تعمد هوليوود في إنتاجها أفلامًا تتمحور حول الجيش الأمريكي، إلى إظهار عناصره كأبطالٍ لا يهزمون، ينتصرون دائمًا في نهاية المطاف على الشر، والشر بتعريف هوليوود، هو كل من يعادي توجهات الحكومة الأمريكية، فالشّر هو طفلٌ عراقي، أو مقاومٌ أفغاني، حمل السّلاح للدفاع عن نفسه ووطنه. وكريس كايل، الشّخصية البطلة في فيلم "القنّاص الأمريكي" ليس إلّا واحدًا من شخصيات هوليوود التّرويجية.
تجاهلت البحرية الأمريكية عديد المغالطات في كتاب "القناص الأمريكي" لأن الكتاب يفيدها من حيث الترويج، ورفع معنويات الجنود
كريس كايل، القنّاص الأمريكي الأشهر، صاحب السّجل الأغنى من حيث عدد الضحايا، وحكايته هي حكاية شرف، انتصار، وفاء وبطولة صرفة من المنظور الأمريكي ووفق ما روته هوليود. هي القصة التي باعت أكثر من مليون نسخة، وأصبح الفيلم المقتبس عنها من أفضل الأفلام في تاريخ المؤسسة العسكرية، ونال شهرةً عالميةً واسعة.
اقرأ/ي أيضًا: غطفان غنوم.. متوجًا في "هوليوود للأفلام المستقلة"
زعم كايل أنّه، كجندي في البحرية، حاز على نجمتين فضّيتين و5 نجومٍ برونزية، ودوّن ذلك في كتابه. لكنه زوّر الحقيقة، فحسب مستندات داخليةٍ مسرّبة من البحرية الأمريكية، حصد كايل طوال عشر سنواتٍ من الخدمة، على نجمة فضّية واحدة وثلاث نجومٍ برونزية فقط. ومع أنه تلقّى عدّة تحذيراتٍ قبل نشره كتابه من أن المعلومات مغلوطة، لكنّه لم يهتمّ، ولم يبدّلها، بل أبقى عليها وتجاهلت البحرية الأمريكية ذلك لأن الكتاب يفيدها من حيث التّرويج، ورفع معنويات الجنود، لا سيما المقاتلين في العراق وأفغانستان، غضّت الطّرف عن مغالطات الكتاب، وساهمت في إنتاج الفيلم وحبك قصّته، متجاهلة مطالبة رفاق السّلاح والمشرفين على كايل بتعديل النّص قبل النشر.
رواية كايل المتناقضة تثير العديد من الشّكوك حول مصداقية قصّته بالأصل، وبالتّالي مصداقية المؤسسة العسكرية الأمريكية
اقرأ/ي أيضًا: Star Wars.. نجاح أسطوري ولديزني المليارات
زملاء كايل لا ينفون سجلّهم أو "بطولته" في الميدان، لكن يعتبرون التّباهي بالإنجازات وعدد الميداليات بمثابة الخطأ المهني فيما يخصّ الشّرف، فالقتل، حتّى ولو لعدو، ليس مفخرةً بل ضرورة ميدانية برأيهم، وبالتّالي، عدد الميداليات، الصّحيح أو المغلوط، ليس مادةً للاتجار والدّعاية. الميدالية الفضية تعتبر ثالث تقديرٍ من حيث المرتبة في سلّم الرتب والتّقديرات الخاصّ بالمؤسسة العسكرية الأمريكية، والحائز عليها يكسب مرتبة شرف لا أكثر.
رواية كايل المتناقضة تثير العديد من الشّكوك حول مصداقية قصّته بالأصل، وبالتّالي مصداقية المؤسسة العسكرية الأمريكية، فمعظم القصص المنشورة للبحرية وغيرها، أصبحت مصدر شكّ، من "رامبو" إلى غيره من الإصدارات، ولهذا انعكاسٌ على المؤسسة العسكرية نفسها، فوضع سجلّاتها موضع تشكيك سيضرب مصداقية عناصرها ويحوّل مهامهم لنقاطٍ جدلية، ستؤثّر على سمعتهم وإنجازاتهم ودورهم في حماية "المجتمع الأمريكي".
المشكلة المثارة الآن تكمن في الجدل حول سجّلات البحرية، لا دور البحرية بشكلٍ عام، فكايل قتل مقاومًا يدافع عن بلده في الفيلم، وقتل طفلًا أمام أعين أهله، مع ذلك، ظهر بطلًا وصُدّرت قصّته للشرق الأوسط، ومناطق النّزاع التي أوغل الأمريكي في قتل أبنائها.
اقرأ/ي أيضًا: