منذ معارك تدمير حلب في النصف الثاني من العام 2012، التي انطلقت بعد تدمير حمص، وحلب دخلت في المعادلة التي دخلتها قبلها حمص ودرعا وإدلب، هذه المعادلة التي يمكن اختصارها فيما يمكن أن نسميه "الفيزياء السياسية" بـ معادلة (T+T =T)، وبرأيي أن هذه النظرية هي الرديف الأساسي لنظرية الفوضى الخلاقة، لأنها تخلط الحابل بالنابل وتدخل الناس بالتيه وعدم معرفة عدوهم من صديقهم إلا بعد حدوث الكارثة المخطط لها.
معادلة تحرير + تطهير= تدمير.. أسّس لها النظام وعلى أثرها فكك سوريا ودمرها
في الفيزياء السياسية، لا بد أولًا من تحضير المختبر الذي ستجري فيه صياغة معادلة (T +T =T)، في سوريا مثلًا كما في ليبيا، بدأت المظاهرات في سوريا المطالبة بالحرية بالكرامة، السلطة عجزت عن مواجهة الكلمة بالكلمة فاعتمدت خيار مواجهة الكلمة بالرصاص، لا بد إذًا من تشويه الثورة، كيف؟ كان الأمر بسيطًا، مجموعات مسلحة عرفت باسم "المندسين" كانوا قلة قليلة لا تذكر، باعتراف رأس السلطة في سوريا بشار الأسد في خطابه الأول والثاني، قاموا بإطلاق النار على قوات حفظ النظام وكان على السلطة مواجهتهم والرد على الرصاص بالرصاص، توسعت العمليات فدخل الجيش إلى ميدان المعركة مع "المندسين" من لم يرض من ضباطه انشق عن الجيش وشكل تجمعًا للضباط الأحرار.
اقرأ/ي أيضًا: الهدنة الروسية الأمريكية.. طبخة السم
أول مراسيم العفو كان إطلاق سجناء صيدنايا من أصحاب الجرائم في عالم المخدرات والقتل والمتطرفين، كانت الأمور تسير كما يريد النظام والقوى التي تدعمه في ظل معارضة ممزقة مشتتة، داخل تجمع الضباط الأحرار "اندس" المتطرفون من عناصر القاعدة والجماعات المتطرفة، فكانوا نواة لتشكيل "جبهة النصرة" القاعدية، التي كانت بدورها "المختبر" الذي نما في حضنه الوحش القادم من رحم الظلام "داعش".
ما كان يجري في غياهب جسد المعارضة المسلحة كان يواكبه "عمليات عسكرية مدروسة" لجيش نظامي له مرجعية غير قابلة للاختراق، خلالها كانت الاستراتيجية العسكرية لمعادلة الدمار المرعب الذي لحق في سوريا هي: تحرير + تطهير = تدمير، وهو ما يمكن اختصاره بمعادلة (T+T =T).
اليوم دخلت سوريا منعطفًا جديدًا مع البدء بتطبيق اتفاقية "هدنة وقف إطلاق النار" لأن ما سيجري الفترة اللاحقة هي "مواجهة" مخترقي الهدنة، وهذا لن يتم إلا بتطبيق معادلة الدمار الشيطانية (T+T=T). غدًا وبعد اعتياد الناس على ما يسمى "الهدنة" الأمريكية الروسية سيتم الآتي: ستظهر داعش أو النصرة فجأة في أحياء حلب، أو أي منطقة أخرى يختارها اللاعبون الدوليون، شرط ألا تكون تحت سيطرة النظام ولا القاعدة، فتنهال عليها طائرات التحالف وطائرات روسيا دمارًا وتفكيكًا.
هدنة وقف إطلاق النار هي "فخ" على من يريد اللعب معها أن يتحمل نيرانها
معادلة تحرير + تطهير= تدمير التي أسس لها النظام وعلى أثرها فكك سوريا ودمرها، انتقلت اليوم من الوكيل الحصري إلى أصحاب الصفقة المخربون، لأن المرحلة القادمة تتطلب تقاسم "دمنا بين القبائل"، كي تتواصل المجزرة فإرث الدم ثقيل ولعنة الدم ستكون أكبر من أن تتحملها دولة واحدة.
ومن ناحية أخرى، أظن وليس كل الظن إثم، أن قائمة التنظيمات الإرهابية في سوريا ستصيغها هدنة وقف إطلاق النار؛ ولذلك تأخر صدورها، فأي طرف سيساند النصرة أو داعش سيصنف مثلهم وتوجه نيران التحالف ضده لرفع العتب عن الأردن ومنع إحراجه واستهدافه من قبل من سيصنفهم إرهابيًا.
بمعنى آخر ستكون الهدنة هي المحدد لتقول للفصائل أنتم من صنفتم أنفسكم وانضويتم تحت لواء القاعدة، واخترتم المواجهة مع المجتمع الدولي، لذلك فإن هدنة وقف إطلاق النار هي "فخ" على من يريد اللعب معها أن يتحمل نيرانها.
اقرأ/ي أيضًا: