أوزار
مثقلٌ بأجفانهم، تسيحُ على الخدود
أولئك الذين يحدّقون بي، ثُمَّ يُعرِضون
وكلّما عدتُ إلى المرآة
وجدتني كما في الأمس:
أحملُ بيدي سلّةً مليئةً بالقبّعات
كي أطلقها على رؤوسٍ تمرُّ تحت شرفتي
كما في الأمس
يغمرني كثيرٌ من الطين
لتمدَّ الأسماءُ العطشى
جذورها في قلبي
*
مثقلٌ بمعاطفَ تركَها غرباء
لم يدركوا معنى شتاء
يسكنُ قلب رجلٍ
تبردُ في كأسهِ نساءٌ غزيرات
ومعنىً كسيح
وسهمٌ عجوز يستريحُ طويلًا
قبل أن يخدشَ جلد ضحيّته الهاربة
كلُّ شيءٍ ينتحبُ في قلب الشاعر:
- المرأة الكسيرةُ
- المعنى الكسيح
والسهم الراشد
*
مثقلٌ بعرباتٍ تسيلُ من الخارطة
محمّلةً بالوسائد، والظلالِ النائمة
أيها المنحدرُ البعيد
يا مقبرةَ الصدى
أينَ صوتي الذي نزفتُهُ في الطريقِ إليك؟
أين الذينَ غرَّرْتَ بهمْ قبلي؟
كي يصدّقوا روايةَ العشبِ المسالمِ
عن شجرٍ عظيم
يغطّيه حين تحرقُ الشمس
ذاكرةَ البستاني الأبله
*
مثقل بظلالٍ طويلة
لشجرٍ كثيف بقاماتٍ قصيرة
يحدثُ ذلك عادةً
عندما يكونُ لدى الشمسِ
فائضٌ من الضّوء
آثاريّون
ما تحاولين إصلاحَهُ من خطأٍ
يبدو مثل قميصٍ مرقوع
لا يصلحُ أبدًا، لمناسبةٍ سعيدة
كأن أجازفَ بتقبيلكِ عند ناصية الشارع مثلًا
وقد أحضنُ شجرةً
وأُوسعُ جذعَها ضربًا برأسي
ثم أبكي في الظلام
لأنَّكِ شجرةٌ تعشق أخطائي
وتحاولُ إصلاحها بالعودة وحيدةً
إلى غرفةٍ موصدة
كيفَ تَسنّى لي أنْ أُكون على هذهِ الشاكلةِ؟
ولم أبلغْ بعدُ عُمْرَ الآنيةِ القديمةِ
كيْ أفكِّرَ بشظاياها حينَ تنكسرُ
ولماذا أفترضُ أنَّ ما أسقطُ عليهِ
سيكونُ رخامًا أسودَ القلبِ؟
لماذا لا أحلمُ بالآثاريين
وهمْ يخرجونَ جسدي منَ التُّرابِ بعد ألفِ عام؟
لماذا أتوكَّأُ عليكِ وأقولُ للشَّجر:
احتفظْ بِخَشَبِكَ اليابسِ لشيخوخةِ الآخرين؟
لماذا أستدينُ الخضرةَ من ربيعكِ
وأسألُك عن سببِ شحوبكِ؟
لماذا فكّرتُ بهذهِ الحماقةِ
ونسيتُ حزنَكِ حين نويتُ يومًا أنْ أموتَ
وسألتكِ أكثر من مرّة
أنْ تحرسي جَسَدي، حتَّى أموتَ تمامًا.