أدين بفكرة المقال لكتاب "المرأة في حياة نابليون" لكريستوفر هيبرت، فنحن نرى مدخلًا مختلفًا لقراءة شخصية نابليون وهو المرأة والحب في حياته، وفي سيرة جان أوريو "ڤولتير.. العقل ملكًا" التي صدرت عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" نرى حياة ڤولتير بكل تفاصيلها من الطفولة إلى الشيخوخة. صدر الكتاب في ترجمة بديعة ومتقنة من الراحل عبود كاسوحة، ولغة الكتاب بديعة والترجمة ممتعة.
سيرة ڤولتير جزء هام من قصة القرن الثامن عشر، ألم يطلق ول ديورانت على أحد مجلداته "عصر ڤولتير"؟
في الكتاب تتبع لكل تاريخ ڤولتير حتى تاريخه العاطفي، فلماذا لا نبحث فيه عن قصص عشق هذا المفكر التنويري المهم. يقدم جان أوريو سيرة رائعة لحياة ڤولتير يكتبها بقلم الشغف ويقول لنا أن ڤولتير يسحرك في كل شيء: في الخير وفي الشر، وفيه معايب لا تحصى. ولقد قص علينا قصة حياة ڤولتير بكل احترام تاركًا مكانًا لتلك العيوب، ويستشهد بعبارة أحد أصدقائه "كان رجلًا عظيمًا جدًا إلى حد أني نسيت عيوبه"، ويسعنا أن ننسى عيوب ڤولتير، لكن كي ننساها ينصحنا بأنه لا بد من أن نعرفها أولًا. وهذا الكتاب أماط اللثام عنها بكل عناية كما عن فضائله، تاركًا للقارىء عناية إشباع رغبته منها أو نسيانها، وسيرة ڤولتير جزء هام من قصة القرن الثامن عشر، ألم يطلق ول ديورانت على أحد مجلداته "عصر ڤولتير"؟ وعندما نتحدث عن علاقاته نرى جزءًا من فسيفساء هذا العصر بأهوائه وميوله.
فولتير المراهق
في مراهقته كلّفته سيدة رفيعة المقام بأن يصحّح أشعارها وهو ما زال طالبًا في المدرسة اليسوعية. أن يصحح أشعار دوقة أمتع من التحدث للقضاة والعمل في المحاكم، حصل من السيدة على مائة ليرة نظير التحرير اللغوي، فماذا فعل بمرتبه الأول؟ اشترى عربة عتيقة، واستأجر خيولًا وخدمًا، وتجول وهو محاط بذلك الطاقم طوال يوم كامل في باريس، إنه يمثل دور سيد كبير. وفي اليوم التالي باع الخيول الهزيلة والعربة. وتبدأ مساعي الأب القلق لتمكين ابنه من الحصول على وظيفة، ويتهرب الابن من أي محاولة للتوظيف في سلك القضاء.
اقرأ/ي أيضًا: "الجندي والدولة والثورات العربية": من النظرية إلى آلية الوقاية من الانقلاب
ويعلق المؤلف جان أوريو بأن بعض الآباء الذين يتمرد عليهم أبناؤهم لا يشعرون في قرارة أنفسهم بأنهم حقًا آباء لأولئك الأشخاص الاستثنائيين الذين لا يشبهونهم. رفض ڤولتير الوظيفة التي سعى فيها والده وقال: "قولوا لأبي سأعرف كيف أقيم لنفسي اعتبارًا". يصف الكاتب العبارة بأنها عنفوان رجل عصامي، أو لعلها تمرد مبكر.
