وحيدين
ضممتُ فمكِ
الّذي يجودُ بالكلام،
خشيةَ ندوبٍ تُعيقُهُ، فلا يُمطِرْ
...
قُبالةَ حَوْضٍ
تتغَوَّط طفلة
في ناحيتهِ الأخرى، بقلبٍ كمِدْ
كمْ كُنّا وحيدين
نتحسَّسُ الصَّمتْ.
...
في الوقتِ الّذي يعكِسُ الحَوْضَ
صورٌ كُنّا نراها تعيشُ فيه لبرهة
أرقبُ وجهكِ الّذي تبدّى عصيًّا على الوصف
كملحمةٍ تلتهمُ الوقتَ،
فيضانٌ جارفٌ
غرفةٌ مترهّلةٌ تغازلُ الزّمنَ كشيء ما
وأنتِ تعطين ظهركِ للغروب!
كنتُ أحترسُ من أصابعكِ
التي تنخُرُ التّرابَ ببطء.
...
بينما في النّاحيةِ الأخرى
تنظِّفُ الطّفلةُ - بأردافِها النّحيلة - الأرضَ
بتُّ التمسُ شرودي المُخاتل
وجعي الّذي يطعنُ في أنجيمينا القديمة
في سحر الغُروب الكاذب
ريثما يتعرّى تمامًا، من زيفهِ المُعتاد
ويحجبُ وجهكِ، سآخذُ حصتي
في تأمّلِ صورِ المدينةِ الحقّة.
...
وأنتِ تعطينَ ظهركِ للغُروبِ
لأشكالِهِ الهَشّة
وتنخرينَ بأصبعكِ الأرضَ
ظلَّ وجهكِ وحدَهُ،
يُحاكي المدينة بقلبٍ كمد
لا تزالُ الصّور عالقة مع الصمت.
لو
لو أعطيتُ مَساحةً
لحلمتُ بأكثر من أبي
لفكّرتُ في تجاوُزِ الغابَاتِ
لسيطرتُ على عَوالِمَ أخرى
في المحيطاتِ والبرِّ
لأسّستُ شراكات كثيرة.
لو استطاعوا فقط حمايتي
مِنْ هذا العداءِ البَشريّ الفتاكِ
حتّى أكبر
لحقّقتُ الكثيرَ الكثير.
...
على الأقلّ، لاستوعَبتُ الدّرس
وقطعتُ جذرَ أيّ تسوّس
يفكّرُ بشكلٍ مُخالِف،
ويسبب في إعاقة الطريق.
سأحلمُ
حسنًا
لا يزالُ هناكَ متّسعٌ منَ الوقت
لأحلمَ
ثمّة أوراقٌ وملاهٍ كثيرة
وأنا لا أجيدُ اللّعب
في ضاحية ما
أو في سلّة المهملات
طفلٌ ينمو على فضلاتِ الطّعام
ذلك أنه تخلّى عنهُ العالم
منذئذ
مع بقية قربَ جدارِ "مكتبة جامعة أنجمينا"
اتخذوا من ركنها مسكنًا، سقفُهُ السّماء
ولأنّه دومًا ما يعطيهُم ظهرُهُ
ذاكَ الجدارُ
لم يتخيّلوا ولا ليومٍ، وجههُ الّذي بالدّاخل
بيدَ أنّهُ رَحيم
إذ يضمُّ رامبو، وبودلير
وفيلا كوتي، وتشينو.
...
يضحكهُم بشدّة هذا الفراغ
مع جماعة، تربّت على الأكتاف بأغنية
يصغون لأغاني إذ تدوّي.
ودرويش يسترقُ النّظرات ببطء
من داخلِ المَكتبة
لا أحدَ كانَ يشكُّ في أنَّ تلكَ الجَماعة
سوف تأتي بشريعة جديدة.
...
على خطى سيزير وسنغور
كم تعثّر الأطفالُ ببابِ الجامعة،
وهم يمتهنونَ النّهوض
...
سأحلمُ
بذاكَ الجِدارِ الواقِفِ
على كثافَةِ الهَواءْ
سَكَارى مُسرنمين ببابِ الحانة
لأنّه لا مكانَ لهُم عندَ الإلهِ الّذي لا يفضّلُ المَرَح
كانوا يتغامَزُونَ ويقهقهون
لمراتٍ
يرقصون على هوى طبلةِ الأذن
دونَ موسيقى تُذكَرْ
ويشغلونَ مِساحاتِ الألم
بوابلٍ مِنْ مَطَرٍ خَفيفْ
لمرّاتْ.
...
حين لا أجد متّسعًا من الفراغ، لأحلم
سأرقصُ
ثمّة أشياءٌ كثيرةٌ لم أتعرّف عليها بعدُ
وقصاصات كثيرة لم أكتبها
وثوراتٌ، ماتت في رحمِ الأدغال
مدن، وقرى، وبنات...
وأغانٍ كثيرة، تخلّى عنها العالم، كتلك البقية
لأنها جاءت أسيرة هوى عجوز
تمقتُّ التخلّي عن طفلتها الّتي ترقص
كم كانت وفيّة لقلبها الذي لم تك صورته توافق المرآة.
...
في الوقت الذي يبحث العالم
في ذاك المكان الخرب، عن صورته
سيتيه عنها، مع أشياء كثيرة
غطت عليها الأدغال.