشبابية، التي تعمل خلال شهر رمضان على تعبئة حصص غذائية وتقديم مساعدات مادية وعينية للعائلات المحتاجة، لمساعدتها على تحمل نفقات شهر رمضان التي تفوق النفقات المعتادة في غيره من الأشهر. كما تقوم بجمع مساعدات لتأمين "كسوة العيد" لأبناء هذه العائلات.

رمضان في لبنان

ومن العادات المختصة بالتعاون والتكافل بين أهل القرية الواحدة أو الحي الواحد، والتي لم تعد موجودة كما الماضي، هي قيام الأهالي بتبادل الطعام فيما ما بينهم، فكانت كل أسرة تحضر صنفًا واحدًا، وترسل كميات منه إلى الجيران حتى يصبح على كل مائدة عدد متنوع من الأصناف.

وفي السنوات الأخيرة، خاصة مع تزامن شهر رمضان مع الطقس الحار نسبيًا، بات السهر هو أهم سمات الليالي الرمضانية، فيقوم الناس بعد الإفطار بالتزاور، أو الخروج إلى المقاهي وتدخين الأرجيلة وتناول الحلوى، ومشاهدة المسلسلات، وقد تستمر هذه السهرات حتى موعد السحور، فيتناولونه قبل الخلود للنوم.

هذا وتتألف وجبة الإفطار غالبًا من الحساء والفتوش وبعض المقبلات، إضافة إلى طبقين رئيسين أو ثلاثة، فيما يتضمن السحور الأجبان والمعجنات والشاي.

مع الوقت تحول رمضان في لبنان من مناسبة دينية طقسية واجتماعية، إلى مناسبة تطغى عليها العادات الاستهلاكية

وساهم نمط الحياة السريع في قتل الكثير من العادات الرمضانية في لبنان، ومع الوقت تحول رمضان من مناسبة دينية طقسية واجتماعية، إلى مناسبة تطغى عليها العادات الاستهلاكية، حتى بات رمضان أشبه بمركز تجاري كبير، بحجم شهر كامل!

 

اقرأ/ي أيضًا:

رمضان بيروت.. في الأحياء الشعبية غير

4 من المسلسلات اللبنانية في رمضان 2019