الحب الأول في لاهاي
ضاق الأب بڤولتير، وطلب نقله إلى أي مدينة أخرى، فذهب إلى "كان" فكانت النتيجة بلا طائل، انبهرت به سيدة اسمها "دوسفيل" وصارا يشاهَدان متلازمين في كل مكان: في القصور الريفية وقصور "كان" الجميلة. وعاد إلى باريس، لكن والده طلب منه السفر إلى لاهاي سريعًا ليبعده عن الأرستقراطية الباريسية، وفي لاهاي تمتع بألف موضوع من المفاجآت والتسالي وقصص الهزل والعشق، فأما السفارة التي يفترض أنه أصبح يعمل بها فنادرًا ما شوهد يتردد إليها. يسرد لنا الكاتب قصة عشقه فتاةً تدعى "بمبميت" في أكثر من عشر صفحات. ويحلّل قصة حب ڤولتير وعشيقته، وهذا نموذج المؤلف وطريقته في كل الكتاب، يسرد قصصًا تفصيلية تصل إلى درجة تحليل خطابات غزل ڤولتير وقراءة شخصيته في تلك الفترة، ورغم سلاسة لغة الكتاب وجماله يجب أن يتمتع قارئه بالصبر وتحمل التفاصيل الدقيقة فهي قطع أحجيات يرصفها المؤلف بعناية ليرسم صورة ڤولتير في كل مرحلة صغيرة عاشها.
وعلى الرغم من أن ڤولتير كتب لحبيبته "لم يوجد حب يعدل حبي، لأنه لم يوجد إنسان أجدر بالحب منك" فإن قصة العشق انتهت سريعًا. ويوضح لنا الكاتب أن ڤولتير مشبوب العاطفة، لكن العواطف الكبرى التي تستهلك حياته هي عواطف المجد والحرية في أشكالها كافة، فهو لا يقاتل من أجل عشيقاته، إلا أنه سوف يشن في سبيل مجده والحرية حربًا على المجتمع كله.
رفض ڤولتير الوظيفة التي سعى فيها والده وقال: "قولوا لأبي سأعرف كيف أقيم لنفسي اعتبارًا"
من عند دوقة إلى قصر نبيل، ومن الصالونات في القصور إلى مقر رئيس أحد الأديرة، ومن مكتب كاتب العدل إلى السفارة، وفي لحظة يسقط ذلك الأنيق بسبب زلات لسانه وهجائه لوصي العرش ليتم القبض عليه وإيداعه الباستيل. تؤنسه أشعار هوميروس وكتابات فرجيل في السجن، وكان الترياق في الزنزانة هو الكتابة، فكتب قصيدته "لا هنرياد" التي سوف تقرؤها أوروبا كلها. ودام اعتقاله أحد عشر شهرًا، ويعود للحياة العامة بطريقة استعراضية فهو يرتب تمثيل مسرحيته أوديب التي كتبها.
ڤولتير والدوقة
كان الماريشال الدوق "دو فيلار" يقيم في قصر فو، وكان لديه زوجة حسناء تتميز بالذكاء المهيمن على كل حفلات الاستقبال، ولم تكن في سني شبابها الأول، لكنها كانت غاية في النداوة، كانت بداية تعرف ڤولتير على هذه الأسرة في حفل مسرحيته أوديب، وهنأ المارشال ڤولتير على نجاح المسرحية قائلًا "الأمة مدينة لك بكثير من العرفان"، فكان رد الشاب الشاعر على الجنرال المتقاعد "كانت ستدين لي بأكثر من ذلك، يا سيدي، لو كنت أجيد الكتابة، مثلما تجيد أنت القتال"، شعر الماريشال بالزهو ولم يكن حبه للأدب نابعًا من كونه يفقه فيه، لكن رجالات الأدب يجيدون إعادة النفخ في أبواق الشهرة، ومنذ كف الماريشال عن سماع دوي المدافع، ما عاد يروقه سماع شيء مثل الإشادة بمآثره.
