رغم مشاركاته القليلة في نهائيات كأس العالم، استطاع منتخب غانا أن يلفت الأنظار إليه بتحقيقه نتائج مبهرة، وأرقامًا مميزة أمام خصوم قوية، ولها تاريخ كبير في عالم الساحرة المستديرة.
سجل "البلاك ستارز" حضورهم في ثلاث مناسبات سابقة من البطولة العالمية، وتواجدهم في قطر يُمثل فرصة مناسبة لاستعادة الذكريات الجميلة لهم في مونديالي 2006 و2010، عقب ظهور مخيب في 2014، وفشل في بلوغ نسخة 2018.
تلعب غانا في كأس العالم 2022 ضمن المجموعة الثامنة، حيث أوقعتها القرعة في مواجهات قوية مع البرتغال وكوريا الجنوبية وأوروغواي، هذه الأخيرة تسببت بمرارة كبير للنجوم السمراء قبل حوالي 12 عامًا، وحرمتهم من تحقيق إنجاز تاريخي لم يصل إليه منتخب إفريقي من قبل.
أول المتأهلين من إفريقيا
خاضت غانا مشوار التصفيات الإفريقية المؤهلة إلى مونديال قطر 2022 بداية من الدور الثاني، في مجموعة تضم إلى جانبها كل من، جنوب إفريقيا، وإثيوبيا، وزيمبابوي. وانتزع المنتخب الغاني بطاقة العبور إلى الدور النهائي بعد منافسة شرسة مع جنوب أفريقيا، باحتلاله صدارة المجموعة برصيد 13 نقطة حصدها من 4 انتصارات وتعادل وهزيمة واحدة، متقدما بفارق الأهداف المسجلة (7 له مقابل 6 لمنافسه الجنوب إفريقي).
وواجهت غانا في الدور الحاسم نظيرتها نيجيريا، حيث خيم التعادل السلبي على نتيجة مباراة الذهاب التي أقيمت في مدينة كوماسي، قبل أن يفرض "البلاك ستارز" التعادل بهدفٍ لمثله إيابًا على ملعب "أبوجا"، ليبلغوا النهائيات العالمية كأول المنتخبات الأفريقية، ثم لحق بهم منتخبات تونس، والمغرب، والكاميرون، والسنغال.
حضور لافت
انتظرت غانا حتى النسخة الـ 18 التي أقيمت في ألمانيا صيف 2006 لتعلن عن أول مشاركة لها في نهائيات كأس العالم، في حضور لافت مكنها من بلوغ الدور الثاني قبل خروجها على يد البرازيل بثلاثية نظيفة.
في أولى مبارياته واجه منتخب غانا نظيره الإيطالي، المنتخب الذي توج لاحقا بكأس البطولة، وخسر أمامه بهدفين دون رد، ثم تغلب على التشيك بهدفين نظيفين وعلى الولايات المتحدة الأمريكية بهدفين لواحد، واحتل المركز الثاني خلف أبطال العالم.
المشاركة الأبرز لغانا كانت في مونديال جارتها جنوب إفريقيا عام 2010، حينها تأهلت كثاني المجموعة الرابعة بعد ألمانيا المتصدرة، ولعبت في دور الـ 16 مع الولايات المتحدة وانتصرت عليها بهدفين لهدف، لتصبح ثالث بلد إفريقي بعد الكاميرون (1990) والسنغال (2002) يبلغ ربع نهائي البطولة.
النجوم السمراء ودعوا المونديال الإفريقي بطريقة دراماتيكية أمام أوروغواي، وذلك بعد أن منع لويس سواريز فرصة هدف محقق لمنتخب غانا بإبعاده الكرة بيده من على خط مرماه، قام الحكم على إثرها بطرده واحتساب ركلة جزاء أهدرها جيان أسامواه في الدقيقة الأخيرة من الشوط الإضافي الثاني، ليمر المنتخبان للركلات الترجيحية التي ابتسمت للمنتخب اللاتيني، ومنعت غانا من بلوغ الدور نصف نهائي.
