09-أكتوبر-2024
الإعلام الغربي

خلفت غارات مقاتلات الاحتلال دمارًا كبيرًا في ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تُعيد وسائل الإعلام الغربية تكرار السردية الإسرائيلية في العدوان الذي يستهدف لبنان، هي السردية ذاتها التي تعيد صياغتها منذ 369 يومًا من العدوان المتواصل على قطاع غزة، ليس القطاع فقط، بل عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما دفع بعديد الصحفيين والصحفيات إلى الاستقالة احتجاجًا على تزييف الإعلام الغربي لحملة الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي من فلسطين إلى لبنان.

ضمن هذا السياق، نشر موقع "مسبار"، المعني بفحص الحقيقة وكشف الكذب في الفضاء العمومي، تقريرًا بعنوان "على غرار تغطيتها لحرب غزة.. وسائل إعلام غربية تنحاز لإسرائيل في تقاريرها حول العدوان على لبنان"، يرصد "تحيز بعض وسائل الإعلام الغربية الكبرى لصالح إسرائيل في تغطيتها لمجريات الأحداث"، مضيفًا "كان هذا الانحياز واضحًا على مستويات عديدة كاللغة والأسلوب وعرض الحقائق".

"BBC" تنشر عنوانًا غامضًا

يفتتح "مسبار" تقريره منوهًا إلى أن "لعناوين الأخبار أهمية كبرى، وهي أول عنصر يتعرض له المتلقي، كثير من القراء يكتفون فقط بالتعرض وقراءة العنوان ولا يتابعون متن الخبر أو تفاصيله، وفقًا لدراسة فإن 59% من الأشخاص (عيّنة الدراسة) يقرؤون العنوان على منصات التواصل الاجتماعي دون أن يقرؤوا كلمة واحدة من النص".

عناوين الأخبار هي أول عنصر يتعرض له المتلقي، كثير من القراء يكتفون فقط بالتعرض وقراءة العنوان ولا يتابعون متن الخبر أو تفاصيله

وبحسب الموقع ذاته، "كثير منهم يشاركون الخبر بناء على العنوان أو الصورة المرفقة به"، مضيفًا " لهذا تلعب العناوين دورًا كبيرًا في تشكيل تصور القراء للمحتوى. وإذا كانت متحيزة أو غامضة، فقد تشوه الحقيقة وتخلق تصورات غير دقيقة".

وعلى هذا الأساس، يقول "مسبار"، إنه "في 26 أيلول/سبتمبر الفائت، وخلال تغطيتها للضربات الجوية الإسرائيلية على لبنان، نشرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) خبرًا يحمل عنوانًا غامضًا ومضللًا. كان العنوان: "القنابل في كل مكان-الناس يفرون من الضربات الجوية في لبنان"، تغاضى العنوان عن الإشارة إلى الفاعل الحقيقي وراء تلك الضربات، وهو إسرائيل".

ويضيف "مسبار"، بأنه "على نحو مماثل، قامت ABC News بعنونة العديد من الأخبار المتعلقة بتعرض لبنان لضربات جوية، وإغفال حقائق أساسية، إذ كانت عناوين الوكالة تفتقر إلى الإشارة إلى الجهة التي نفذت عمليات القصف، أي إسرائيل. حتى في مقدمة الخبر، كانت الضربات توصف وكأنها مجهولة المصدر".

تحيز "فوكس نيوز" لصالح "إسرائيل"

ويتناول "مسبار" في إطار رصده للإعلام الغربي تغطية قناة "فوكس نيوز" للأحداث في لبنان، والتي يصفها بأنها "كانت متحيزة بشكل واضح لصالح إسرائيل، مقارنةً بغيرها من وسائل الإعلام الغربية، إذ ركزت القناة على تبني الرواية الإسرائيلية الرسمية، وحجبت عن المتلقي وجهات النظر الأخرى".

ويقول إنه في تغطيتها لأخبار العدوان على غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023: "تجاهلت فوكس نيوز الرواية الفلسطينية تمامًا، واستمر هذا النمط في تقاريرها عن لبنان، إذ تركزت العناوين الرئيسية على تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، والتركيز على تكرار مصطلحات مثل "الإرهاب" و"الإرهابيين" في العناوين الرئيسية، مع تجنب الإشارة إلى المدنيين وأعداد القتلى منهم، أو حالات النزوح أو تدمير المنازل".

ويعتبر "مسبار" أن "هذا النهج يعكس انحيازًا مهنيًا واضحًا، إذ يتجاهل التوازن والموضوعية الضروريتان في عرض الأحداث، مما يفقد التغطية صدقيتها ويجعلها تفتقر إلى المعلومات الحيوية اللازمة لتكوين صورة متكاملة وشفافة".

نهج مضلل للأخبار 

ويعلق "مسبار" على هذا النهج في صياغة الأخبار بالقول إنه: "قد يعد مضللًا لأسباب عدة. إن عدم ذكر مصدر القصف بشكل صريح يحجب جزءًا جوهريًا من القصة، ويؤدي إلى ضبابية في فهم المتلقي للحدث، مما يضعف من إمكانية إدراكه للسياق السياسي والعسكري الحقيقي".

ويوضح "مسبار" أنه "عندما لا يتم توضيح الطرف المعتدي، قد يتم استنتاج أسباب خاطئة عن طبيعة الأحداث، مما يفتح الباب أمام التفسيرات المضللة، خاصة بالنسبة للمتلقي الغربي البعيد عن المنطقة الجغرافية التي تدور بها الأحداث".

ويؤكد الموقع المعني بفحص الحقائق أن هذا النوع من العناوين "يخلق إحساسًا بالتكافؤ بين الطرفين، وكأن الضربات الجوية جزء من حالة عامة من الفوضى أو العنف، دون التمييز بين المعتدي والمعتدى عليه"، موضحًا أن "هذا من شأنه أيضًا تقليل المسؤولية التي يتحملها الطرف المتسبب في هذه الهجمات، وهو في هذه الحالة إسرائيل، ما قد يؤثر على الرأي العام العالمي، وخاصة الغربي، وقد يخفف من وطأة الإدانات الدولية للانتهاكات".

وكانت سلسلة تحقيقات نشرها "مسبار" قد أشارت إلى أن "العديد من وسائل الإعلام التي كانت تدعي المهنية، الشفافية، والحياد، وقعت في فخ هذا التحيز في ظل أحداث سياسية كبرى وضعتها تحت الاختبار، كالحرب على غزة".