اقرأ/ي أيضًا: زيجمونت باومان.. نقد صلب لـ"الحب السائل"
يقبل ڤولتير على "الماريشالة" لدى أدنى إشارة، فهي تفتنه، وهي على درجة من الأناقة والذكاء قل مثيلهما. يقول عنها هينو المعاصر لها: "إنها مليحة الوجه، ذات جاذبية وكياسة لا تشاهدان إلا في الحاشيات الملكية"، وقع ڤولتير في الخديعة وتعلق بها، وكان راغبًا في الاقتناع بأن ما تحمل له من عطف كان أعمق، وأن الحياء يمنعها من التعبير. وعندما اكتشف أنها غير مهتمة وأنه يسعى وراء عشق جارف، ثارت ثائرته، لكن لماذا كانت حريصة عليه في بلاطها؟ لم يكن قلبه هو المطمع، إن ما يروقها في ڤولتير هو اضطرام فكره لا اضطرام قلبه، وكانت تعشق أقواله وأساليبه وهيئته وعبثه وأشعاره ورسائله، وتجعله يضيع الكثير من الوقت. لكنه وعى الأمر وحاول الهروب من هذه العلاقة وقال "إنني أرتدي الآن معطف فيلسوف، ولن أتخلى عنه مقابل أي شيء في العالم"، يسخر الكاتب منه ويقول "إنما يرتدي المعطف بعد ان انهمر المطر الغزير عليه".
المشترك في كثير من هذه العلاقات أن أصحابها يسكنون القصور، ويعيشون في وسط باذخ، وسط تلك الزخرفات من عهد الوصاية بعد موت لويس الرابع عشر، إنه سحر البذخ، وما أبدعته الحضارة من جمال، ومن عيش رغيد، ومن ظرف في الفكر، ومن أساليب وملابس أو وسائل الراحة، ولا يتنفس كاتبنا إلا تحت سقوف مطلية، ولا ينطق بالملح والنوادر إلا وهو في الملابس الحريرية، وهو ينظر في عيون النساء المزدانات بالألماس بكل عفوية، فالبذخ من طبيعته.
ظهور الرفيقة إميلي
في زقاق ضيق وفي حي قبيح في باريس يسكن بطلنا ڤولتير، يريد أن يحدث بقيثارته ضجيجًا يجعل ضجيج النواقيس لا يؤثر فيه، وفي أحد الأيام زارته عربة فاخرة، ونزل عدة ضيوف عليهم مظاهر النعمة، ليزوروا ذلك الشاعر، ومن ضمن ذلك الوفد السيدة "إميلي دو شاتليه". كانت من أكثر نساء زمانها علمًا ورقة وظرفًا، وحدث توافق شبه معجز بين امرأة عالمة وشاعر مشاكس، كانت في السابعة والعشرين لدى ظهورها عند بوابة منزله، وكانت متزوجة من المركيز دو شاتليه.
لم تكن فورات عشق ڤولتير تتعارض مع نشاطه وهمته، كان يكتب أوبرا في ذلك الوقت، وكان قادرًا على تصميم رقصات باليه، ويسعى لتزويج بعض أفراد النبلاء، ويمارس كل هذا مع عشقه الجديد، وكانت إميلي مولعة بالرياضيات وتعكف عليها بهوى جنوني، ويقرر ڤولتير أن يذهب لمنطقة منعزلة تدعى "سيري" ليجدد قصرًا على نفقته يستضيف فيه إميلي ويكون مستقرًا له ولعائلتها، وولد نشيد "العذراء" من تأليف ڤولتير بين بقايا الجص وقطع البناء، ووسط وقع المطارق وصرير المناشير في القصر الجديد، وفي هذا العام المضطرب عام 1734 يكتب تراجيديا، وثمانية أناشيد ملحمية ويخوض علاقة عاطفية ويرمم قصرا ريفيا.
في هذه الأيام وبزيارة خاطفة لباريس شعر بتغير في أجواء الصالونات الباريسية، لم يعد الناس يتحدثون في الشعر والأدب، بل تبدو الأبيات موضع استخفاف، فالكلام بات يتناول الفيزياء والهندسة، إن ڤولتير لمذهول، وهو يشعر بالقلق من أن يفقد بريقه الأدبي وحضوره في عصر المثلثات والنظريات العلمية. وهو يخاف على حبيبته إميلي من شغفها بأستاذ الهندسة الباهر، وجان أوريو يشرح لنا شخصية إميلي بقوله "كانت إميلي نارًا متوقدة، وينبغي لها أن تلتهب متأججة، بوجود ڤولتير أو بعدم وجوده، ولو كان ڤولتير في متناول يدها لما فضلت عليه أحدًا سواه، أما وأن الهندسة هي خبزها اليومي، فإن أستاذ الهندسة أضحى كذلك عشيقها"، ولم يقو ڤولتير على تحمل تلك الحماقة، لكنه عاد إليها وتغافل عن هذه الزلة.
ڤولتير مشبوب العاطفة، لكن العواطف الكبرى التي تستهلك حياته هي عواطف المجد والحرية في أشكالها كافة
تم بناء القصر في سيري وجعله ڤولتير معبدًا مكرسًا للحب والصداقة والنقاشات الفكرية، وكان القصر يستقبل عددًا من الزائرين، لأن الناس المتميزين كانوا يقومون بانعطاف، عن طيب خاطر، ليزوروا ذينك الناسكين في القصر الريفي، كانت تجربة مختلفة عن عادات وتقاليد المجتمع الأرستقراطي الباريسي. كان المسافرون يتكلمون عن القصر كأنه هروب إلى الصحراء، ويتساءلون كيف يقوى ڤولتير وإميلي على العيش بعيدًا عن ظل كاتدرائية نوتردام؟ أليس هواء الغابات والأراضي البور، هواء العزلة ذاك، المرهوب الجانب قاتلًا لأبناء المجتمع الأرستقراطي، الذين يعيشون تحت الثريات، مثل قطع الألماس واللآلئ.
اقرأ/ي أيضًا: "سلطانة القاهرة".. امرأة في مواجهة التاريخ
بعد سنتين صار عليه أن يرتحل من جديد وأفاق من هذا الحلم الجميل، فهناك خطر جديد يتهدده ويتهدد إميلي أكثر منه كثيرًا، فها هم أبناء عمومة المركيز زوج إميلي، يعلنون أنه من غير الملائم أن تعيش زوجة ابن عمهم مع ڤولتير تحت سقف قصر واحد، في حين أن زوجها يقاتل مع الملك على بعد مائتي فرسخ! في هذه اللحظة يفكر ڤولتير في التوجه إلى الأمير "فريدريك" ولي عهد بروسيا، الذي تربطه بينه وبينه مراسلات تظارف، وفي لحظة قلق من والد الأمير "فريدريك فيلهلم" قرر العدول عن هذا القرار والسفر إلى هولندا.
كانت شهرة فولتير تتصاعد، وكانوا يعرضون مسرحياته في المدن التي يمر فيها، ويرسل له الأمير فريدريك الهدايا ويكتب ولي العهد لڤولتير إنه لو زار فرنسا فستكون أول زياراته له وليس للبلاط الفرنسي، بل يرسل له سفيرًا يغريه بالقدوم إليه، ويقدم منزله في لندن كبيت لجوء، إن فريدريك يعرف أنه لكي يوافق فولتير على القدوم إليه يجب أن يقنع عشيقته السيدة إميلي التي تتمسك بصديقها ولا تريده أن يذهب إلى بروسيا، وكل رسالة من فريديريك تجعل الخليلة إميلي تمضي ليلة لا تعرف فيها عيناها للنوم طعمًا.
يصل فريدريك إلى سدة الحكم، وتتواصل الرسائل بينه وبين ڤولتير ويشعر ڤولتير أن إميلي تحرمه من صداقته مع هذا الملك الفيلسوف. في هذا الوقت كتب مسرحيته "محمد" ولم يكن هناك شبه بينها وبين النبي محمد اللهم إلا في عنوان المسرحية، وظل ڤولتير يزوره المرض كل فترة ويعتقد أنه ميت لا محالة، وينمي ثروته عن طريق إقراض المال لكبار القوم، ويحاول ڤولتير العودة لبلاط ڤرساي ولا يجد هذه الحظوة ويتندر على نفسه قائلًا: "لم أعد أتمتع بصحة رجال البلاط"، وهذا صحيح فهو يصاب بالمغص ثلاثة أيام في الأسبوع.
ظل ڤولتير مولهًا بحب إميلي، لعله بسبب السمو في قلبها، أو ذكائها الذي جعلها جديرة به، وكانت تشاركه الكثير من أيامه، ولقد غفر لها عنادها وثوراتها الغاضبة الصاخبة، وحتى عدم وفائها في بعض الأحيان، كانت باختصار عبئًا رائعًا، وكانت تحمل له أفراح الصداقة، ومباهج الحب، واستطاع بفضلها أن يتذوق أشكال القلق والمنازعات كافة، وأن ينتشي بالمصالحات المسكرة، ولقد منحته إميلي كل شيء، باستثناء الإحساس بالسأم.
برلين أو الخيار الأسوأ
لنتخيل ڤولتير من ركام هذه القصص العاطفية التي يمتلئ بها الكتاب، إنه شاب طويل ونحيل، لا لحم فيه ولا أرداف كما وصف نفسه، ولعله لذلك كان يثب من مضيفة إلى أخرى بخفة ورشاقة، ويجد الترحيب في الطبقة العليا بسبب بلاغته الشعرية، كان يمثل دور زير النساء، بديهته حاضرة وهجوة مؤلم، ألم يقل للملك فيليب عندما اختزل نصف أعداد الخيول الملكية: "كان خيرًا لجلالته أن يطرد نصف الحمير الذين يزحمون بلاط سموّه"، ينظم الشعر وهو سقيم، ويعالج الأمور الفلسفية وهو سليم، ويجري حساباته المالية في كل وقت، ونراه يفشل في الحصول على مقعد في الأكاديمية الفرنسية فتثور ثائرته. ولئن ملأ ذلك الإخفاق قلب ڤولتير بالمرارة، فإن فريدريك فتن به، وكان ذلك يخدم مصالحه، فكتب إلى ڤولتير: "تغلب على نفسك بازدراء أمة تتنكر لكتاباتك، وتعال إلى بلاد يحبك الناس فيها، بلاد خالية من التعصب". كلام مغرٍ لشخص مثل ڤولتير يحب أن يكون صديقًا للملوك. يتخلى ڤولتير عن إميلي، ويقرر الذهاب لبلاط فريدريك، لكنه يحتال للحصول على إذن من قصر ڤرساي فهو يرى نفسه خادمًا لفرنسا، وليس منشقًا في هذه المرحلة، ولا يريد قطع كل خطوط الود مع البلاد، ويصل ڤولتير إلى فريدريك ولا يعطيه الملك أي ميزة سياسية ويتسلى بالنقاش معه.
قال ڤولتير للملك فيليب عندما اختزل نصف أعداد الخيول الملكية: "كان خيرًا لجلالته أن يطرد نصف الحمير الذين يزحمون بلاط سموّه"
اقرأ/ي أيضًا: الحياة العاطفية للفلاسفة
نترك ڤولتير الآن في بروسيا مغتربًا كما اعتاد ذلك، حاولت أن أصل في هذا المقال لسرير الموت وڤولتير وهو يرقد عليه، وأن أقص حياته في مقال واحد، لكن تفاصيل الرجل وحياته كثيرة. نتركه في بروسيا على أن نكمل تتمة قصص عشقه الكثيرة وارتباط ذلك بقصة القرن الثامن عشر في مقال قادم. نتركه الآن في قصر فريدريك والذي يسميه "سليمان الشمال" على سبيل التبجيل. ونرى إميلي دامعة العينين، وباريس تسخر من حزنها، وقامت في سبيل إرجاعه بمضاعفة المساعي لعرض مسرحية له فهي تعلم حبه للمسرح. ولئن أحب ڤولتير إنجلترا فقد أحس فيها بالسأم، أما في ألمانيا (ذلك الجزء منها الذي كان يدعى بروسيا) فقد كان يشعر بالراحة. وإميلي تغار من الملك الذي خطف عشيقها، لقد أسكره البلاط إلى حد منعه من الكتابة طوال شهر باستثناء بطاقة من أربعة أسطر لحبيبته، وفي ذات الوقت كان ڤولتير يبعث بقصيدة غزلية إلى "أولريكه" التي ستصير ملكة السويد.
اقرأ/ي أيضًا: