15-أكتوبر-2024
نابلس

صورة أرشيفية لإضراب عام في نابلس في سبتمبر 2022 (رويترز)

يقول فلسطينيون في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة إن مدينتهم تعيش حصارًا يفرضه الاحتلال الإسرائيلي منذ نحو عامين، عبر إغلاق مداخلها بحواجز عسكرية وبوابات حديدية، الأمر الذي حولها إلى سجن كبير، وفقًا لتقرير أعدته وكالة "الأناضول" التركية.

وفرض الاحتلال الإسرائيلي حصارًا على نابلس بعد أن نفذت جماعة "عرين الأسود" عملية عسكرية في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2022، أسفرت عن مقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخرين.

ومنذ ذلك الحين وسلطات الاحتلال تفرض حصارًا على المدينة، غير أنها شددته بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

للوصول إلى المدينة أو الخروج منها لا بد من المرور عبر حواجزها العسكرية، التي تشهد عادة أزمة مرورية جراء إجراءات التفتيش التي تفرضها قوات الاحتلال

ومطلع أيلول/سبتمبر 2022، ظهرت المجموعة علنًا في عرض عسكري بالبلدة القديمة في نابلس، وينتمي أفرادها إلى مختلف الفصائل الفلسطينية، حيث لاحقت قوات الاحتلال أفرادها، ما أسفر عن استشهاد البعض، واعتقال العدد الأكبر منهم.

حواجز عسكرية

يقول أمين سر غرفة تجارة وصناعة نابلس، إياد الكردي: "نابلس تحولت إلى سجن كبير، تفتح وتغلق بمزاج جنود من الجيش الإسرائيلي"، وللوصول إلى المدينة أو الخروج منها، لا بد من المرور عبر حواجزها العسكرية، والتي تشهد عادة أزمة مرورية جراء إجراءات التفتيش والتدقيق التي يفرضها جيش الاحتلال.

وعلى حاجز "دير شرف" غرب المدينة، وهو أحد أهم مداخل نابلس، رصدت "الأناضول" اصطفاف مئات المركبات على جانبي الحاجز، ويقول سائق مركبة نقل يدعى أحمد نبيل في حديثه للوكالة التركية: "معاناة يومية منذ مدة طويلة، نفقد أوقاتًا طويلة على الحواجز"، مضيفًا "بعض الأيام نمضي نحو ثلاث ساعات في انتظار دور الخروج من نابلس، الأمر الذي يؤدي إلى خسائر مادية وتعب نفسي وجسدي".

وعن ذلك يقول الكردي: "نابلس تعاني من حصار مشدد منذ نحو عامين، بعد تصاعد الأحداث الأمنية بالضفة والحرب على غزة في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي"، وتابع: "تعد نابلس مدينة رئيسية وأم الصناعات، اليوم تغلق إسرائيل 30 مدخلًا رئيسيًا وفرعيًا للمدينة بسواتر ترابية وبوابات، ولا يسمح بالمرور إلا عبر أربع حواجز تحت رقابة إسرائيلية".

ويشير الكردي إلى أن "ارتفاع معدل الوقت للخروج من نابلس إلى أي منطقة بنسبة 300 بالمئة عن الوقت الطبيعي، تسبب بارتفاع استهلاك المحروقات 100 بالمئة عن الاستهلاك الطبيعي، وارتفاع أجرة النقل والمواصلات على المواطن ما بين 30 – 40 بالمئة بسبب الحواجز".

خسائر اقتصادية

ويقول المسؤول الفلسطيني إن كافة المؤشرات تدلل على خسائر اقتصادية كبيرة للغاية، من بينها ظهور العملة النقدية المعدنية، وهو مؤشر على أن المواطن يفتح حصالة أطفاله ليتدبر أمور يومه، إضافة إلى بيع المصاغات الذهبية، وتبديل العملات من الدينار (المستخدم للتوفير) إلى الشيكل.

ويلفت الكردي إلى أن 70 بالمئة من الاقتصاد تراجع في نابلس، وبلغت نسبة البطالة نحو 60 بالمئة، ويتابع: "يوميًا تغلق شركات ويتم إعادة تدوير أخرى، وهناك تراجع في نسبة مبيعات الوقود، الخضار واللحوم، واستهلاك الكهرباء والمياه، وكلها مؤشرات على تردي الوضع الاقتصادي".

ويقول الكردي: "بسبب الحواجز العسكرية تراجع عدد زوار نابلس من 120 ألف زائر يوميًا إلى 20 ألف زائر فقط"، مشيرًا إلى أن 20 بالمئة من البضائع الداخلة والخارجة من نابلس تتلف بسبب الانتظار الطويل تحت أشعة الشمس على الحواجز.

ويوضح أمين سر غرفة تجارة وصناعة نابلس: "فقدت نابلس أحد أهم فئات الزوار مثل فلسطيني الداخل، الذين كانت نابلس تشكل نقطة جذب لهم، وتقدر الخسائر بمبلغ 15 مليون شيكل (نحو 4 ملايين دولار) شهريًا"، مضيفًا أن قطاعات هامة سياحية كالفنادق والمطاعم الكبيرة توقفت عن العمل بشكل كامل.

وضع سيئ

من جانبه، قال محمد الأسمر، صاحب محل لبيع الأحذية، إن "الوضع سيء للغاية والأسواق تكاد تخلو من المتسوقين"، ويضيف لـ"الأناضول": "وجود الحواجز العسكرية يعني خنق المدينة وتحويلها إلى سجن كبير، الجيش يتحكم ويدقق بكل شيء مما يعيق الحركة".

ويشير الأسمر إلى أن نابلس كانت تستقبل المتسوقين من كافة مدن وبلدات الضفة الغربية، ومن فلسطيني الداخل، لكن اليوم لا يدخلها سوى من هو بحاجة لأمر ضروري، إذ تبدو أسواق نابلس وبلدتها القديمة أشبه بالفارغة، وهي إحدى أشهر الأسواق بالضفة الغربية لتشابه بنائها بالعاصمة السورية دمشق.

وفي السوق الأخضر وسط نابلس يقول التاجر، باسم عواد، إن "الأوضاع صعبة للغاية منذ نحو عامين، ولا يوجد أي استقرار في البلدة، التجارة تكاد تكون متوقفة".

وتعرضت نابلس على مدار العامين الماضيين لسلسلة عمليات عسكرية إسرائيلية، استهدفت بلدتها القديمة ومخيماتها الأربعة، وهي بلاطة أكبر مخيمات الضفة الغربية، ومخيمي عسكر القديم والجديد، ومخيم عين بيت الماء.