تنطلق مساء اليوم الثلاثاء، 14 أيار/مايو الجاري، فعاليات النسخة الـ77 من "مهرجان كان السينمائي" الذي يتواصل حتى الـ25 من الشهر نفسه، ويشهد عرض العديد من الأفلام المهمة والمنتظرة، إلى جانب عدة فعاليات سينمائية وفنية مميزة.
يُفتتح المهرجان بالعرض العالمي الأول لفيلم "Le deuxième acte" (الفصل الثاني) للمخرج الفرنسي كوينتن دوبيو. لكن أنظار عشّاق الفن السابع تتجه نحو فيلم "ميغالوبوليس" للمخرج الأميركي فرانسيس فورد كوبولا، صاحب التحفة السينمائية الخالدة "ثلاثية العرّاب".
سيُعرض الفيلم المُنتظر يوم الجمعة القادم، بعد أكثر من 40 عامًا من الانتظار. وبحسب صحيفة "الغارديان"، فقد أمضى المخرج الأميركي أكثر من نصف حياته لصناعة الفيلم الذي أنفق عليه 120 مليون دولار من مالهُ الخاص عندما لم يجد من يموّله.
أُنجز الفيلم بعد حوالي 300 عملية إعادة كتابة، و40 عامًا من التحضير، و120 مليون دولار أنفقها كوبولا من ماله الخاص عندما لم يجد من يموّله
وقالت الصحيفة البريطانية، في تقرير عن ظروف تصوير وإنتاج الفيلم، إن كوبولا ظل يحاول إنتاجه لأكثر من 40 عامًا شهد المشروع خلالها عددًا لا يحصى من عمليات إعادة الكتابة، والتأخير، والبدايات الخاطئة.
وأشارت أيضًا إلى أن الفيلم لم يكن ليوجد لو لم يقم كوبولا ببيع جزء من ممتلكاته لتمويله. لذا، يبدو الفيلم، الذي يوصف بأنه ملحمة خيال علمي، بمثابة تحدٍ شديد الأهمية لمخرجه، فإما أن يكون تحفة فنية تُختتم بها مسيرته أو فيلم سيئ ومحرج.
وسبق أن وصف كوبولا الفيلم، الذي كتب نصّه أيضًا، بأنه آخر أحلامه. وقد خطرت له فكرته أثناء إنتاج فيلم "القيامة الآن" مدفوعًا بمخاوفه بشأن الإمبريالية الأميركية، وقد صاغه على شكل: "ملحمة رومانية تدور أحداثها في أميركا الحديثة"، حيث نقل مؤامرة الإطاحة بحكام الإمبراطورية الرومانية، عام 63 قبل الميلاد، إلى المستقبل.
تدور أحداث الفيلم حول مهندس معماري مثالي يحاول بناء مدينة فاضلة على أنقاض مدينة نيويورك، لكنه يصطدم برفض عمدة المدينة. ومن خلال هذه القصة، يتناول "ميغالوبوليس" موضوعات عديدة متعلقة بالسياسة والعرق والهندسة المعمارية والفلسفة والجنس والحب والولاء وغيره، بحسب "الغارديان".
وفي مقابلة معه سنة 1999، قال المخرج الأميركي حول الفيلم: "نحن نعرف بالفعل ما حدث لروما. أصبحت روما إمبراطورية فاشية. هل هذا ما سنصبح عليه؟".
ويأتي الفيلم بعد حوالي 300 عملية إعادة كتابة، و40 عامًا من التحضير، وبيع مصنع نبيذ لتمويله. وبحسب فريق العمل، فإن أجواء تصويره وإنتاجه كانت فوضوية ومشحونة، حيث أُهدر الكثير من الوقت والجهد، واستقال أفراد الطاقم الأساسيون في منتصف الطريق، كما جعل كوبولا الأمور أكثر تعقيدًا بإعادة تطوير العمل بصورة مستمرة.
ووجد الكثير من أفراد الفريق أن أسلوب كوبولا في العمل مثير للغضب، لا سيما أن كل شيء متعلق بالفيلم لم يكن مستقرًا وكان في حالة تطور مستمرة، حيث كان يطرح فكرة جديدة ومختلفة في كل اجتماع جديد له مع الفريق.
وقال أحد أعضاء فريق العمل إن كوبولا كان يأتي في الكثير من الأحيان إلى موقع التصوير دون وضع خطة، أو السماح لمعاونيه بوضع خطة، ولذلك كان يقضي ساعات متواصلة في مقطورته دون أن يفعل أي شيء، أو يتحدث مع أحد، ودون تصوير أي مشهد أيضًا، بينما ينتظره الجميع في الخارج.
وفي الكثير من الأيام، بعد قضاء ساعات طويلة دون فعل أي شيء واضح، كان الجميع يتساءل عما إذا كان كوبولا قد صنع فيلمًا من قبل.
وذكر أحد أعضاء الفريق، لـ"الغارديان"، أنهم كانوا يشعرون، في أحيان كثيرة، بأنهم يشاركون: "في ما قد يكون نهاية حزينة حقًا لمسيرته المهنية". فيما قال آخرون إن كوبولا: "كان مزعجًا جدًا تجاه الكثير من الأشخاص الذين كانوا يحاولون المساعدة في تسهيل العملية، والمساعدة في تحسين الفيلم".
مع ذلك، كان هناك من يشعر بأنه "جزء من التاريخ" في إشارة إلى أهمية الفيلم الذي وصفه المخرج غريغوري نافا بأنه: "تحفة رائعة وذات رؤية". ورأى أحد المشاهدين أنه: "يشبه أينشتاين والنسبية في عام 1905، وبيكاسو وغيرنيكا في عام 1937".
وبغض النظر عن نجاح الفيلم أو فشله، فإن ما يعني كوبولا في نهاية المطاف هو أنه فعل ما يريده وحقق أحد أهم أهداف حياته. وسبق أن قال: "لقد فعلت كل الأشياء التي قد يندم عليها الآخرون لأنهم لم يحاولوا فعلها".