وفي آخر ظهور لها لم تتمكن غانا من تأكيد تميزها، وأُقصيت من البطولة بعد هزيمتين من البرتغال والولايات المتحدة (1-2)، وتعادل جاء بهدفين لمثلهما أمام ألمانيا التي نالت اللقب في ختام مونديال البرازيل 2014.
خاض المنتخب الغاني 12 مباراة في مجمل مشاركاته المونديالية، حقق الفوز في 4 مناسبات، مقابل 3 تعادلات و5 خسارات، وسجل 13 هدفًا مقابل 16 هدفًا تلقاها في مرماه.
طموح وعمل كبيرين
تعود غانا بعد غياب عن مونديال روسيا الأخير برغبة كبيرة للتعويض والذهاب بعيدًا في النسخة القطرية من كأس العالم، وربما الوصول إلى ما حققته في جنوب إفريقيا، هذا الطموح يُلاقي دعما كبيرًا من مسؤولي اللعبة في البلاد ومن الجماهير، وأيضًا من رئيس الدولة الذي أطلق تصريحات نارية ذهب بها إلى ترشيح "البلاك ستارز" للفوز باللقب.
في غانا يسود التفاؤل بتقديم مستوى مميز في المونديال، الجميع بالنظر إلى تشكيلة المنتخب الحالي والتي تجمع بين أسماء الشابة الموهوبة أمثال محمد قدوس وفيليكس أفينا جيان، وأخرى ذات خبرة كبيرة كانت من بين من كتبوا التاريخ في 2014، والحديث هنا عن لاعب الوسط أندريه آيو والمدافع جوناثان مينساه. وهناك أيضًا إدريسا بابا محمد لاعب مايوركا الإسباني، و ودانيال أمارتاي من ليستر الإنجليزي، وطاريق لامبتي متوسط ميدان برايتون، وتوماس بارتي المتألق مع متصدر الدوري الإنجليزي أرسنال.
يضاف إلى ذلك نجاح الاتحاد الغاني في استقطاب لاعبين مميزين من أصول غانية ينشطون في أقوى الدوريات الكبرى وإقناعهم في تمثيل "البلاك ستارز" في الاستحقاق الكروي الأهم على الساحة العالمية. أسماء من قيمة إينياكي ويليامز نجم أتلتيك بيلباو الإسباني والمولود في إقليم الباسك، إلى جانب طارق لامبتي ظهير برايتون، وكالوم هادسون أودوي جناح تشيلسي، والصاعد إيدي نكيتياه مهاجم أرسنال، ومحمد ساليسو من ساوثهامبتون، في الدوري الإنجليزي، جميعهم قبلوا ارتداء قميص منتخب غانا مع لاعبين مميزين أيضًا في الدوري الألماني هم، ستيفان أمبروسيوس (هامبورغ) ورانسفورد يبواه كونيغسدورفر (هامبورغ)، وباتريك فايفر (دارمشتاد).
الاتحاد الغاني وضع بين أيدي المدرب أوتو أدّو تشكيلة من اللاعبين المميزين بخصائص مختلفة قادرة على المنافسة في أصعب المواقف، والمتبقي فقط هو اكتشاف الخلطة السحرية داخل الملعب أمام خصوم متمرسين في البطولات والمواعيد الكبرى.
خلال التصفيات أظهر المنتخب الغاني ضعف واضح في الخط الهجومي مع غياب المهاجم الصريح الفعال أمام المرمى، حيث سجل النجوم السمراء 7 أهداف فقط وهي أضعف حصيلة لمنتخب إفريقي تأهل للمونديال، الأمر الذي قد يجد أوتو أدّو حلًا له بعد استدعاء ويليامز ونكيتياه. أما في خطي الوسط والدفاع فالأمور تبدو جيدة إلى حد كبير في ظل اللياقة العالية والقوة البدنية التي يتمتع بها عناصر المركزين، إلى جانب المهارة الفردية لدى آيو وكالوم هادسون ولامبتي.
وتستهل غانا مشاركتها في مونديال قطر بملاقاة البرتغال يوم 24 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، ثم يلاقي النجوم السمراء منتخب كوريا الجنوبية يوم 28 من الشهر ذاته، قبل أن يختتم دور المجموعات بلقاء ثأري مع الأوروغواي في 2 كانون الأول/ديسمبر .
