خلال أيام متتالية، أُفرج عن محمود محمد المعروف إعلاميًا بمعتقل التيشرت بعد أن قضى في السجن الاحتياطي أكثر من عامين بسبب ارتدائه لتيشرت مكتوب عليه "وطن بلا تعذيب"، لم نشعر بفرحة خروج المعتقل ونيله حريته حتى عرفنا خبر تصفية الداخلية لخمسة أفراد من المرجح أن يكون لهم علاقة بمقتل الإيطالي جوليو ريجيني.
النظام المصري سفاح، يطلق سراح فرد ويقتل مقابله خمسة آخرين في السجون!
هذا هو الوضع الحالي، سجين ينال حريته بعد ضغط إعلامي وتوصية شخصية من إبراهيم عبد المجيد إلى السيسي، هذا السجين تهمته أنه تمنى أن يعيش في وطن بلا تعذيب، وفي نفس اللحظة تقوم الداخلية بتصفية خمسة أشخاص، نظام سفاح يطلق سراح فرد ويقتل مقابله خمسة آخرين!
اقرأ/ي أيضًا: عادل معوض.. اعتبره ريجيني يا أخي
صرّحت الداخلية أن هؤلاء الأفراد من المرجح أن يكون لهم صلة بمقتل الطالب الإيطالي، بعد أن رصدتهم الأجهزة الأمنية وتوصلت إلى أنهم تشكيل عصابي ينتحل شخصيات ضباط شرطة ويختطف الأجانب ويسرقهم بالإكراه، وبعد أن تم تصفيتهم تقول رواية الداخلية إن ذلك بسبب الاشتباك المسلح وتبادل إطلاق النيران، ووجدوا بداخل مسكن التشكيل العصابي كافة متعلقات جوليو ريجيني!
الدولة مُدانة باعتذار لمحمود محمد الذي فقد عامين من حياته داخل السجون ظلمًا وعدوانًا، ولكن هل تعتذر الدولة التي تقتل في الشوارع عن مسجون من باب الخطأ، أو ربما "التأديب"، أمّا عن الأشخاص الذين قُتلوا على أيدي الداخلية المصرية، لنفترض صحة الرواية المذكورة، هل أصدرت محكمة قضائية حكمًا بشأنهم حتى يتم الخلاص منهم بهذا الشكل المهين؟ ماذا إن ثبتت براءتهم؟ كيف تعيد الدولة أرواح أزهقتها بنفسها؟
ثم نعود إلى الرواية المذكورة ونضعها في ميزان العقل والمنطق، هل يمكن تصديق مثل هذه السذاجة؟ تشكيل عصابي ينتحل شخصيات ضباط شرطة ويختطف الأجانب! هكذا تبرأ الداخلية يدها من مقتل وتعذيب الطالب الإيطالي، تعالج الأمر بقتل المزيد من البشر وتُلقي عليهم التهمة السابقة.
السؤال الذي يجب ان يطرح في مصر: هل يصبح القتل مصرّحًا به إذا ما قام به أصحاب البدلة الميري؟
وأي عصابة غبية ستحتفظ بالمتعلقات الشخصية لضحاياها وأوراق التعريف الخاصة بهم دون أن ينالها أي تلف؟ ولماذا يعذب أفراد العصابة ضحاياهم قبل قتلهم؟ رواية ساذجة غير محبوكة لن تفيد بشيء إلا فضح غباء مؤلفيها، وتحميل الداخلية مسؤولية جريمة جديدة هي قتل خمسة أشخاص -حتى وإن كانوا مجرمين- بدون محاكمة عادلة.
اقرأ/ي أيضًا: يعيش الجندي مجند أحمد سبع الليل!
يومًا بعد يوم تزداد جرائم الشرطة ونراها على الملأ، ورغم ذلك لا تريد وزارة الداخلية الاعتراف بالخطأ والتقصير، أهون عليها أن تستمر في قتل المزيد والمزيد على أن يحاسبها الشعب وتعترف بالأخطاء والجرائم السابقة، اتخذت القتل سبيلًا ومنهاجًا لا يمكن التراجع عنه، أرى الأمر تجاوز حدود المعقول لتتحول الشرطة من جهاز يحمي المواطنين أو حتى يحمي النظام الحاكم إلى مليشيا مسلّحة تحمي نفسها من أي خطر يهدد أمنها، وتقتل من أجل بقائها والدفاع عن نفسها، ترى المواطنين أعداء يتصيدون الأخطاء ويتربصون بالضباط، فيعالج الضباط حوادث القتل السابقة بقتل المزيد ممن اشتبه في تورطهم في الأحداث، أي جنون هذا؟
من قال إن الشرطة مهمتها تنفيذ الأحكام دون الرجوع للقضاء؟ ما الفرق إذن بينها وبين المليشيات المسلحة التي تقتل دون وجه حق؟ بل ما الفارق بينها وبين الجماعات الإرهابية التي تطلق الأحكام وتنفذها في الوقت ذاته، فتقرر من يستحق الحياة ومن يستحق القتل والتفجير؟ السؤال هنا هل يصبح القتل مصرّحًا به إذا ما قام به أصحاب البدلة الميري؟
اقرأ/ي أيضًا: