تتأهب البرتغال للظهور الثامن لها في نهائيات كأس العالم، بعدما حجزت مقعدًا لها بين المشاركين الـ 32 في مونديال قطر 2022، بقيادة أفضل من أنجبت الكرة البرتغالية إلى يومنا هذا، النجم كريستيانو رونالدو، الذي يبحث عن معانقة المجد العالمي في آخر تواجد مونديالي له.
خلال مشاركاته السبع السابقة، فشل المنتخب البرتغالي في الاقتراب من اللقب، وكان الإنجاز الأكبر لـ "برازيل أوروبا" هو تحقيق المركز الثالث في نسخة إنجلترا عام 1966، على الرغم من تواجد نجوم كبار ارتدوا القميص العنابي في مراحل مختلفة، بداية من "الفهد الأسمر" أوزيبيو، مرورًا بجيل لويس فيغو وروي كوستا، نهاية بابن ماديرا رونالدو ورفاقه.
في المونديال القطري القادم تتواجد البرتغال إلى جانب منتخبات أخرى ضمن قائمة المرشحين للظفر بالكأس الذهبية، وقد وضعتها القرعة في المجموعة الثامنة في منافسة قوية مع أوروغواي وغانا وكوريا الجنوبية.
تأهل عبر الملحق
لم يكن تأهل البرتغال إلى مونديال قطر بالأمر السهل، إذ أجبرت كتيبة المدرب فرناندو سانتوس على خوض الملحق الأوروبي بعد أن حلت ثانية في المجموعة الأولى خلف صربيا المتصدرة. خلال التصفيات لعب المنتخب البرتغالي 8 مباريات فاز في 5 منها وتعادل مرتين مقابل هزيمة واحدة جاءت أمام نظيره الصربي بهدف لاثنين في الجولة العاشرة والأخيرة.
القلق تسرب إلى قلوب الجماهير البرتغالية خشية عدم تمكن أبطال أوروبا عام 2016، من بلوغ النهائيات العالمية بعد أن أوقعتهم القرعة في مسار واحد مع إيطاليا وتركيا ومقدونيا الشمالية، في المواجهة الأولى تغلبت البرتغال على تركيا بثلاثة أهداف لواحد، ثم لعبت ضد مقدونيا الشمالية، التي حققت المفاجأة وأقصت إيطاليا، وهزمتها بهدفين نظيفين.
تاريخ مونديال مقلق
بالنسبة لمدرسة كروية مثل البرتغال، خرّجت أسماءً ونجومًا كبيرة برزت بقوة في الساحة العالمية، فإن ما تحقق "لبرازيل أوروبا" من إنجازات في بطولة كأس العالم لا يرقى لمستوى التطلعات، وهو ما ينظر إليه عشاق ومتابعي المنتخب البرتغالي بقلق كبير، خشية إخفاق جديد ممكن أن يتكرر في المونديال القادم في قطر.
ظهرت البرتغال لأول مرة في نهائيات كأس العالم عام 1966 في مونديال إنجلترا، وحينها أبلت بلاءً حسنا في الدور الأول الذي تصدرت خلاله المجموعة الثالثة بالعلامة الكاملة على حساب هنغاريا والبرازيل وبلغاريا، ثم تجاوزت كوريا الشمالية في ربع النهائي، قبل أن تخسر أمام البطلة إنجلترا في نصف النهائي، وتحتل بعدها المركز الثالث عقب فوزها على الاتحاد السوفيتي.
البرتغال غابت بعد ذلك عن أربع نسخ متتالية لتتواجد في مونديال المكسيك 1986، لكنها ودعت المنافسات من الدور الأول إثر خسارتها أمام المغرب وبولندا مقابل فوز وحيد حققته على إنجلترا.
وفي كوريا الجنوبية واليابان، كرر المنتخب البرتغالي إخفاقه، وخرج من دور المجموعات أيضًا في واحدة من أكبر مفاجآت المونديال الآسيوي، عطفا على الأسماء الكبيرة التي كانت تضمها تشكيلة المدرب أنطونيو أوليفيرا حينها، أمثال، فرناندو كوتو، بابلو سوزا، سيرجيو كونسيساو، نونو غوميش، بيدرو باوليتا، والنجم الكبير لويس فيغو.
عقب الفشل الذريع في 2002، تسلم البرازيلي لويز فيليبي سكولاري زمام الإدارة الفنية للمنتخب البرتغالي، وقاده إلى احتلال المركز الرابع في مونديال ألمانيا 2006، بعد خسارة النصف نهائي أمام فرنسا بهدف دون رد.
في مونديال جنوب إفريقيا 2010 لم تكن البرتغال بمستوى الآمال المنعقدة عليها، وودعت البطولة من الدور الثاني بعدما سقطت أمام إسبانيا بطلة تلك النسخة بهدف ألفارو موراتا، ليأتي مونديال البرازيل 2014 بخيمة أكبر للبرتغاليين، إذ خرج رونالدو وزملائه من الدور الأول بهزيمتين وتعادل.
أما في مشاركتها الأخيرة في مونديال روسيا 2018، لعبت البرتغال 4 مباريات فازت في واحدة وتعادلت في مناسبتين قبل أن تنهزم أمام أوروغواي وتغادر النهائيات من الدور الثاني. لعب المنتخب البرتغالي بمجمل مشاركاته المونديالية 30 مباراة، وحقق 14 انتصارًا مقابل 6 تعادلات و10 خسارات، وسجل 49 هدفًا وتلقت شباكه 35 هدفًا.
التعويل على رونالدو
يخوض رونالدو المونديال الخامس له رفقة منتخب بلاده، وعلى الأغلب سيكون التواجد في قطر هو الأخير للنجم البرتغالي في بطولة كأس العالم، الأمر الذي يُعطي ذو 37 عامًا دافعًا كبيرًا لتقديم أقصى ما لديه من إمكانيات لتحقيق المطلوب، وهو الظفر باللقب المستعصي على البرتغاليين.
استطاع رونالدو أن يُسجل 7 أهداف خلال مشاركاته الأربع السابقة في البطولة، وإذا ما نجح في هز الشباك للمونديال الخامس على التوالي، سيكون أول لاعب يُحقق هذا الإنجاز عبر التاريخ، هذا إلى جانب كونه الهداف التاريخي للمنتخب البرتغالي (117 هدفُا) وأكثر من مثله (191 مباراة).
لم يعد رونالدو كما كان سابقًا قبل عدة مواسم، فمع تقدمه في العمر خسر "الدون" بعض الخصائص المهمة، حيث لم يعد سريعًا مثلما كان، وليس بنفس القوة المعهودة عنه، لكنه لا زال يتمتع بمستوى كبير وعلى درجة عالية من الاحتراف داخل وخارج المستطيل الأخضر، وهو قادر على مساعدة المنتخب لتحقيق شيء ما في ظهوره العالمي الأخير.
البرتغال تعول كثيرًا على رونالدو في المقام الأول، لكن هناك أيضًا مجموعة من المواهب والأسماء الكبيرة تتضمنها قائمة المنتخب تحت قيادة فرناندو سانتوس، الذي تسلم مهامه منذ 23 أيلول/سبتمبر 2014، خلفًا لمواطنه باولو بينتو، واستطاعت "برازيل أوروبا" معه تحقيق أول ألقابهم القارية بالفوز ببطولة أمم أوروبا عام 2016، ودوري الأمم الأوروبية في نسختها الأولى عام 2019.
أسماء مثل، جواو كانسيلو لاعب مانشستر سيتي، و برونو فرنانديز متوسط ميدان مانشستر يونايتد، والمدافع روبن دياز والجناح برناردو سيلفا مع سيتي أيضًا، إلى جانب رافائيل لياو من ميلان، والمتألق مع نابولي ماريو روي، وجواو فيليكس نجم أتلتيكو مدريد، جميعهم يُعدون من بين الأفضل في مراكزهم على مستوى العالم، ولديهم امكانيات كبيرة وقدرة على قلب الموازين أمام أي منافس.
ينتهج سانتوس أسلوب لعب دفاعي صنع من خلاله نجاحًا كبيرًا في البداية مع المنتخب البرتغالي، لكنه في الوقت الحالي يواجه انتقادًا واسعًا داخل البرتغال وخارجها، خصوصا بعد الإقصاء المبكر مونديال روسيا وأمم أوروبا "يورو 2020" وكذلك النسختين الأخيرتين من دوري الأمم الأوروبية، إضافة إلى التأهل الصعب إلى مونديال قطر 2022.
وبات البعض ينظر إلى سانتوس بأنه نقطة الضعف والمشكلة التي قد تعيق البرتغال في طريقها نحو الفوز بأمجد الكؤوس، وذلك نظرًا للخطة التي يتبعها في إدارة لاعبين يمتلكون خصائص هجومية مميزة أثبتت جودتها مع أنديتها في الدوريات المحلية أو القارية.
رغم كل هذا ووسط كل هذه المقاومة، يحافظ سانتوس على هدوء كبير يُشهد له، في عدم إدخال أجواء المنتخب في نفق التوتر قبل انطلاق المونديال، ودائمًا ما يخرج بتصاريح إيجابية مليئة بالثقة عن ما هو قادم في المستقبل.
المنتخب البرتغالي يبدأ مشاركته في مونديال قطر 2022 بمواجهة غانا في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، وبعد 4 أيام يلتقي الأوروغواي في مواجهة ثأرية بامتياز، ثم يختتم دور المجموعات يوم 2 كانون الأول/ديسمبر بمواجهة كوريا الجنوبية.